[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ماذا لو أصبحت الرؤية ممكنة دون عينين ؟ وإذا قام بعمل العينين جهاز الكتروني يوضع في الفم ويزود اللسان بإشارات تمكننا من السير والعينان مغمضتان.
في العصر الحديث عندما توصل الانسان الى فهم تشريح الدماغ واجزائه المسؤولة عن الإبصار والسمع وغيرهما من الحواس، تساءل أحدهم : اذا وصلنا العصب السمعي بمركز الابصار، والعصب البصري بمركز السمع في الدماغ، فهل سنسمع البرق ونشاهد الرعد ؟ والان مع التقدم المذهل الذي تحقق في مجال الالكترونيات، يبدو أن اللسان يقدم نفسه كبديل عن العينين بفضل مجس لساني، وهو نظام الكتروني طوره مختبر في مدينة غرنوبل الفرنسية وباحثون في مدينة منتريال الكندية.
جُرب النظام على ضريرين فتمكنوا من السير في طريق تناثرت فيه العوائق والحواجز. وبالطبع يشتمل النظام على آلة تصوير وحاسوب مرتبطين بالصفيحة الالكترونية المثبتة في الفم والتي تحتوي على بضع عشرات من الأقطاب الكهربائية، ودارة الكترونية وبطارية وهوائي راديو للاتصال مع الحاسوب. تعمل الاشارات التي يبثها النظام على اثارة وخزات في اللسان، كما لو أنه يتعرض لمادة لاذعة أو للسعات شراب غازي.
يتطلب استخدام النظام تدريبا خاصا وتركيزا من قبل من يستخدمه. يجب أن يفهم الرسالة التي تنقلها له الوخزات الموزعة فوق لسانه، والتي تمثل الجسم الذي يجري تصويره. وبعد التدرب والاستخدام لبضع ساعات، لا يعود المستخدم يفكر ويحلل ما يشعر به حتى يرى، بل تتشكل الصورة تلقائيا وفورا بمجرد شعوره بالوخزات على لسانه.
وقد استفاد من هذا النظام أطباء جراحون أثناء اجراء العمليات الجراحية. فالجراح مثلا يوجه مبضعه نحو الورم الذي يريد ازالته دون أن ينظر نحوه أو نحو شاشة تكبر الصورة. وانما يحدد مكان الورم بفضل الوخزات التي يسببها النظام للسانه. قبل نحو اربعين عاما قال الاميركي ''بول باشي ريتا'' أن الذي يبصر فعلا هو الدماغ وليس شبكية العين. وطبق فرضيته باستخدام أقطاب كهربائية وضعها على أسفل ظهر شخص أعمى منذ ولادته. في البداية فشلت التجربة اذ لم يستوعب الأعمى مدلولات الاشارات التي كان يتلقاها عبر الجهاز. ثم اعاد ريتا التجربة واضعا جهازه داخل الفم، تحت اللسان، لأن اللسان يحتوي على اعصاب حس أكثر، كما أن اللعاب يضمن توصيلا كهربائيا أفضل بين الاقطاب واللسان.
لم تثبت فرضية ريتا فعلا إلا عام 2005 في منتريال، حين جُربت على عميان أثناء تصويرهم في جهاز الرنين المغنطيسي، اذ طلب منهم تنفيذ مهام ابصارية محددة اعتمادا على مجس لساني. تنتقل الاشارات من اللسان الى جزء من قشرة الدماغ مسؤول عن التذوق وعن الاحساس الخاص باللسان، ثم تنتقل الاشارة تلقائيا الى مؤخرة الدماغ، وبالذات الى منطقة ابصارية أولية تحلل الاشارة وتترجمها إلى ادراك بصري. وهذا الجزء بالذات لا يكون فعالا عادة لدى الاشخاص المبصرين، مما يدل على قدرة الدماغ على تعويض اجزاء معطلة بأجزاء أخرى لتقوم بمهامها.