الحسيني" أكبر وأقدم مساجد عمّان
الحسيني ... أكبر وأقدم مساجد عمّان
ينتهج الطراز العثماني في بنائه
تختصر بضع كلمات فسيفسائية تتصدر مدخل المسجد الحسيني وسط العاصمة الأردنية عمّان مكانته التاريخية الى جانب حضوره
الاسلامي بالغ الأهمية خلاصتها أنه أقدم وأكبر مساجد المدينة استنادا الى بنائه عام 1924 فوق مساحة تبلغ 2000 متر مربع
استكمالا لبقايا آخر سبقه في الموقع ذاته حددت وثائق الأمانة العامة الكبرى عودته الى منتصف القرن السادس الميلادي.
يأخذ المسجد المطل على شارع طلال وأسواق شعبية مجاورة شكلا موازيا للأضلاع يميل الى المستطيل نسبيا وواجهته الرئيسية
الخارجية رخامية وردية اللون يتجاوز ارتفاعها عشرين مترا تتقدمها أوسع أربع بوابات حديدية موزعة على جهاته المختلفة تتزين
بأقواس نصف دائرية، على جانبيها نوافذ مزركشة فيما ترتفع فوقها مئذنتان متفاوتتان، الأولى شرقية يناهز ارتفاعها 25 مترا
والثانية غربية تفوق سابقتها طولا وكل منهما مرصعة بزخارف لافتة خاصة عند شرفة الأذان.
ويقود المرور من البوابة الخارجية الى فناء واسع يتكون من صحن رئيسي مساحته 360 مترا مربعا تتوسطه مِيضاة ضمنها نافورة
على شكل مثمّن مغطاة بقبة ترتكز على عشرة أعمدة، وتحيط بالصحن ثلاثة أروقة بينما ينفرد بيت الصلاة الداخلي الأرضي على
مساحة قدرها 630 مترا مربعا ويطل من جهة القبلة منبر ومحراب أما القبة فتستند الى صفين من الأعمدة الحجرية وعلى الجانب
الأيمن بضع درجات تضع صاعدها على أعتاب طابق ثانٍ يماثل الأسفل تماما حتى في بروز السجاد الأخضر والأحمر، وكلاهما
يزدحم بالمصلين في شهر رمضان المبارك.
سبب التسمية
وأكد المهندس عماد حباشنة الباحث المعماري رصد وثائق ثابتة تبيّن انتهاج الطراز العثماني في تشييد المسجد الحسيني وفق أسلوب
يراعي احتفاظه بأجواء باردة خلال حرارة الطقس، لافتا الى أن اسمه أطلقه الملك المؤسس عبدالله الأول تيمّنا بوالده الحسين بن علي
بعد إعادة بنائه من دون إخلاله ببعض ركائز المسجد القديم الذي ذكرته مصادر تاريخية تحت عنوان “الأموي” و”العمري” و”الجامع”
المتداول حتى الآن لاستيعابه آلآف المصلين من خلال موقعه على طريق قريبة من مجمع الحافلات تكتظ بالجائلين والمتسوقين
والزائرين وأصحاب المحلات التجارية.
وأوضح حباشنة معطيات مشتركة بين النمطين الأصلي والحالي منها ولوج بيت الصلاة الواسع عبر ثلاثة أبواب شمالية أوسطها رئيسي
تتقدمه عتبات صغيرة مستقيمة ويعلوه عقد منبطح من “صنجات” ظاهرة وداخل المصلّى “بلاطات” عمودية باتجاه جدار القبلة كما تنتشر
بعض دعائم تتدلى منها عقود مرتفعة مدببة أما المحراب فمجوف يبلغ اتساعه 12 قدما ويلاصقه منبر وقور فيما تزيّن آيات قرآنية
مادتها الفسيفساء أطراف الزوايا العلوية لتضيف خشوعا يلف الأرجاء.
الصحن والمئذنة
وذكر حباشنة أن من علامات النظام القديم للمساجد الجامعة احتواء “الحسيني” على صحن حجري منحوت مستطيل ومكشوف تدور حوله
ثلاث “مجنبات” شرقا وغربا واتخاذ المئذنة الشرقية شكلا مربعا يدور داخلها سلّم قوامه 30 درجة متصاعدة تصل الى شرفة بارزة تدعى
“بيت الأذان” وفوقها تاج مرفوع على “مقرنصات” لها ثماني زوايا ويجاورها باب صغير يتصدره الشهادتان مكتوبتان بخط جميل.
وذكر حباشنة بعض المراجع للمسجد القديم من بينها “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم” للمؤرخ محمد المقدسي الذي وصفه بأنه “جامع بهي”
واعتبره ياقوت الحموي “تحفة فريدة رائعة” وأشار الرحالة الغربي كوندر في إصداره “بحث عن الشرق” الى مروره على “دار عبادة مذهلة”
معقبا حباشنة بأن المسجد الحالي أول مشروع عمراني في عمان منذ أصبحت عاصمة للأردن.
معلم حيوي
من جهته أشار الستيني فؤاد أبو طلبة صاحب محل أدوات تراثية قريب من المسجد الى تشكيل الأخير معلما حيويا وسط المنطقة الشعبية بدءا
من امتداد ساحته الخارجية “المبلّطة” الى حدود ملاصقة لمواقع قديمة حتى تدفق الناس من تجّار ومتسوقين وزائرين لأداء صلاة التراويح
خلال شهر رمضان المبارك.
ولفت التاجر الشعبي الخمسيني شاكر عثمان الى أن انتشار أسواق تراثية واسلامية مجاورة بينها “البخارية” و”الحميدية” و”اليمانية” يضفي
على المكان رونقا خاصا سيما مع انتشار محلات بيع المسابح والعطور الزيتية ودور كتب تقليدية وغيرها من المعطيات المتوافقة وأشار
عثمان الى توافد مجموعات من السائحين الأجانب لرصد الطابع المعماري الاسلامي للمسجد وتأثيره إيجابيا في محيطه.