هو سر الصينيين ؟
يعتقد كثير منا أن سر المارد الصيني يكمن في تعداد الصينيين البشري، فالكثرة قنبلة تفوق في قوتها أقوى قنبلة ذرية، كما أن الكثرة أهم من الشجاعة ومن كل جيوش العالم، لكن هل تكمن قوة الصين في كثرة عدد سكانها فعلاً ؟ لكن هذا العدد بلا قوة خفية لن يكون إلا كغثاء السيل، زبد لا قيمة له، إذاً فهناك سر لا يتقاسمه الصينيون مع الآخرين، ليس العلم ولا الموارد الطبيعية، فالعلم لدى الجميع، والموارد نعمة قسمها الخالق بين أمم الأرض، السر يكمن في الحكمة، هذا هو العلم الذي لا يمكن العثور على أسراره إلا هناك، ولذلك قيل في الحديث «اطلبوا العلم ولو في الصين».
يقوم التفكير والسلوك والتاريخ الصيني ومنذ أقدم الأزمنة على النظر إلى الحياة والإنسان والوجود من خلال نظرة تأملية ترتكز على الفلسفة والقيم الروحية والآداب الإنسانية، في الحياة بكل اتساعها، وفي الزواج وآداب الحوار والحديث وفي آداب وفنون المعاملة والاعتذار والعمل والحب والصداقة والكفاح والجد والضحك والهزل واللعب وتربية الأبناء، في كل تفاصيلهم الصغيرة والكبيرة لهم حكمة وأدب وطريقة ومغزى، فحين يأكلون بعودين رفيعين من الخشب فإن لذلك حكمة وحين لا يضعون ملحاً في طعامهم وحين يعتذرون دائماً وحين ينحنون لمن يمرون أمامه...
من آداب الحياة عندهم أن لا تسخر من الآخرين، ومن أحلامهم الوردية الجميلة، خاصة أولئك الذين تعتقد أنهم أقل منك من البسطاء والفقراء والطيبين، فربما تكون منزلة خادمك عند الله أسمى وأرفع منك كما يعلمنا ديننا الكريم، وكما تقول الحكمة الصينية، “لا تقلل من شأن الأحلام فالدنيا بدونها رحلة جافة ومملة مهما يكن الواقع جميلاً”، ثم إن أكبر المشاريع في هذه الدنيا بدأ بفكرة وحلم بسيط.
ومن أكثر الآداب شيوعاً واحتراماً لديهم أدب الاعتذار، الذي تجده لدى معظم سكان شرق آسيا الذين يفكرون كثيراً قبل أن يمروا أمام الغرباء، فإذا فعلوا فإنهم ينحنون بطريقتهم المعتادة، ويهمسون كلاماً بلغتهم لا تعرف معناه لكنك تستنتج أنه اعتذار فائق التهذيب، فإذا أخطأ الكبير منهم قبل الصغير فإنه يبادر سريعاً إلى الاعتذار كمن يمارس طقس عبادة لا يتردد فيه أبداً، خاصة إذا كان من كبار القوم كمدير أو رئيس مؤسسة، وعادة ما يقوم باعتذاره بشكل علني، ودون تردد.
ينصحك الصينيون أن لا تحكم على أقرباء شخص ما أمامه ولا تتحدث عنهم بسوء، فالإنسان لم يختر والديه فما بالك بأقربائه، وحين تشعر أنك لا تريد الإجابة على سؤال شخص ما لأي سبب فلا تكذب ولكن قل له مباشرة وأنت تبتسم: هل تعتقد أنه من المهم أن تعرف ذلك ؟
أما في الصداقة فينصحون أبناءهم دائما بأن لا يدعوا الأشياء الـصــغيرة تدمر صداقتهم الغالية مع الآخرين، فالصداقة الحقيقية تاج على رؤوس البشر لا يدركه إلا سكان الجدران الخالية والقلوب التي لا تعرف قيمة هذه العلاقة.
والأهم أنهم ينصحون عند التفكير بالزواج أن تتزوج من تجيد فن المحادثة فعندما يتقدم بك العمر ستعرف أهمية ذلك عندما يصبح الحديث مع من تحب قمة أولوياتك واحتياجاتك، هذه أهم نصيحة على الجميع أن ينصت لها جيداً.