جرش- ارتدت مدينة جرش الأثرية حلتها الجديدة، وأنارت جيدَها بالأضواء والقناديل، وبدأت رائحة القهوة تفوح بين أعمدتها وجوانبها الأثرية، التي ستخرج هذا العام، وبعد توقف دام أربعة أعوام بشكل ومضمون وفعاليات مختلفة ومميزة في مهرجان جرش.
ولم يبق سوى ساعات تفصلنا عن الانطلاق المهيب والعرس الكبير، الذي سيقام في مدينة جرش الأثرية، وبرعاية ملكية سامية، استنادا إلى التجهيزات والاستعدادات التي بذلتها إدارة المهرجان وعملت على مدار الساعة في الأيام الماضية، ليشعر زوار وضيوف جرش بالتغيير والتألق والرونق الجديد في أروقة المدينة، وليثبتوا أن فترة انقطاع المهرجان لم تذهب سدى، وإنما كانت عاملا إيجابيا لإظهار المدينة بصورة وحلة جديدة، وإنجاز عدد من المشاريع الحيوية التي ترتقي بالوضع السياحي والثقافي والتاريخي، لأكبر مدينة أثرية في المملكة.
وبدت المدينة بكامل جمالياتها وألقها بعد تنظيفها وتزيينها بالأعلام الأردنية وإنارتها بالكامل، وفتح مداخلها ومخارجها، وإعلان برنامج الفعاليات على المسارح، ومشاركة واسعة لفرق وفنانين وشعراء عرب وأجانب، وإنجاز جملة من المشاريع الخدمية والحيوية.
وها هم الجرشيون قد أنهوا التجهيز لاستقبال المهرجان والمشاركة الفعالة هذا العام، وهذا ما منحهم دافعا قويا للعمل والإنجاز، والمشاركة في تنظيف وتجهيز الموقع، حرصا منهم على إظهار مدينتهم، وإرث أجدادهم وحضارتهم بأبهى صورة، وإعادة أصوات الفرح في مهرجان الفرح، مهرجان جرش ذي السمعة والصيت الكبيرين على مستوى العالم.
وقد كان الدور الأكبر في التجهيزات الأساسية والخدمية التي ستقدم في المهرجان لبلدية جرش الكبرى، التي أنهت كافة الاستعدادات والتجهيزات الضرورية والجمالية، لاستقبال مهرجان جرش بعد يوم وليلة، وفق رئيس لجنة بلدية جرش الكبرى وعضو اللجنة العليا لإدارة المهرجان المهندس بلال المومني.
وقال المومني إن "البلدية عملت ومنذ شهور على التجهيز لاستقبال المهرجان لإظهار مدينة جرش بعد انقطاع عدة سنوات، بصورة مشرقة جديدة، ومشاريع استثمارية حديثة، ومنها مشروع السياحة الثالث، ومكرمة تزيين مدخل جرش الجنوبي، ونقل البسطات إلى السوق الشعبي وافتتاح المدينة الحرفية".
وأكد المومني أن "مشروع السياحة الثالث أصبح في مراحله النهائية، وكنا نتمنى أن يتم تسليم المشروع قبل موعد المهرجان، ليتحقق الهدف الذي أقيم من أجله، وهو ربط المدينة الأثرية بالحضرية واستغلال زوار المهرجان في التعرف على معالم وحضارة مدينة جرش الحديثة والقديمة في الوقت نفسه".
وبين أن هذا يعطي المدينة طابعا أثريا وحضاريا مميزا، "وقد عملت البلدية على ترحيل محال الميكانيك والمهن الحرفية إلى المدينة الصناعية، التي أعدت لهذه الغاية، وتم ترحيل البسطات من وسط السوق إلى السوق الشعبي الجديد، فضلا عن إنهاء ما نسبته 99 % من مشروع مكرمة جلالة الملك في تزيين مدخل جرش الجنوبي".
وأشار المومني إلى أن البلدية عملت على مدار الساعة على توفير كافة الاحتياجات الضرورية من مرافق عامة ومواقف مجانية للسيارات، وفي مواقع قريبة من المهرجان، وتتسع لما يزيد على 10 آلاف سيارة، وورش ميكانيك متخصصة لإصلاح السيارات، التي قد تتعرض للعطل، وأكشاك ومطاعم بمختلف الدرجات لتقديم الخدمات الأساسية للزوار وعلى مدار أيام المهرجان، وقد تم منح الجرشيين عطاءات المطاعم وتقديم المشروبات للاستفادة اقتصاديا من المهرجان.
ويضيف المومني أن البلدية نفذت حملات نظافة يومية في المدينة الأثرية والحضرية، وقامت بعدة حملات رش لمكافحة الذباب والحشرات، وتمت إضاءة المدينة بإضاءة تجميلية بشكل كامل، وهذا العمل تم إنجازه خلال ساعات عمل ومتابعة متواصلة في بلدية جرش الكبرى.
ويوضح المومني أن "المسارح الرئيسية والفرعية ودور العرض والأندية الثقافية في موقع المهرجان أصبحت جاهزة تماما من حيث توفر الإضاءة اللازمة وتجهيز معدات ومكبرات الصوت الحديثة، وتنظيم عملية وأماكن دخول وخروج الزوار، وتحديد مواقع بيع التذاكر وتحديد وتوزيع برنامج المهرجان، وتوفير حماية أمنية مناسبة للزوار والضيوف".
ويردف "إلى جانب توفير إشارات إرشادية لموقع المدينة والفعاليات الرئيسية، تسهيلا على الزوار ولضمان عدم حدوث إرباك وفوضى خلال الفعاليات، لا سيما وأن الآلاف من الزوار هم من الدول العربية ولا يعرفون مداخل ومخارج المدينة، وهذا قد يسبب أزمة سير عارمة وفوضى مرورية".
ويدعو المومني زوار المهرجان لمراعاة الترتيب والنظام خلال أيام المهرجان، وتجنب الغضب، تفاديا لحدوث المشاجرات والفوضى وحفاظا على النظام، وتحقيق الهدف من المهرجان، وهو الفرح والاستمتاع والثقافة من المهرجان.
وعن إشراك أهالي المدينة في الفعاليات بين محافظ جرش مازن عبيدالله إن "إدارة مهرجان جرش خصصت عددا من الأجنحة للفعاليات المحلية في المحافظة لعرض منتجاتها الزراعية والمشتقات اللبنية وقطع الغزل والنسيج، وأخرى للفنانين التشكيليين والنحاتين والحرفيين، وقد أعطت الأولوية لأبناء المحافظة في التقدم للعطاءات الخاصة بإقامة الأكشاك المتخصصة بالأطعمة وتقديم الوجبات السريعة والمشروبات الغازية". وأشار إلى أن المخزون التراثي الهائل الذي تزخر به المحافظة والتنوع في المنتجات اليدوية، والتي تمثل طابعا تاريخيا لهذه المحافظة، من شأنه أن يجذر العلاقة ما بين الهيئات المحلية والمهرجان السنوي.
إلى ذلك دعا رئيس اللجنة الثقافية في مهرجان جرش ورئيس منتدى جبل العتمات الثقافي أجود عتمة كافة الفعاليات الشعبية والرسمية والتي تمتلك حرفية أو موهبة أو إبداعا في مختلف المجالات المشاركة في مهرجان جرش هذا العام.
ويؤكد عتمة أن هذا العام سيتم تخصيص مواقع مجانية لأهالي جرش بشكل خاص، لعرض منتوجاتهم وحرفهم ومهنهم وأكلاتهم الشعبية، وفي مواقع متميزة وعلى مدار أيام المهرجان، ولأول مرة في تاريخ مهرجان جرش.
ويرى عتمة أن مشاركة الجرشيين وأهل المنطقة بهذا المهرجان، ستساهم في دعمهم المعنوي والمادي للمهرجان "وستترك تأثيرا واضحا عليهم، فسيشعرون بوجود المهرجان لأول مرة ويستفيدون من وجوده.
ويوضح أن رئيس اللجنة العليا للمهرجان الدكتور فايز الطراونة "هو من وافق على إشراك أهل جرش بتراثهم وحرفهم في المهرجان وإشراكهم في إدارة المهرجان من خلال تشكيل ثلاث لجان منها؛ اللجنة الثقافية واللجنة الإعلامية ولجنة المجتمع، كون المهرجان يقام في مدينتهم منذ عشرات السنين، ولم يكونوا راضين عنه، لتجاهلهم وعدم مشاركتهم فيه بصورة قطعية".
ويضيف عتمة أن الشعراء الجرشيين سيشاركون في المهرجان برفقة الشعراء العرب والعالميين والفرق الفلكلورية التي ستشارك بجانب الفرق العالمية، وهذا سيدعم الفرق المحلية وسيزيد من تسويقها وشهرتها.
وقد أنهت الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية والخاصة والجامعات والنوادي والمراكز الشبابية التجهيز للمشاركة بالمهرجان وعرض منتوجاتهم وتسويقها، وهذا سيترك الأثر النفسي الجيد على أهل جرش ويدعم مواهبهم ويحقق طموحهم في المشاركة المهرجان، وفق عتمة