القياس لغة : هو لفظ له إطلاقان :
الأول : التقدير : أي معرفة قدر أحد الأمرين بالآخر كقولنا قست الثوب بالذراع وقست الأرض بالقصبة فالتقدير نسبة بين شيئين تقتضي المساواة بينهما ومنه قولنا قاس الطبيب الجراحة أي قدر الطبيب مدى غور الجرح .
الثاني : المساواة بين الشيئين : سواء كانت حسية مثل قست هذا الكتاب بهذا الكتاب ، أم معنوية مثل فلان يقاس بفلان أي يساويه في الفضل والشرف والهمة .
القياس في الاصطلاح
القياس في الاصطلاح مختلف في تعريفه بحسب اختلاف رأي الفقهاء من كونه فعل المجتهد أو أنه دليل مستقل على مذهبين :
المذهب الأول : أنه من فعل المجتهد فلا يتحقق إلا بوجوده وهو مذهب الجمهور ولهم في ذلك أدلة :
الدليل الأول : فاعتبروا يا أولي الأبصار يستدل منها أن الاعتبار هو الإلحاق بعد النظر بالأدلة وهو فعل المجتهد .
الدليل الثاني : حديث معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم تجد في كتاب الله قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله قال أجتهد برأيي ولا آلو فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله فهذا قياس الرأي بالرأي.
الدليل الثالث : كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري " الفهم الفهم فيما أدلى إليك مما ليس قس قرآن أو سنة ثم قس الأمور عند ذلك " . فهو أمر صريح بإلحاق ما ليس فيه نص بالأمور التي تشبهها ومنصوص عليها .
الدليل الرابع : أن إلحاق الفرع بالأصل ليس بالأمر السهل هو وأمور أخرى لا يتم القياس إلا بموجبها وهو فعل المجتهد .
المذهب الثاني : أن القياس دليل شرعي مستقل كالكتاب والسنة وضعه الشارع لمعرفة حكمه سواء نظر فيه المجتهد أو لم ينظر .
الدليل الأول : أن القياس أساسه وجود أمور من شأن العلم بها أن يؤدي إلى العلم بشئ آخر وليس فعل المجتهد كذلك .
الدليل الثاني : أن القياس وضعه الشارع ليعرف منه المجتهد حكم الله بواسطة النظر فيه فدلالة القياس ذاتية وثابتة كالكتاب والسنة سواء نظر فيه المجتهد أم لا
ثمرة الخلاف بين المذهبين
اختلاف عبارات الأصوليين في التعريف فمن رجح الرأي الأول عبر عنه انه حمل أو إثبات أو تعدية كفعل من أفعال المكلف ، ومن رجح الرأي الثاني عبر عنه انه مساواة كصفة قائمة بالأصل والفرع .