إن الباحثين من جامعة جون هوبكنز قد أكدوا في عدد 28 ديسمبر من مجلة نيو أنغلند للطب
أن من بين الحالات التي يتم لها تركيب قسطرة في أحد الأوردة المركزية والكبيرة،
فإن أكثر من 80 ألف حالة تسمم للدم بالميكروبات تحصل سنوياً،
ما ينتج عنه حوالي 28 ألف وفاة على حد قولهم في الدراسة.
وأن معدل كلفة علاج كل واحدة من الحالات هذه تحديداً هو حوالي 45 ألف دولار.
ويقول الدكتور بيتر برونوفوست، الباحث الرئيس في الدراسة وبروفسور الباطنية،
إنها مشكلة كبيرة، ففي كل قسم من أقسام العناية المركزة في البلاد،
يتضرر المرضى أسبوعياً بهذه الالتهابات الميكروبية.
وأضاف بأنه وفريق البحث معه قاموا بالتركيز على تحسين أداء فريق العمل لواجباته،
حيث يعمل الأطباء وطاقم التمريض جنباً إلى جنب، ما يتطلب تعاونهم في التدقيق
على التأكد من أن تتم خطوات وضع القسطرات هذه في الأوردة الكبيرة وفق ما هو سليم،
واتباع إرشادات الوقاية من العدوى بالميكروبات، لعل أبسطها ارتداء قبعة طبية على الرأس.
وقام الباحثون، بشكل خاص، بالطلب من الأطباء وطاقم التمريض اتباع خمس خطوات أساسية
في تقليل العدوى بالميكروبات، وهي غسل اليدين جيداً بالماء، واتخاذ وسائل
عزل تام خلال تثبيت القسطرة داخلالوريد كالقفازات وارتداء ثوب معقم وكمامة
على الفم والأنف وغطاء للرأس وغيرها، وتنظيف منطقةالجلد جيداً بمحلول كلورهيكسودين
المُعقم، وتجنب وضع قسطرة الوريد في منطقة أعلى الفخذ للوصول إلى الوريد الفخذي،
وإزالة أي قسطرة وريدية لا تستدعي الحاجة العلاجية بقاءها.
ما أثبته الباحثون في الدراسة هو أن كل الالتهابات الميكروبية يُمكن منع
حصولها باتباع وسائل بسيطةوغير مُكلفة في أداء العمل بدقة.
وعلق الدكتور ريتشارد وينزل، رئيس قسم الباطنية في جامعة
فيرجينيا كومنويلث والمُشارك في الدراسة، بإن هذه النتائج تُؤكد جدوى
اتباع إرشادات النظافة، وأن
العمل بشكل فريق هو أمر حيوي.
وأكدت الدكتورة جين سيغال، بروفسورة طب الأطفال
والأمراض المُعدية بالمركزالطبي لجامعة ساوثويست تكساس في دالاس
بولاية تكساس الأميركية،إن ثمة دراسات من هذا النوع لكنها كانت
في مراكز طبية منفصلة، والدراسة الجديدة شملت العشرات من المراكز الطبية،
وأثبتت نجاحها ما يعني أنه يجب تعميم تطبيق الخطوات فيها أثناء
تثبيت القسطرة في قسم العناية المركزة.
وأضافت بأن على المرضى أو مرافقيهم التأكد من مدى اتباع الأطباء
لوسائل النظافة وتغيير ملابسهم وغيرها من وسائل
تقليل حصول الالتهابات الميكروبية.
وكانت مجلة أرشيفات الطب الباطني الأميركية قد نشرت
أن مرضى العناية المركزةعرضة بنسبة عالية لالتقاط ميكروبات من المرضى
السابقين لهم في شغل الغرف تلك.
وشملت دراسة الباحثين من جامعة هارفارد أكثر من 8200 مريض شغلوا ثماني
غرف عناية مركزة فيما بين عام 2003 و2005، ومعدل أعمارهم 61 سنة.
* أخطر الميكروبات
وقال الباحثون إن اخطر الميكروبات التي قد تُصيب المرضى في أقسام العناية المركزة
هيستافلوكوكس المقاومة لمضاد ميثاسيلين الحيوي
methicillin-resistant Staphylococcus aureus (MRSA)
وبكتيريا إنتروكوكس المقاومة لمضاد فانكومايسن الحيوي
vancomycin-resistant enterococci (VRE).
وتبين منذ البداية أن 1000 مريض دخلوا غرف العناية المركزة وهم يحملون
بكتيريا ستافلوكوكس تلك، و700 مريض يحملون بكتيريا إنتيروكوكس تلك أيضاً.
وبالرغم من الحرص على تنظيف الغرفبعد مغادرة المرضى الحاملين
لتلك الميكروبات عند دخولهم إلى العناية المركزة، إلا أن حوالي 5%
ممن شغلوا الغرف من بعدهم أُصيبوا ببكتيريا ستافلوكوكس،
و4% أُصيبوا ببكتيريا إنتيروكوكس.
ما يعني أن ثمة قصوراً في فاعلية تنظيف الغرف في أقسام العناية المركزة
للحد من انتقال عدوى الميكروبات تلك أو غيرها.
وفق ما تشير إليه الإحصائيات الحديثة لمراكز السيطرة على الأمراض
ومنع انتشارها في الولاياتالمتحدة فإن الإصابة المكتسبة ببكتيريا
السوبر تتجاوز سنوياً مليوني حالة.
وذلك فيما بين مرضىمستشفيات الولايات المتحدة، الذين يدخلون إليها بالأصل
سليمين من تلك البكتيريا.
وتمثل الإصابة بأنواع سلالات بكتيريا ستافلوكوكس إيوريس Staphylococcus aureus،
القادرة على مقاومة مفعول المضادات الحيوية، ثلثي حالات الإصابة بالعدوى البكتيرية
المكتسبة في المستشفيات، ما يعني أن ثمة نسبة عالية لأنواعها الشرسة
في التسبب بعموم الالتهابات الميكروبية
التي تطال المرضى المنومين في المستشفيات. والمعروف أن بكتيريا السوبر
تكتسب قدرة مقاومة مفعول المضادات الحيوية حينما تعمد إلى تطوير بنيتها
أو أنظمتها الكيميائية الحيوية. الأمر الذي يُمكنها من البقاء على قيد الحياة
بالرغم من هجمة المضادات الحيوية عليها. وكانت إدارة الغذاء والدواء
الأميركية قد قالت في أكتوبر الماضي: إن ثمة ارتفاعاً بشكل حاد في حالات الإصابة
ببكتيريا السوبر خلال الثلاثين عاماً الماضية، إذْ في عام 1972 لم تكن تمثل بكتيريا
ستافلوكوكس المقاومة للمضادات الحيوية سوى 2% من مجمل سلالاتها.
لكن بحلول عام 2004 أصبحت تلك السلالات المقاومة لمفعول المضاد الحيوي
المُستخدم في القضاءعليها من نوع ميثاسيلين، تمثل 63% منها! ليس هذا فحسب،
بل ثمة حالات بدأت بالظهور تُقاوم فيها سلالات هذه البكتيريا السوبر حتى
مفعول مضاد فانكومايسن الحيوي.
وهو مضاد حيوي يُستخدم عادة بشكل واسع، كخط دفاع ثان، في معالجة الإصابة
ببكتيريا ستافلوكوكس السوبر عموماً.
وأكدت الإدارة أن هذه مشكلة بدأت بالظهور في المستشفيات
ودور الرعاية الطبية كالتي للعناية بالعجزة أو لغسيل الكلى.