يقع مقام يوسف الإسلامي، بالقرب من المنازل السكنية في قرية بلاطة المجاورة لمدينة نابلس، ولا يشير الهدوء الذي يحيط في المكان، إلى انه شهد اكثر المواجهات دموية بين متظاهرين فلسطينيين وجنود الاحتلال في بداية انتفاضة الأقصى.
وارتبط المقام، لفترة طويلة، وغير معروفة بمعتقدات شعبية إسلامية، باعتباره مقام لرجل صالح، ولكن بعد الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967، اصبح مقصدا للمتدينين اليهود باعتباره مقام النبي يوسف الصديق، وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2000، مع اندلاع انتفاضة الأقصى جرت في محيط المقام مواجهات عنيفة أسفرت عن سقوط نحو 30 فلسطينيا، وعدد من جنود الاحتلال الذي يسيطرون على المقام. وأدت هذه المواجهات إلى حرق المقام، وتهدم أجزاء منه، وخلال سنوات الانتفاضة، عاد المستوطنون اليهود بحماية الجيش الإسرائيلي إلى المقام اكثر من مرة، وخلال الفترة الأخيرة، كانت مجموعات من المستوطنين المسلحين يتسللون إلى المقام واداء شعائر دينية تحت حراب السلاح.
وتحول المقام الان إلى مصدر جديد للتوتر، مع تزعم ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لجهود إسرائيلية من اجل إعادة السيطرة على المقام، ضمن ما يعتبره الفلسطينيون صراعا على مرجعيات ثقافية تخصهم ويسعى الاحتلال إلى سلبهم إياها. ويعتقد الفلسطينيون أن إثارة موضوع المقام الان، يأتي ضمن خطة مبرمجة إسرائيلية يهودية، وفي الأسبوع الماضي، اتصلت القنصلية الفرنسية بالقدس، بالسلطة الفلسطينية المحلية في نابلس، وطلبت منها ترتيب زيارة إلى المقام للحاخام الأكبر للجالية اليهودية الفرنسية واسمه يوسف سيتروك، فاعتذرت السلطة لأنها تدرك صعوبة الأمر من ناحية أمنية، ولأنها لا ترغب بفتح موضوع المقام الجالب للمتاعب من جديد. ولكن الحاخام الفرنسي لم يستسلم، ولم ينتظر موافقة السلطة الفلسطينية صاحبة السيطرة الاسمية في مدينة نابلس، فدخل إلى المقام متسللا في الليل مع مجموعة من رفاقه الحاخامات الإسرائيليين، وبحماية من الجيش الإسرائيلي، الذي يحاصر مدينة نابلس بالحواجز العسكرية، والأبراج العسكرية. وكانت زيارة الحاخام الفرنسي لمقام يوسف، مناسبة لطرح موضوع المقام من جديد بالنسبة لأوساط إسرائيلية، فقدم العشرات من أعضاء الكنيست عريضة إلى اولمرت دعوه فيها إلى مطالبة السلطة الفلسطينية بترميم مقام يوسف “الذي دمر على أيدي فلسطينيين”، وبين موقعي العريضة رئيس حزب شاس الوزير في الحكومة الإسرائيلية ايلي يشاي، وزعيم المعارضة النائب الليكودي بنيامين نتنياهو. وتبنى اولمرت الموضوع وقال بان إسرائيل قررت مطالبة الفلسطينيين بترميم ضريح سيدنا يوسف، واشار إلى انه أوعز لوزير دفاعه أيهود براك باتخاذ الخطوات اللازمة بهذا الشان، وأضاف أن الموضوع سيكون مدار بحث خلال المحادثات مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وقال اولمرت بتأثر “يوسف الصديق يشكل بالنسبة لنا رمزا لمواجهة الأوضاع الصعبة من خلال الإيمان العميق والقدرة على قلب الأوضاع وتحويلها إلى أداة للتقدم إلى الأمام”.