[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أفعى المنغروف
هذه واحدة من الثعابين التي تنتشر في جنوب شرق آسيا، وهي تنتشر على طول الشواطئ، كما في أعماق اليابسة هناك، إنها أفعى المنغروف، التي يمتد طولها جدا، حتى يصل في بعض الأحيان إلى سبعة أقدام، وهي تعيش بين الأعشاب وفوق أغصان الشجر، مع أنها تغوص كثيرا تحت الأرض، كما أن تأكل أنواع مختلفة من الحيوانات، فهي تتغذى على الفئران والجرذ، والسحالي والضفادع والعصافير كما أنها تأكل الأسماك أيضا. أي أنها تأكل أنواع مختلفة من الحيوانات. وعندما تتقدم في السن تمضي الكثير من وقتها فوق الشجر، ما يعني أنها تتغذى بشكل رئيسي على العصافير فهي الغذاء الوحيد الذي تعثر عليه فوق الأشجار.
هناك مسألة غريبة تميز هذه الأفعى، تذكر أني قلت بأنها تأكل ثعابين أخرى، كغيرها من الأفاعي، ولكن بناة جلدها يأكلن الثعابين الأصغر حجما منها، إلا أن المنغروف تأكل الثعابين التي من حجمها تماما، كما يمكن أن تأكل من هي أكبر منها بقليل أيضا.
أعرف أنك ترى في ذلك مشكلة واضحة. ولكن لا تستغرب إن رأيت أفعى المنغروف تلتهم ثعبان يكبرها حجما، ذلك أنها لا تتردد في أكل حية أكبر منها. هناك أمر غريب آخر يتعلق بهذه الأفعى وهو أنها من الثعابين السامة، والغرابة لا تكمن هنا إذ يوجد الكثير من الثعابين السامة، فعلا ولكن هذه لا تنتمي إلى مجموعة الكوبرا أو المجلجلة أو الغابون وما شابه ذلك، أبدا، بل تعتبر جزءا من مجموعة يطلق عليه اسم الكروبران، وهي ثعابين تتمتع بأنياب خلفية، أي أن أنيابها تقع في مؤخرة الفم، وليست في المقدمة كما هو الحال لدى غالبية الثعابين. وجود أنيابها في مؤخرة الفم يجعلها أقل خطورة من باقي الثعابين السامة. وذلك لعدة أسباب، أولا لأن وجود الأنياب في مؤخرة الفم يجعل اللسعات بالنسبة لها أكثر صعوبة، فعادة ما يكون العض أسهل عبر الأسنان الأمامية بالطبع، لا يمكن أن تعض شخصا في أسنانك الخلفية أو بالطواحين، لن يفلح ذلك إطلاقا، أي أن العض أصعب إذا استخدمت الأسنان الخلفية. كما من عادة ثعابين الأنياب الخلفية أن تعتمد عل أنياب أصغر، أما المنطق في ذلك فهو أن الأنياب التي في مؤخرة الفم يجعل إغلاق الفم أشد صعوبة إذا كانت طويلة، لأن هذا سيجعلها تعض نفسها باستمرار.
المشكلة الأخرى لدى هذه الثعابين، هو أن أنيابها عادة ما لا تنمو بالكامل. نعلم بأن لدى المجلجلة والكوبرا، أنياب مجوفة، يمر السم من خلالها ويحقن في جسم الفريسة بالاعتماد على ضغط اللسعات، أما هذه الثعابين، فأنيابها ليست مجوفة بالكامل، بل تبدو وكأنها أسنان حادة فيها بعض الأخاديد، أي أن الأفعى تجرح الفريسة ثم تقذف السم في الجرح.
تستهلك هذه العملية كمية أكبر من السم، وتستغرق وقتا أطول للقيام بها، وعلى الثعبان أن يعض الحيوان لا يمكن أن يلسعه ويتركه، أي أن هذه العملية بكمالها أصعب على الثعبان لحقن السم في الحيوان. أضف إلى ذلك أن الكثير من ثعابين الأنياب الخلفية، وليس المنغروف وحده، تعتمد على سم مخفف وليس بقوة السم الذي لدى المجلجلة والكوبرا، ما يجعل منها أقل خطورة على الناس من الثعابين السامة الأخرى.
إذا تعرضت للسعة من أفعى المنغروف مثلا، ما يحدث عادة هو أنك تشعر بالألم حول منطقة الجرح، كما تصاب بالاحمرار والالتهاب المحلي الخفيف. إلى جانب ذلك، إذا تعرضت للسعة سيئة، تلقيت فيها الكثير من السم، يصبح الألم أشد والالتهاب أكبر كما يصبح الاحمرار قاتما، ما قد يجعلك تشعر بالدوار والصداع وارتفاع في درجة الحرارة أحيانا، يمكن أن يستمر لأسبوع كامل.
لا شك أن هذه مشاعر سيئة وغير مريحة، ولكنها ليست بالسوء الذي يصيب من تلسعه الكوبرا، أو المجلجلة، إن حدث ذلك من المحتمل أن يتعرض المرء للموت، ما هو أشد سوءا من مجرد ارتفاع في الحرارة والصداع الخفيف والاحمرار الداكن حول جرح ملتهب.
ولكن هناك نوعين من ثعابين الأنياب الخلفية التي عرف عن قدرتها على قتل الناس، تعرف أحدها باسم أفعى العصافير، التي تنتشر في مناطق من جنوب أفريقيا، وهي عادة ما تسكن في غابات المطر الاستوائية هناك، وعلى أطراف السهول وما شابه ذلك، وهي صغيرة الحجم لا يتعدى طولها أربعة أقدام، ونحيلة جدا، يعرف عنها أنها مسالمة جدا لا تحب المواجه وقلما تلسع، مع أنها إذا فعلت تسفر عن نتائج خطيرة.
عندما يشاهد ثعبان العصافير عدوا عادة ما يلجأ للاختباء بين أغصان الشجر، وعي تفعل ذلك بسهولة لأنها تتقن التسلق. عندما لا تفلح في الهرب تلجأ لتخويف عدوها، وذلك بنفخ عنقها كالبالون، حتى يبلغ حجمها ضعف ما يكون عليه عادة، ما يجعلها تخيف الحيوانات فعلا، وإن لم تفلح في ذلك تلسع الأفعى عدوها، ثم تحقنه بسم، هو قوي بما يكفي لقتل الحيوانات وبعض البشر أيضا، أي أنها أفعى خطيرة فهلا، ولكن الثعبان الأشد خطورة بين مجموعة الأنياب الخلفية هي أفعى البومسلينغ، وهي عادة ما تنتشر في أفريقيا، وتحديدا في المناطق الجنوبية الاستوائية من القارة السوداء تماما كأفعى العصافير، وهي تمضي غالبية وقتها فوق الأشجار، فهي تتسلق الأشجار بمهارة عالية.
لا تعتبر هذه الأفعى كبيرة الحجم بل هي صغيرة قد لا تتعدى الخمسة أقدام مع أنها أكبر من أفعى العصافير بقليل. أما إذا تعرض هذا الثعبان لعدو ما، يحاول الهرب وعندما يصل إلى الشجرة عادة ما يختفي، لأنها سريعة جدا، وإن لم يتمكن من ذلك، يتبع استراتيجية أفعى العصافير، فينفخ عنقه حتى يبلغ ضعف ما كان عليه، وينفث محاولا أن يخيف عدوه، وهو عادة ما ينجح في اتباع هذا الأسلوب. أما إن لم يفلح في ذلك فيلسع من يقارعه، وعادة ما تكون لسعته خطيرة جدا.
أي أن ثعابين الأنياب الخلفية لا تشكل خطرا على بني البشر، إذ أن ما تسببه من أذى لا يتعدى الإحساس بالمرض لبعض الوقت، أما لسعتي البومسلينغ وأفعى العصافير، فهي تعتبر فتاكة. إذا كنت في أفريقيا من الأفضل أن تتفادى العبث معها. هناك مسألة يجب أن نتذكرها جيدا أنه رغم تمتع البومسلينغ وأفعى العصافير بالسم الفتاك والأناب الخلفية، فهي تعتبر من الثعابين المعتدلة والمسالمة، ومبدئيا، إذا تركتها وشأنها، ستدعك وشأنك، أما الثعابين الأخرى مثل المنغروف، فلا يمكن أن تواجه المشاكل معها إلا إذا وضعت يدك في فمها راغبا في أن تلسعك.
=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على سلحفاة تسكن في أفريقيا، وهي تسمى سلحفاة المفصلة، التي تنتمي إلى مجموعة سلاحف اليابسة، أي أنك لن تعثر عليها في الماء تسبح وتغطس وتلعب في البرك والأنهر الأفريقية على الإطلاق، لأنها إذا ما نزلت إلى الماء، ستغرق وتموت مباشرة، وهي لا تريد ذلك، لهذا لن تجدها عند شواطئ البحيرات وعلى ضفاف الأنهر الأفريقية أبدا.
لدى السلحفاة المفصلة، الكثير من المزايا المشتركة مع السلاحف الأخرى، أول ميزة مشتركة بينها هي أنها تعيش في اليابسة ولكن بعض هذه السلاحف، كالتي لدينا الآن، في المناطق الرطبة والمبللة، أي أنها لا تحب العيش في المناطق الجافة كالمناطق الصحراوية فهي تفضل الأراضي الرطبة أكثر من غيرها.
الميزة المشتركة الأخرى بينها هي أنها تعيش على النباتات، فهي تأكل الخضار والفاكهة وتتغذى على الزهور والنباتات الأخرى، ولكن بعضها مثل المفصلة، تحب أن تأكل بعض اللحم، واللحم الذي تأكله بين الحين والآخر لا يتعدى الحشرات والديدان وما شابه ذلك.
من طبيعة السلاحف أن تضع البيض، ولكن هناك تنوع كبير في مجال وضع البيض بين السلاحف. لديك مثلا السلاحف البحرية الخضراء التي تضع أكثر من مائة بيضة في وقت واحد، وهناك أيضا نوع من سلاحف اليابسة التي تضع بيضة واحدة فقط. ما يعني أن هناك تنوع كبير في مجال وضع البيض حسب تنوع السلاحف.
نعرف أن بعض السلاحف تعيش في الماء ليعيش بعضها الآخر على اليابسة، لدى كل منها ظروف محددة يتأقلم كل من النوعين معها. فالسلاحف التي تسكن في الماء مثلا تتمتع بقوائم كالدوافع، تساعدها على التجديف في الماء، وعادة ما تكون صدفتها مسطحة أكثر، وأخف وزنا، فإذا كانت الصدفة منحنية وثقيلة وكبيرة الحجم، لا يمكن أن تعوم وفوق ظهرها مرساة، لا يمكن أن تعوم طويلا، لهذا عادة ما تكون الصدفة مسطحة كي تناور بها بسهولة أكبر، كما أنها خفيفة الوزن، كي لا تسقط إلى قاع البحيرة.
أما سلاحف اليابسة، فلا تحتاج لمثل هذه المواصفات، ويمكنها الاعتماد على صدفة سميكة منحنية وصلبة جدا، كي تضمن سلامتها، فهي لا تحتاج إلى إلى ما تجدف به للسباحة، والحقيقة أن أحد أهم مزايا قوائم سلاحف اليابسة هو قوتها الفريدة، وإذا تأملت بإحدى قوائم السلحفاة التي لدينا الآن، ستلاحظ أنها ضخمة ثقيلة الوزن تشبه قوائم الفيل وكأنها جذوع الشجر، وهي قوية جدا كي تحمل وزن الصدفة الثقيل الذي فوقها.
أي أن قوة القوائم هامة جدا بالنسبة لهذه السلاحف. وهناك ميزة أخرى لدى هذه السلاحف، نعلم أنها لا تحب ولا تستطيع السباحة على حد سواء، كما أنها لا تحب الاقتراب من الماء، لأنها تخاف السقوط والغرق فيها، ولكن كيف تحصل على الماء الذي تشربه؟ بعض السلاحف لا تشرب الماء، بل تأكله، وذلك من خلال النباتات والخضار والفاكهة التي تتناولها والتي تحتوي على كميات كبيرة من الماء، وبدل أن تشرب الماء تتغذى على هذه النباتات الغنية بالعصير، وتحصل على الماء من خلال الطعام، وهكذا لن تتعرض إلى الغرق عندما تحاول الوصول إلى الماء كي تشرب.
تناسب هذا العملية السلاحف التي تعيش وسط الصحراء، حيث لا يوجد أنهر أو بحيرات، وإلا لما كانت صحارى، لهذا تحصل هذه السلاحف على الماء مما تأكله.
نعلم أن لجميع السلاحف صدف، تستخدمه كي تختبئ فيه من أعدائها، مع أن بعضها لا تستطيع ذلك على اعتبار أن الصدفة التي لديها لينة ولا يمكن أن تختبئ فيها، لهذا يجب أن تبقي العدو بعيدا عنها بطريقة أخرى، وهي غالبا ما تعتمد السبل العدوانية، غالبا ما تتميز سلاحف الصدف اللين بالعدوانية والشر وهي تعض على الدوام، مع أنها ليست جميعا هكذا هناك عدد ضئيل منها مسالم، ولكن تلك التي تسكن في الولايات المتحدة إجمالا تتميز بالعدوانية. هناك ميزة أخرى لدى السلاحف هي أن صاحبة الصدف الصغير، عادة ما تميل إلى العدوانية، وهل تعلم أن صاحبة أصغر صدفة بين السلاحف هي السلحفاة الناهشة؟ تتذكر زميلتي في البرنامج سوزي، إذا قلبناها رأسا على عقب، سترى أنها بدل الصدفة المسطحة والواسعة كهذه، لديها خطين متقاطعين فقط، ينطبق ذلك على ظهرها تقريبا، أي أنها مفتوحة تقريبا، يمكن للحيوان أن يأكلها مباشرة ودون عناء، لهذا ترى السلاحف الناهشة عدوانية لن تسمح لأحد بأن يقلبها لأنها لا تريد أن تصبح وجبة للغداء.
أي أن سلاحف الصدف اللين والصدف الصغير تميل إلى العدوانية بشكل عام. لا شك أن أفضل سلحفاة تتقن الاختباء في العالم، هي سلحفاة العلبة، التي تتمتع صدفتها بأبواب يمكن أن تقفلها خلف الأطراف والرأس والذيل لتصبح في أمان، حتى أن صدفتها تعتبر أهم وسيلة دفاعية، لدى السلاحف، أما سلحفاة المفصلة، فهي بين البينين، أي أنها ليست شريرة وعدوانية جدا، كما تتمتع بصدفة صلبة قوية يمكن أن تختبئ بداخلها، وهي لا تعتمد على بوابتين كما في صدفة العلبة، بل لديها باب واحد، لنحاول أن نعثر عليه الآن، لننظر هنا، أبواب سلحفاة العلبة عند بطنها هنا ولكني، لا أرى أي باب هنا، أين له أن يكون إذا؟ إنه على ظهر، صدفة السلحفاة، إذا أمعنت النظر هنا سترى تشققا في أعلى جانبي ظهر السلحفاة، وهي تفتح وتغلق مؤخرة الصدفة تماما كما يفتح المرء صندوق السيارة الخلفي. فإذا أرادت الخروج في نزهة، تفتح الباب الخلفي، لتخرج قوائمها الخلفية وذيلها وتبدأ المسير. وحين ترى عدو لها، تسحب قوائمها وذيلها وتختبئ داخل الصدفة، وتدخل رأسها وقوائمها الأمامية لتصبح بأمان، صحيح أنها ليست بنفس أمان سلحفاة العلبة، ولكن لا بأس بحالها، فهي تستطيع إقفال الصدفة جيدا وتحكم الإقفال على مؤخرة جسمها، ما يجعلها تشعر بالأمان، صحيح أن لديها باب واحد، ولكنه أفضل من عدم وجود أبواب.
=-=-=-=--=-=
سنتعرف الآن على ثعبان جميل، يسمونه أفعى أشعة الشمس، التي تسكن في جنوب شرق آسيا. أعرف أن بعضكم سيتساءل في نفسه أي أشعة شمس هذه التي تحملها الأفعى اسم لها، مع أنهى تعبث بالوحل والأوساخ، فكيف يسمونها أشعة الشمس؟ إذا قلبت الثعبان إلى الناحية الأخرى سترى ما يعنيه هذا الاسم هنا، لا بد أنك تلاحظ جلدها اللامع البراق، وإذا نظرت عن قرب، يمكن أن ترى بعض النقاط الملونة التي تنتشر في أرجاء جسمها، أي أنها أفعى جميلة جدا، يبدو أن الغيوم متلبدة اليوم، ولكن لو كانت الشمس مشرقة لتمكنا من رؤية الألوان الساطعة تنعكس من جلدها، وهي تشمل الأسود والأزرق والبنفسجي والبني، أي أنها تبدو جميلة جدا في الأيام المشرقة.
ألم يسبق أن رأيت ما يعكسه بعض النفط على وجه الماء حين يتعرض لأشعة الشمس؟ لا أحد يحب ذلك لأنه تلوث، ولكن يمكن أن ترى ما يعكسه بعض النفط على وجه الماء حين تشرق الشمس من ألوان جميلة، وهذا هو الحال بالنسبة للألوان على جسمها، عندما يتعرض لأشعة الشمس.
يمكن القول أن أفعى أشعة الشمس غريبة إلى حد ما، نقول ذلك لأنها تحب العيش في الجحور، لهذا فهي تحفر الجحر بنفسها، وهذه مسألة لا تقوم بها الكثير من الثعابين، مع أنها جميعا تسكن الجحور، كما هو حال المجلجلة والكوبرا وغيرهما، ولكنها لا تحفر بنفسها، تذكر جيدا، هل سبق أن رأيت مجلجلة تحفر ثقبا؟ لا يمكن، لأنها تنتظر أن يحفر الجحر حيوان آخر، كي تسكن فيه.
هذا ما تفعله غالبية الثعابين، عدا أشعة الشمس، لأنها تحفر الجحر بنفسها، مع أنها لا تستعمل أدوات الحفر، كيف لها أن تفعل ذلك؟ هل يمكن أن تستعمل المجرفة؟ كلا، ليس لديها أيدي للقيام بذلك، هل يمكنها أن تقود جرارا؟ لا أظنها، لا بد لها من أيد وأقدام لقيادته، أي أن الأدوات لا تنفعها في حفر الجحر، ولكنه يعلم أنه إذا ما أراد الحصول على جحر، عليه أن يستعمل رأسه.
عندما أتحدث عن استعمال رأسه، لا أعني أن يفكر بطريقة لحفر الجحر، أعني أن يستعمل رأسه لأنه يحفر بوجهه، أي أن هذا الثعبان ينفض التراب ويحفر بأنفع وفكيه وجنبات وجهه ويتابع على هذا الحال بأسرع ما يمكنه، علما أنه يستطيع التحرك سريعا تحت الأرض، لأنه حفار بارع جدا. أما السبب في هذه المهارة فهو أنه يتأقلم مع هذه المهمات، فإذا نظرت إلى وجهه مثلا يمكن أن ترى بأنه رقيق وواسع تماما كالمجرفة، هكذا يستعمل وجهه تماما كما نستعمل نحن المجرفة، وإذا تأملت أكثر في ملامحه ترى أن أنفه صغير جدا، ما يناسب الحفر جدا، وإلا لو كان أنفه طويلا وبدأ الحفر لامتلأ أنفه بالوحل والتراب طبعا، ما يحول دون أن يتمكن من التنفس، ولكن بفضل ما يتمتع به من أنف صغير لا يسمح لشيء بدخوله، حتى لو دخله بعض الغبار في هذه الأثناء، كل ما يجب أن يفعله هو العطس قليلا، لينظف أنفه تماما.
والآن لننظر إلى عيناه، لو أمضى المرء فترة طويلة تحت الأرض حل يحتاج إلى نظر ثاقب؟ لا أظن ذلك، فليس هناك ما يستوجب رؤيته، ليس هناك ضوء، أي أن النظر الثاقب تحت الأرض لن يساعده في شيء، بالعكس سيضره ذلك جدا، لو أن عيناه كبيرتان لتعرضتا للأذى من كثر الأوساخ، أما هذا الثعبان فعيناه صغيرتان، لا تتعرض للضرر بسهولة كما أنها بعيدة عن الأوساخ والتراب أثناء الحفر، أي أن صغر عيناه في مصلحته أفعى أشعة الشمس.
هناك عامل آخر يساعده في أعمال الحفر، وهو جلده، يمكن أن ترى جلده البراق الناعم جدا، إذا لمسته ستشعر وكأنه مغطى بالدهون أو الشمع، ما يعني أنه قادر على التحرك تحت الأرض، دون أن يعلق جسمه بأي شيء، وهذه مسألة رائعة.
تعيش هذه الأفعى على أكل الفئران والجرذ والسحالي التي يعثر عليها أثناء مروره عبر الثقوب والأخاديد تحت الأرض، أو تحت لحى الشجر، ولكن أتعرف أنه أحيانا ما يقبض على حيوان ما بمجرد الصدفة؟ فعلا. عندما يشعر الثعبان بالتعب، يلتف حول نفسه كي يستريح، وهكذا يغفو تحت الأرض، تحت بعض أوراق الشجر والأعشاب، من حيث يمكن أن تعبر أشعة الشمس، ما يجعلك ترة مجرد بقعة شاذة عن لمشهد العام، ولكنها لا تبدو كجسم الثعبان، بل تبدو أشبه ببقعة ماء صغيرة، حين تمر سحلية من هناك تفكر في نفسها أن هذه بقعة ماء صغيرة، فتقترب منها كي تشرب قليلا وفجأة، (..) تجد الأفعى وجبة الغداء، وهكذا تحصل على الطعام دون أ، تسعى إليه.
آمل أن توافقوني الرأي بأن أفعى أشعة الشمس متأقلمة جدا على العيش تحت الأرض في غابات جنوب شرق آسيا.