بناء على دراسة علمية حديثة قام بها البروفيسور موري ستراوس، عالم النفس في جامعة هامشير، فإن الاطفال الذين يتعرضون للضرب والصفع يملكون معدل ذكاء أقل بكثير من الاطفال الذين لا يتعرضون للاساءة، وهذا ينطبق على الاطفال في جميع انحاء العالم
.يتمنى جميع الأباء ان يكون أطفالهم أذكياء، وتظهر الدراسة التي قام بها د. ستراوس ان تجنب الضرب والصفع وتصحيح السلوك الخاطىء عند الطفل بطرق اخرى، يجعل من ذلك ممكناً. ويؤكد د. ستراوس على ضرورة ادراك علماء النفس لحاجة الأهل لإنهاء آلية العقاب الجسدي الذي يوقعونه على أطفالهم، عبر تجسيد هذا الهدف بتعليمهم وتثقيفهم وتقديم الاثباتات لهم بمدى تأثير هذا الامر على صحة أطفالهم، وبالمقابل آن للدول التي تسمح بضرب وإساءة الاطفال، بإصدار التشريعات أو القوانين التي تحاسب كل من يتسبب بالاساءة اليهم
.
وجد د. ستراوس ان الاطفال الذين يتعرضون للضرب في الولايات المتحدة الامريكية مثلاً، يملكون معدل ذكاء أقل بكثير من الاطفال الذين في نفس الفئة العمرية ولا يتعرضون للإساءة من الاهل او الاقارب، فقد قام بإجراء فحوصات نفسية على 806 أطفال تتراوح أعمارهم من 2-4 سنوات، و704 أطفال تتراوح اعمارهم من 5-9 سنوات. وقام بإعادة فحصهم بعد 4 سنوات من بدء الدراسة. فوجد ان الاطفال الذين لم يتعرضوا للضرب بعمر 2-4 سنوات حصلوا على معدل ذكاء أعلى بخمس نقاط بعد مرور 4 سنوات مقارنة بالاطفال الذين كانوا يتعرضون للضرب والصفع. كما وجد ان معدل ذكاء الاطفال الذين تتراوح اعمارهم من 5-9 سنوات ولم يتعرضوا للضرب، يفوق ذكاء الاطفال من الفئة العمرية نفسها ويتعرضون للضرب بثلاث نقاط. ومن المثير للدهشة ان عدد المرات التي يتعرض فيها الاطفال للضرب كان لها تأثير كبير على معدل الذكاء، فكلما زاد عدد المرات التي يتعرض الطفل فيها للضرب كلما انخفضت مقدرته العقلية
.
كما وجد د.ستراوس إنخفاضا شديدا في معدل الذكاء عند الاطفال الذين يعيشون في دول يُسمح فيها بضرب الاطفال، فقد أشارت النتائج الى وجود رابط قوي بين العقاب الجسدي ومعدل الذكاء بخاصة عند الاطفال الذين يتعرضون للعقاب الجسدي بشكل مستمر، حتى لو كانوا في سن المراهقة
.
ويعزو د. ستراوس ارتباط انخفاض معدل الذكاء بالعقاب الجسدي لسببين هما:- أولاً، الضغط الشديد الذي ينجم عن العقاب الجسدي ويمكن ان يصبح مصدر توتر مزمن عند الاطفال الذي يتعرضون للعقاب الجسدي ثلاث مرات أو اكثر في الاسبوع ويستمر لسنوات عدة. فقد أثبتت نتائج الدراسة ان التوتر الناتج عن العقاب الجسدي يزيد من حدوث أعراض تسمى بأعراض توتر ما قبل الصدمة مثل الخوف الشديد من حتمية وقوع العقاب الذي يصاحب الطفل لساعات عدة قبل حدوث ذلك، وهو ما يرتبط بإنخفاض معدل الذكاء
.
ثانياً:- الضغط النفسي الذي يؤثر على الآباء نتيجة انخفاض المستوى المعيشي أو الاقتصادي، ويؤثر بالتالي سلباً على الابناء. فقد أظهرت الدراسة ان الدول التي يتمتع شعبها بمستوى اقتصادي جيد يتمتع اطفالها بمعدل ذكاء عال.
والخبر الجيد الذي خرجت به الدراسة ان نسبة الاطفال الذين يتعرضون للعقاب الجسدي في جميع انحاء العالم في انخفاض مستمر، مما سيؤثر ايجابياً على معدل الذكاء عند الاطفال. فقد اصبح إبتعاد الناس عن العقاب الجسدي ظاهراً وبشكل واضح، وقد حرّمت 24 دولة العقاب الجسدي في مطلع عام 2009 وشملت دولاً أوروبية وامريكية، فقد قامت بعض هذه الدول بمنع عقاب الاطفال الجسدي من قِبل آبائهم، وبذلت اقصى طاقاتها لتثقيف شعوبها وتوعية الآباء والامهات في الامور التي تتعلق بتربية ابنائهم، كما بذلت جهوداً جبارة لضمان تطبيق هذا المنع
.
ويؤكد د. ستراوس الذي يعتبر الباحث الاول في هذا المجال بسبب دراسته لآثار الضرب على الاطفال منذ عام 1969، على كثرة الادلة التي تشير الى انخفاض مستوى العنف تجاه الاطفال في جميع انحاء العالم ، وقد قام بتوثيق جميع نتائج دراساته العلمية بكتاب لاقى رواجاً كبيراً في العديد من الدول، ويحمل عنوان: «ضرب الشيطان فيهم» والذي يتناول العقاب الجسدي الذي تمارسه العائلات الامريكية وأثره على الاطفال.