مَن أمن العقوبة...
حادثة غريبة وقصة عجيبة، تحدث بيننا، وفي مستشفياتنا المزودة بأحدث الوسائل، والمجهزة بأرقى المباني، إنها قصة توضح مدى استهتار “البعض” وعدم اهتمامهم بصحة الناس، الذين يضعون حياتهم تحت تصرفهم وتحت مشورتهم الطبية..
والقصة باختصار يرويها لي أحد أقارب الحالة التي تعرضت لأقصى درجات الإهمال، وعدم الاهتمام وتقديم الرعاية الصحية اللازمة، حينما ذهبت إحدى قريباته إلى المستشفى، وهي على وشك الولادة، حيث استقبلها المستشفى يوم الجمعة الماضية في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً، إلا أن الدكتورة المناوبة في قسم الولادة أكدت لذويها أن تلك الآلام لا تدل على وجع الولادة، وإنما هي حالة طبيعية، مشددة على ضرورة تركها المستشفى وعودتها للمنزل، وحينما تشعر بما يسمى “طلق” الولادة عليها العودة للمستشفى. وبالرغم من أن الأخت الكريمة لم تكن تلك الولادة هي الأولى لها، فهي متيقنة من أن ما تشعر به من آلام وأوجاع هي آلام الولادة.. وفي تمام الساعة الثانية عشرة والنصف، أي بعد ساعة تقريباً من استقبالها طلب من زوجها رحيلها من المستشفى، “وبلاش دلع” مثل ما قالوا..
مما اضطر الزوج الخائف والمترقب لولادة زوجته إلى حمل زوجته على كرسي متحرك، لأنها كانت لا تقوى على الوقوف أو التحرك، حتى يستطيع نقلها من ذلك المستشفى للمنزل، وبعد نصف ساعة من وصولها إلى البيت فوجئ الزوج بأن زوجته قد وضعت في البيت، أي أنها لم تتلق أي إشراف طبي على ولادتها، ما خلق ربكة عائلية ولم يعرف أفراد العائلة كيف يتصرفون في تلك الحالة التي تعد نادرة في زماننا هذا.. وبادر الزوج بالاتصال بالمستشفى الذي يعمل تحت إدارة كبرى الشركات العالمية الطبية، والمصيبة أنهم لم يكترثوا بالاتصال، ولم يهبوا لمساعدة الحالة التي أمضت طيلة فترة حملها تراجع لعلاجها في ذلك المستشفى أولا بأول، وبعدما تلقى المستشفى خبر ولادة المرأة، أبدوا تذمرهم وعدم استعدادهم لإسعافها بحجة أن ذلك ليس من تخصصهم وعليهم اللجوء إلى الشرطة حتى يتم إسعافها عن طريق سيارات إسعاف الشرطة.. طبعا الولادة تمت بشكل مفاجئ ما عرض صحة الجنين للتدهور بسبب سوء الرعاية، كما تعرضت الأم لتدهور صحتها بسبب ولادتها التي لم تلق أي رعاية طبية.. والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف ستتم محاسبة المقصرين في عملهم في مثل هذه الحالة؟
تلك الفئة المقصرة تمادت في إهمالها لثقتهم بأنه لا توجد عقوبات ضدهم في حال تقصيرهم، ومن أمن العقوبة يفعل ما يحلو له، فمتى سيتم إصدار قانون “الأخطاء الطبية” الذي يضع حداً لتلك الأخطاء..