إذا كان من حق الحميمة إن تختفي يوما ما عن مخابرات الدولة الأموية مابين سفوح جبال الشراه شرقا وشواطئ البحر الأحمر جنوبا بانتظار أن تتنفس هواء الهواشم من بني العباس فليس من الإنصاف أن تختفي اليوم عن الخارطة السياحية وخطط التنمية المستدامة .
غفلت عنها ذاكرة المسؤول وتنبهت لها ذاكرة الرأي والتراب..،يعبر عنها المسؤولون بين عمان والعقبة عبر الطريق السريع دون أن تسمح لهم سرعة السيارات الفارهة بالتوقف فيها وتلمس بعض من هموم أهلها، ولو التفت احدهم إلى قارعة الطريق لاكتشف آثار الفقر والبطالة تسيل كما الماء من فاه السقاء . تقف الحميمة اليوم على الأعراف بين العقبة المدينة وفضاءات البادية بجبالها وقفارها تنظر إلى خيرات العقبة الاقتصادية بعيون حرى وبطون خاوية علها ترفع عنها مفازات الصحراء ونير الفقر المطبق عليها . تفخر الحميمة بان في باطنها دفن صندوق وثائق الدعوة العباسية وولد على أرضها ثلاثة من الخلفاء العباسيين خلف تموجات الهضاب وامتدادات البوادي لكنها تأمل أن يشفع لها جوارها لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة باعتبارها البوابة الحضارية والتاريخية فقد كانت ذات يوم من أشهر المدن العربية والإسلامية . لها حضورعند أكثر من 35 مؤرخا عبر خمس لغات عالمية لتتكامل فيها صورة الحياة السياحية بإرثها التاريخي التليد ، من مواقع ذات تاريخ، وحضارة وأخرى طبيعية، إلى جانب ما فيها من بعد ديني وسياسي فقد كانت عاصمة العباسيين ومنطلق دعوتهم .
حجم ألمها اليوم بحجم أمل أهلها القابضون على جمر الانتماء المتقد والحاملون لشقاء الطفولة والعوز المرافق حتى أقاصي العمر، طعامهم الخبز والشاي وماءهم عبر الصهاريج ، يلملمون ما في الحميمه من مفردات سياحية ودينية وتاريخية غير مستغلة بحثا عن بوابة خروج أضاع الفقر مفتاحها رغم أن البلدة الحالية أنشئت عام 1969 .
طريقها النافذ تسبب في مقتل عدد من أبناء البلدة دهسا تحت عجلات المركبات ليضاف كمخلب جديد إلى جانب مخالب الفقر التي نالت من أجسام السكان ورسمت الحرمان سريعا على شفاه الأطفال والأمهات كأغان تخرج كالبخار في هجير صيف الجنوب الحارق حيث ضنك العيش وضيق ذات اليد . لم يسعفها موقعها المميز على السفح الجنوبي لجبل الحميمة الذي يبلغ ارتفاعه (1237م) عن سطح البحر بحوالي 80 كلم شمال شرق العقبة و 50 كلم جنوب شرق البتراء بأن تزحف تجاه خارطة العالم السياحية أسوة بضلعها الثالث العقبة وشقيقتها رم . بصمات القطاع الخاص فيها تكاد تنعدم أو تظهر بخجل وتطوى على عجل، ولا يوجد مايدل على أن هناك شبه تنمية باستثناء براكيات دكاكين تناثرت على قارعتي الطريق بشكل عشوائي في محاولة من شباب البلدة لإقامة حاجز ولو بسيط بينهم وبين أنياب الجوع وطوابير البطالة وغياب التأهيل . غاب أهلها عن خطط التنمية سنوات عديدة كما غاب جبل هبيره وجبل الطويل وجبل أم أساور وجبل أم شداد وجبل شبكه فيها ليس عن الخارطة السياحية فحسب بل عن صفحات الشعر وأوراق الأدباء في الوقت الحالي . لايعرفها كثير من الأردنيين يقول موفق الموسا احد أبنائها حتى أصبحت بلدة في طي الإهمال والنسيان لا يلتفت إليها المستثمرون لإقامة مشاريعهم فيها ولا ترد هذه البلدة في برامج زيارات الوفود السياحية لجنوب المملكة حيث المثلث السياحي الذهبي - البتراء ورم والعقبة. المنطقة تمتلك مواصفات تحوي إرثا عربياً وإسلاميا متميزاً إلا إن ضعف البنية التحتية كان وراء غيابها عن المشهد السياحي والاقتصادي يؤكد رئيس جمعية الحميمة السياحية محمد الشياهين مشيرا إلى وعورة الطريق وخلوّ مركز الزوار السياحي من الخدمات فهو مزوّد بالكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية ، ويُزوّد أسبوعياً بالمياه بواسطة الصهاريج مطالبا بضرورة إعادة إنشاء الشارع القديم الذي يوصل للمنطقة الأثرية وتأهيله ، فالوضع السياحي في المنطقة غير مجد الأمر الذي يهدد مستقبل الجمعية وقدرتها على الاستمرار .
يرى مدير سياحة العقبة محمود الهلالات أن المركز مفعل ومزود بخدمات الكهرباء عبر الطاقة الشمسية وتصله المياه عبر الصهاريج وحمل مسؤولية الترويج السياحي الى مكاتب السياحة التي تغفل الحميمة عن خططها في اشارة لوجود موقع خاص بالحميمة على الانترنت وإدراجه في حملات الوزارة التسويقية. عملية الترويج للمنطقة (مهمة صعبة ) يقول الهلالات كون المكاتب السياحية لا تعمل على إدراجها ضمن خط سير رحلاتها السياحية في المثلث السياحي الذهبي داعياً أصحاب المكاتب السياحية للعمل لترويج المنطقة وإدراجها ضمن الرحلات السياحية .