منذ أيلول وأكفّنا رسائل شوقٍ ..وقلوبنا ساعي بريد..
ايها المطر القادم الينا من بعيد..
هل حقاً ستزورنا الليلة ؟
هل سترمي حقيبة الغيم خلف بوابة البيت وتقبّلنا جميعاً جميعاً..
وتبللنا جميعاً جميعاً بعرق الغيبة النقي...
ايها المطر القادم الينا من الغربة...
انتظرناك كأب مسافر،
منذ أيلول مشطتنا امنا الأرض بلهفتنا ،
حفظتنا أناشيد الشتاء ، وابتهالات الهطول ..
وبقينا ننتظرك خلف النوافذ ،من فوق المنازل ،
من شقوق الأبواب ..
قلنا ربما يغافلنا آخر الليل ويأتي ..
لكنك أطلت الغياب..
ايها المطر القادم الينا من بعيد ..
أوسعنا لهيبتك مكاناً ، وفرشنا لك في الصدر غيمتين عاليتين،
خزّنّا المؤن كما عودتنا ، وهادنّا الدفء كما علمتنا ،
وأجرينا عمليات قسطرة للأودية والشعاب..
فقط، تعال واضرب جرس السماء بزمجرة رعدٍ تكسر برواز العطش عنا.
تعال..تغلغل في جدائل طالبات المدارس ،
انهي حصة الرياضة للصف الرابع،
شاغب مع خبز الموظفين العائدين ،
اطرق زجاج ربات البيوت الضجرات ،
وانفث بصوتك حناجر المزاريب المهملة ،
اعط امي وقتاً كافياً لتتلو علينا الاحلام ،
وارفع موسيقاك عالياً لأكمل الرواية بسلام ،
اقرأ فنجان الشوارع الملطخة بالطين ،
داهم عش سنونو ، ايقظ كوخ الصفيح لحارس ليلي ،
امسح مستعمرات الرمل عن واجهات البيوت ،
أمهل العشّاق كثيراً ،
و أوقف السير قليلاً...
ثم البسني زخة على مقاسي..
ايها المطر القادم الينا من بعيد ،
بعثر جدول أعمالنا ،
الغ كل مواعيدنا ،
عطل لقاءاتنا..
واجعلنا نتفرّغ قليلاً قليلاً اليك..
كم نشتهي ان نرى أنفسنا بمرآة برقك ..
ايها المطر القادم الينا من بعيد..
اغسلنا من "سناج" عيشنا..
لنعود كما كنا أبناءك.