الإنترنت في فنلندا حق قانوني لكل مواطن

الإنترنت في فنلندا حق قانوني لكل مواطن

د. عبدالقادر الفنتوخ

تحدثت في مقالي السابق عن الوضع غير المقبول لسرعات الإنترنت في السعودية, وعن التباين الواضح بين السرعة التي وعدت بها شركات الاتصالات وتزويد خدمات الإنترنت, وتلك التي يحصل عليها المستخدم فعلا. وقد تابعت بحرص ردود فعل القراء سواء تلك التي عقّبت عليه في موقع الجريدة أو التي وصلتني على بريدي الشخصي وقد أيد أغلبها ما ذكرته من عدم رضا المستخدم عن الخدمة المقدمة. ولعل جل الملاحظات انصبت على الجهة المنظرة لحقوق المستخدم التي من واجباتها التأكد من حصول المستخدم على الخدمة التي وعد بها.

ولقد أعلنت الحكومة الفنلندية في بداية يوليو الحالي عن اعتبار الوصول إلى الإنترنت بسرعة 1 ميغابت في الثانية في الحد الأدنى كحق من حقوق المواطن الفنلندي التي يكفلها القانون، ووعدت بزيادة السرعة إلى 100 ميغابت في الثانية بحلول عام 2015. ولعل تزامن المقال مع إعلان الحكومة الفنلندية يعطي انطباعا أكيدا على أن الإنترنت في هذه السنوات لا تعتبر رفاهية بل هي ضرورة من ضرورات الحياة.

وقد يعتقد البعض بأن هذا الخبر ليس إلا دعاية من قبل الحكومة الفنلندية، غير أن الحقيقة والأرقام تؤكد أن 96% من الشعب الفنلندي قد توفرت لديه الخدمة, ولم يتبقَ إلا ما يقارب 4000 منزل لم تصل إليها الخدمة الموعودة! وبالطبع, فليست الحكومة الفنلندية الوحيدة المهتمة بمثل حقوق المواطنين في الحصول على سرعات عالية للإنترنت، فالحكومة البريطانية وعدت بتقديم خدمة الإنترنت بسرعة لا تقل عن 2 ميغابت للجميع بنهاية عام 2012م (علما بأن نسبة توفير الإنترنت في بريطانيا حاليا هي 73%)، وكذلك هي الحال بالنسبة لفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية التي قد وضعتا خططا مشابهة.

إن مثل هذه القوانين لتدل على إمكانية توفير خدمة إنترنت بجودة عالية على مستوى دولة بأكملها. ولكن ما يسترعي التأمل والتدبر أن المشاريع والبنى التحتية الكبيرة التي قامت بها شركات الاتصالات في المملكة لا تقل في حجمها ولا في تكلفتها عن المشاريع التي أقيمت في بعض الدول المذكورة، ويبقى السؤال عن سبب ذوبان سرعة الخدمة في الطريق فلا تصل المستفيد النهائي إلا وهي سرعة منهكة تحتاج المنشطات والأدوية.

كلي أمل أن تقوم وزارة وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بإعطاء هذا الموضوع حقه من الاهتمام وضمان وصول الإنترنت لعموم المستفيدين بجودة عالية وموثوقية، ولعلنا قريبا نشاهد خبرا أو التزاما منهم مشابها لما أعلنته الجهات المسؤولة في الحكومة الفنلندية