التوضيح في بيان قوله تعالى (أو لا مستم النساء).سورة النساء
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد محمداً عبده ورسوله، وصفيه، وخليله، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين، وتركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء، والطريق الواضح ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتنكبها إلا ضال. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا.
فقد تواضع الأخ الفاضل سمير فارس حفظه الله ورعاه، وسأل العبد الفقير إلى رحمة مولاه، عن معنى قوله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾. وهل ذلك يفيد الجماع، أو مجرد اللمس بلا وقاع.
فأقول وبالله وحده لا شريك له أستعين، مستدلا بأدلة عن علم ويقين، من السنة والقرآن المبين، على أن اللمس في هذه الآية يفيد الجماع، ودليلنا عليه موصول بدون انقطاع.
أولا نبدأ بالنص الأول لأنه الأصل في موضوعنا: قال الملك تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾.
ذهب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة، وغيرهم: وكنّي باللمس عن الجماع لأن الجماع لا يحصل إلا باللّمس.
فعن سعيد بن جبير قال: ذكروا اللمس، فقال ناس من الموالي: ليس بالجماع. وقال ناس من العرب: اللمس الجماع. قال: فأتيت ابن عباس فقلت: إنّ ناسًا من الموالي والعرب اختلفوا في"اللمس"، فقالت الموالي: ليس بالجماع، وقالت العرب: الجماع. قال: من أيّ الفريقين كنت؟ قلت: كنت من الموالي. قال: غُلِب فريق الموالي، إن"المس" و"اللمس"، و"المباشرة"، الجماع، ولكن الله يكني ما شاء بما شاء.
وعن الشعبي، عن علي رضي الله عنه قال: الجماع.
وعن الحسن قال: الجماع.
وعن خصيف قال: سألت مجاهدًا فقال ذلك.
عن قتادة والحسن قالا غشيان النساء.