حين يكون المدير سيئاً!!
منذ عدة سنوات أقدم رجل أعمال على ابتكار طريقة طريفة لمكافأة المديرين الجيدين وتشجيعهم على الاستمرار في إعلاء قيم ومفاهيم الإدارة الإنسانية، وفي نفس الوقت تسليط الضوء على مساوئ المديرين المتعجرفين والسيئين، الذين لا يقدرون ظروف موظفيهم ولا يتعاطفون معهم بأي شكل من الأشكال، وبدل أن تكون الجائزة للمدير الجيد اختار لجائزته عنواناً طريفاً فجعلها جائزة المدير السيئ، وذلك باستطلاع آراء الموظفين في شركات ومؤسسات الولايات المتحدة الأميركية، وتقييم مدرائهم من خلال مواقفهم في الشدائد والظروف الإنسانية التي يمر بها الموظفون، هذه المواقف التي وقفها المديرون هي التي حددت شخصياتهم ومنحتهم الجائزة التي يستحقونها !!
أحد المديرين منح لقب المدير السيئ لعامين متتاليين لأنه لم يقدر ظروف وفاة عدد من أهالي موظفيه (الوالدين تحديدا) فرفض منحهم إجازات قصيرة لحضور مراسم الجنازة مثلا، بينما لم يصرف لعدد آخر سلفا كانوا بأمس الحاجة اليها، وكان لا يسمح لأي موظف بالسفر عند تلقيه دعوة لحضور مؤتمر أو ما شابه فيسافر هو بدلا عنه !!
وبعد سنوات من جائزة رجل الأعمال ذلك كشفت دراسة أميركية مؤخرا أن الموظفين الذين يعملون مع مدير “ذكي” هم أكثر كفاءة ويتمتعون بصحة جيدة في حين يتسبب المدير السيئ في إصابة موظفيه بأزمات قلبية وتوتر.
وقد أكد عالم النفس ومستشار الموارد البشرية الأميركي كينيث نواك من خلال دراسته وجود علاقة وثيقة بين صحة الموظفين النفسية - وخاصة فيما يتعلق بشعورهم بالتوتر- وبين تحقيق نتائج جيدة في أماكن عملهم، فالموظفون الذين يعانون من توتر طويل الأجل يتسببون في خسائر لشركاتهم وتكون إنتاجيتهم أقل، ومن بين الدوافع المسببة لهذا التوتر أن يكون المدير سيئا وغير ملائم.
إن الموظفين الذين يعملون تحت إدارة سيئة تكون إنتاجيتهم أقل بنسبة 51 % ويحققون أرباحا أقل لشركاتهم بنسبة 44%، هكذا تقول الدراسات الدقيقة، وهكذا يقول الواقع في مؤسساتنا، التي وان لم تخضع لهكذا دراسات الا أن معدل الاستقالات المتزايد واحد من دلائل عدم الرضا وعدم التناغم مع بيئة العمل وأولها عنصر الإدارة أو المدير تحديدا!!
لقد عانى كثيرون ممن عملوا في المؤسسات الحكومية ممن يوصفون بالمدير السيئ فمن هو المدير السيئ ؟
وهل هو سيئ من وجهة نظر جميع الموظفين في المؤسسة ؟ أم انه سيئ بنظر موظف وممتاز بنظر موظف آخر؟ ما هي معايير هذا التقييم؟ وهل هذه المعايير موجودة فعلا ؟
يقال إن هناك معايير كفاءة وخبرة وتاريخاً مهنياً لا تتوافر في كل الاشخاص الا بمن يتم اختياره لمنصب المدير، بينما يعرف كثير منا عدم دقة هذا الكلام، وان بعض المديرين كانوا زملاء عاديين في الدراسة وفي العمل وفي القدرات، لكنهم اختيروا لمناصب إدارية رفيعة ليسوا أهلا لها، لماذا ؟ هذا ليس عندنا فقط، بل في كل مكان !!
أجرت جامعة فلوريدا الأميركية دراسة على 64 مديراً سيئاً بنظر مرؤوسيهم في قطاعات حكومية وخاصة، وخلصت إلى الأثر السيئ لمثل هؤلاء على العمل والموارد والإنتاج من خلال قرارات وإجراءات وتعيينات في مفاصل أدنى وهدر للزمن!
المدير الجيد هو المدير الأكثر نفعا واهتماما برأي مرؤوسيه، وكسبا لثقة موظفيه، هذا المدير هو ضمانة حقيقية لنجاح المؤسسة، لا إحباط العاملين، ولتنمية المؤسسة لا لسرقتها، وللعمل بروح الفريق لا روح التناحر، وأخيرا: هل مديرك سيئ ؟ فما هي المعايير التي اعتمدتها في منحه هذه الصفة؟
موضوع: عندما يكون المدير سيئا 
16/7/2011, 12:21
