مسلسل خليجي مدبلج -2
في حكاية الفتاة الخليجية التي اشتكت والدها لأنه رفض تزويجها من شاب تركي هي تريده ويقول والدها إنه لا يناسبها، الكثير من التفصيلات الاجتماعية التي تحتاج لأن نفتح عقولنا لنناقشها بهدوء وحكمة، وليس بطريقة البعض الذين اعتبروا الفتاة عاقة ولا تستحق التعاطف بل تستحق “ خيزرانة “ لعلها تعود إلى رشدها، ولو أننا في مجتمع غير خليجي لأعتبرنا لجوءها للمحكمة أمراً طبيعياً فهذا ما يسود في مجتمعات كثيرة ، أما وأننا في الخليج فإن المتعارف عليه هو أن تتقبل الفتاة حكم أهلها وترضى بقرارهم، فإذا اتجهت إلى المحكمة شاكية والدها فهذه طامة كبرى !!.
لازلنا نسمع عن مجتمعات عربية يحق للأب فيها أن يمنع ابنته من حقها في الزواج دون سبب ظاهر، كما يحق للأخ أن يقتل أخته لمجرد الشك في سلوكها، وهي ثقافة جاهلية وسلوك مستهجن بالتأكيد يدل على قلة الدين وانعدام الوعي والفهم لمكانة المرأة وحقوقها، كما يشي بالتناقض والازدواجية ، ففي حين يحق لها أن تصبح وزيرة وسفيرة ، وأن تتعلم وتصبح استاذة جامعية وتنال أرفع الشهادات الا أنه ليس بإمكانها أن تقرر مصير زواجها وحياتها وهو أمر يحتاج لنقاش وليس إلى غضب وفهم متوتر، كما أن حرية الفتاة وتعلمها واختلاطها لايعني بأي حال أن تغرد خارج سرب مجتمعها وثقافتها وأصول مجتمعها !!
لسنا مع الفتاة الخليجية التي رفعت قضية ضد والدها لتتمكن من الزواج ممن تريد فهذا سلوك محكوم عليه بالفشل اجتماعياً، حيث نبقى في نهاية الأمر شعوباً يحكمها الدين ولديها تراث من العادات والتقاليد والأعراف فيما يتعلق بمكانة العائلة والوالدين، وعليه فإن لسلوك تلك الفتاة علاقة بفهمها الخاص لحريتها وحقوقها ولتخوفها من كابوس العنوسة ربما، إضافة لأطراف أخرى لابد من توجيه أصابع الاتهام اليها كالإعلام والشباب !
لقد انعكس الانفتاح الذي تحياه فتاة اليوم على علاقاتها الخاصة ونظرتها لنفسها ولحقوقها، فهي تخالط جنسيات مختلفة وثقافات عديدة، إضافة لعلمها أن شباب بلادها – للأسف – يفضلون الزواج من جنسيات أخرى، ما جعل نسبة الفتيات الخليجيات غير المتزوجات تتزايد، من هنا كانت ردة الفعل التلقائية لدى الكثيرات أن يرتبطن بشباب غير خليجيين بحثاً عن تأمين حياة اجتماعية يرونها حقاً من حقوقهن !!
أن نتفق مع توجه هؤلاء الفتيات أو نختلف فتلك حكاية أخرى ، هل يمكن اعتباره توجهاً سليماً ويحظى بالتقدير الاجتماعي؟ ، ذاك سؤال يحتاج إلى بحث واستفتاءات، رأي يمكن أن تجيب عليه ، السؤال الأهم هو : هل هذا التوجه موجود فعلا لدى بعض بناتنا في الخليج أم لا ؟ وهل له مبرراته الاجتماعية أم لا ؟ ففي النهاية نحن نتحدث عن ظاهرة اجتماعية تخص قطاعاً كبيراً في المجتمع وتنعكس سلباً وإيجاباً على الجميع ، وتحتاج لتقنين وضبط اجتماعي وقانوني صارم للطرفين معاً، لأن الحديث عن الزواج باعتباره حرية شخصية للرجل فقط انعكس سلباً على الفتيات كما نسمع ونشاهد.
إن الزواج في الخليج كان ولا يزال مسألة اجتماعية أكثر منه مسألة شخصية، وهو مخرج لمشكلة خلل التركيبة السكانية من وجهة نظر البعض، كما أنه تعبير عن أزمة ثقافة وهوية حين تختلط الزيجات ويصبح أزواج بناتنا وأبنائنا خليطاً من كل الجنسيات وعليه فنحن حيال جيل، الله وحده يعلم ملامحه ومحددات هويته اذا ترك الحبل على الغارب !! .