[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]في الشروط الطبيعية، وعقب الولادة بقليل، تصدر عن الوليد بعض التثاؤبات المؤثرة,ونظراً للتعب الذي ينطوي عليه مجيئه إلى هذا العالم, فإنه يخيل إلينا بأنه يتثاءب لأنه متعب, ولكن الأمر ليس كذلك على الأرجح، فهذه التثاؤبات العريضة هي منعكسات من شأنها أن تتيح تدفق الأكسجين إلى رئتيه, وإن لهذه المنعكسات أهمية حاسمة عندما تصبح حياة الوليد مستقلة عن حياة الأم.
يمر هذا التثاؤب عند الكثير من الولدان الحاليين، دون أن يلحظه أحد، بسبب اقتصار حضور الولادة على الطاقم الطبي, وفي الواقع، إذا ما سارت عملية الولادة بوتائر متسارعة، وكان صراخ الوليد قوياً جداً بسبب قسوة الأيدي التي تتعامل معه, فإن هذه التثاؤبات لن تحدث.
بالمقابل إذا ما تمت الولادة بهدوء وارتياح، وإذا لم يقطع الحبل السري إلا بعد مرور بعض الوقت، فسيشرع الوليد حينها بالتنفس وفق إيقاعاته هو, وبذلك يسير التنفس و التثاؤبات وفق الأداء الطبيعي والمعتاد، قبل توقف الحبل السري عن نقل دم الأم بوقت طويل.
وكثيراً ما يدفع الخوف من ألا يتنفس الطفل إلى أن يسير النشاط والتدابير المرافقة للولادة بوتائر سريع، فيبدو وكأن على الوليد تشغيل رئتيه على نحو أسرع مما وهبته الطبيعة من القدرة في ذلك.
عندما نوفر للوليد مساعفة أكثر وداً ولطفاً، أو عند حدوث الوضع في شروط أكثر بدائية وأقل طبية، يمكننا أن نراه متثائباً, وقد أفرزت واقعة التثاؤب هذه الظاهرة ملفتة للانتباه يحترمها معظم الأشخاص الكبار.
إننا جميعاً نغطي أفواهنا عند التثاؤب, واليوم تشكل هذه الحركة جزءاً من اللباقات المطلوبة بين الناس، ولكن دون أن يفسر أحد سببها, وفي ظروف أخرى، نجد أن فتح الفم ليس مؤشراً على عدم اللباقة فبماذا يتسم التثاؤب؟
في الواقع ،هنالك من ربط،خطأ بين تثاؤب الوليد ومعدل الوفيات المرتفع بين الولدان, و لا علاقة للتثاؤب مع معدل وفيات الرضع على العكس, ولكن استطاعت العقول المتطورة أن تروج هذا الإدعاء منذ عدة قرون خلت.
وقد كان معتقداً أنه عندما يفتح الوليد فمه على مداه كي يتثاءب فإنه إنما يسهل بذلك خروج بعض روحه من بدنه ،فيضعف إلى حد الموت, وعملياً لما كان الكثير من الأطفال يموتون خلال الأيام الأولى والأسابيع الأولى التي تعقب الولادة بسبب الشروط الصحية المأساوية وطرق الوضع ذات التأثيرات و العقابيل المؤذية فإنه كان لابد من البحث والعثور على تفسير.
ففي روما القديمة كانوا ينصحون الأم بأن تتقي كل علامة للتثاؤب عند الوليد وأن تغلق فمه إن شرع بذلك قدر الإمكان كي يمنع روحه من أن تضعف, وما أن كان الطفل يبلغ سن الرشد حتى يعلمونه القيام بهذه الحركة الحامية, وهكذا عندما نضع أيدينا أمام أو على أفواهنا حين نتثاءب فإننا نكرر عن غير علم منا، عادة قديمة مكرسة للحفاظ على أرواحنا داخل أجسادنا, و ما نعتبره اليوم مجرد حركة لباقة هي في الواقع استمرار وتكرار لتطير بدائي.