وعد بلفور
ابان فترة التنافس الإستعماري بين الدول العظمى و بالتحديد عام 1878م طلبت فرنسا من بريطانيا ان تصدر الأخيرة تصريحاً تشير فيه الى موافقتها على إمتلاك فرنسا لتونس فرد حينها وزير خارجية بريطانيا اللورد سلوزيري :" نحن لا نملك حق التصرف في ملك غيرنا".
بعد إتفاقية سايكس بيكو عام 1916 م ة التي قسمت البلاد العربية والإسلامية عمدت بريطانيا الى بسط نفوذها على جزء مهم منن هذة البلاد و سعى في نفس الوقت الى تلبية رغبة حاييم وايزمن و الصهيونية العاليمة بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين و التي إتخذت شكل "تصريح" و الذي عرف باسم " وعد بلفور"
ففي الثاني من تشرين الثاني من عام 1917 وجه وزير خارجية بريطانيا أرثر جيمس بلفور الى اللورد روتشيلد كتاباً هذا نصه :
" وزارة الخارجية
2 من نوفمبر 1917م
عزيزي اللورد "روتشلد"
يسرني جدًّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرّته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى.
وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح."
المخلص: آرثر بلفور
إتخذت الحركة الصهونية العالمية من هذا الكتاب مستنداً قانونيا يدعمون به مطالبهم في سبيل إقامة الدولة اليهودية فهل لهذا التصريح اهلية قانوينة ؟؟؟؟؟
أولاً :
ان التصريح ليس معاهدة و لا يمكن ان نعتبر ان لهذا الكتاب اية قيمة قانونية باعتبار إن وعد بلفور يمنح أرضاً لم تكن لبريطانيا فيه أية صلة قانوينة فبريطانيا لم تكن تملك فلسطين وقت إصدارها هذا التصريح.
ريح.
إحتلت القوات البريطانية الأراضي الفلسطينية بشكل تدريجي فاحتلت غزة في 7 تشرين الثاني عام 1917 ثم احتلت يافا في في السادس عشر من تشرين الثاني من نفس العام و احتلت القدس في التاسع من كانون أول من نفس العام أيضاً و حتى ذلك الوقت كانت فلسطين جزءأ من ولايتي طرابلس و بيروت في الدولة العثمانية التي رفضت تصريح وعد بلفور و لم تعترف بحق اليهود في فلسطين و لم يرض سكان فلسطين العرب بهذا التصريح و قاوموا مطالب الصهوينة .
فالحكومة البريطانية بإصدارها هذا الوعد قد خولت لنفسها الحق في ان تتصرف تصرفاً مصيرياً في دولة ليست لها عليه أية ولاية و تعطيه للأخرين دون أن ترجع الى أصحاب هذا الإقليم.
و مما تقدم فإن هذا الوعد يعد باطلاً من وجهة نظر القانون الدولي و هو بالتالي ليس ملزماً
ثانياً:
إن وعد بلفور تنعدم فيه الأهلية القانوينة فطرف"التعاقد" مع بريطانيا في هذا الوعد هو شخص أو أشخاص و ليس دولة فان وعد بلفور هو خطاب أرسله بلفور الى شخص لا يتمتع بصفة التعاقد الرسمي و هو روتشيلد
و من صحة انعقاد اي إتفاقية أو معاهدة دولية كما هو مفهوم هو ان يكون طرفي او أطراف التعاقد من الدول أولاً ثم من الدول ذات السيادة ثانياً.
أما التعاقد أو الإتفاق أو التعاهد مع الأفراد فهو باطل دولياً شكلاً و موضوعاً و لا يمكن بأي حال من الأحوال إمتداد أثر مثل هذا التعاقد بالنسبة لغير أطرافه و بالنتيجة فإنه ليس ملزماً حتى لإطرافه.
ثالثاُ:
إن وعد بلفور باطل لعدم شرعية موضوعه حيث أن الهدف من هذا الوعد هو التعاقد مع الصهونية لطرد شعب فلسطين من دياره و إعطائها الى غرباء ..فإنه من أسس التعاقد الدولي مشروعية موضوع التعاقد بمعنى أن يكون موضوع الإتفاق بين الطرفين جائزاً و تقره مبادئ الأخلاق و يبيحه القانون وكل تعاقد يتعارض مع إحدى هذة الشروط يعتبر في حكم الملغى و لا يمكن ان يلزم أطرافه . ووعد بلفور هو اتفاق غير جائز بالمطلق ذلك أنه يجسد صورة إنتهاك لحقوق شعب فلسطين و هذ يعتبر مخالفاً لمباديء الأخلاق.