عثر فريق أثري من مراقبة آثار طرابلس يجري أعمال تنقيب، داخل أراضي مخصصة لإقامة مشروع سياحي، على مجموعة من أفران الفخار مشيّدة على شواطئ منطقة جنزور 20 كيلومترا غرب مدينة طرابلس، تمثل جزءاً من مرفأ خاص، لنقل زيت الزيتون بين مدن الأقليم، يرقى تاريخه إلى فترة ازدهار إقليم "تريبوليتانيا" في القرن الثاني من العصر الروماني، وامتدت فترة استخدامه إلى القرنين الخامس، والسادس الميلاديين وفق نتائج الدراسات الأولية.
مخلفات صناعية
وأشار مراقب آثار طرابلس المكلف الأستاذ رمضان امحمد الشيباني إلى اكتشاف أساسات مبنى وأرضية فسيفساء وأجزاء من أعمدة، يعتقد أنها فيلا رومانية ملحقة بمزرعة لإنتاج الزيتون تعود ملكيتها لأحد الأثرياء الذين كانوا يقطنون ريف مدينة أويا، بالإضافة إلى أربعة أفران لشيّ الفخار، يبلغ قطرها نحو 3 أمتار، عثر بداخلها على مجموعة من الأمفورات إثر القيام بالحفر لعمق 50 سنتيمتراً، فضلاً عن غرفة ملحقة بالأفران تحوي مخلفات صناعية ومواد تحمل تركيبات عضوية.
موقع استثنائي
قد يعيد الاكتشاف الجديد صياغة نتائج عدد من الدراسات السابقة، ويغيّر قراءة الكثير من المعطيات، حول تاريخ صناعة الفخار بمنطقة حوض المتوسط، لاسيما في الأراضي المطلة على الضفة الجنوبية، حيث تشير خلاصة دراسات سابقة إلى أن أقليم طرابلس كان يستورد الأمفورات الخاصة بنقل زيت الزيتون من قرطاجة، وهذا الاكتشاف مع اكتشافات سابقة بنقاط مختلفة من مدينة طرابلس يعزز النظريات التي تؤكد انتشار مصانع الفخار بالأقليم، وفق ما أوضحه الشيباني، مضيفاً أنه تم اكتشاف مجموعة من الأمفورات محفور عليها أحرف لاتينية، تحمل اسم الصانع، كانت في فترات تاريخية سابقة تعطي احصائيات لإدارة المنشأة عن كميات وحركة الانتاج، وحجم انتاجية الصناع.
وأعلن الشيباني عن العثور على 30 نوعاً من "الأمفورات" متنوعة الأشكال والأحجام، سيتم إضافتها إلى قائمة ماعثر عليه بمدينة صبراتة، ومنطقة حي الأندلس سنة 1997، ضمن كتيب خاص بالاكتشافات السابقة للفخار في إقليم تريبوليتانيا.
اكتشافات مغمورة بالمياه
على اليابسة التي تحدّ الموقع من جهة البحر وتلفه على شكل خليج صغير، عثر على مجموعة نقوش محفورة بالصخور، تحمل أشكالاً حيوانية، من بينها ثور ضخم، لا يزال يخضع للدراسات لتحديد تاريخها، في حين تم اكتشاف مجموعة من شظايا الفخار مغمورة بالمياه على أعماق مختلفة من شواطئ المرفأ.
انتهاكات متكررة
وشدد الشيباني على مطالبته بضرورة تطبيق القانون فيما يتعلق بإجراء المسوحات الأثرية قبل الشروع في تنفيذ أي مشاريع تنموية، تفادياً لتدمير الإرث الثقافي، والحد من الانتهاكات المتكررة للقوانين والتشريعات الليبية، لاسيما قانون 3 المتعلق بحماية الآثار، واستباحة حرمة المواقع الأثرية مع تزايد وتيرة التوسع في إقامة المشاريع التنموية، مناشداً جميع الشركات احترام القانون القاضي بضرورة تنفيذ إجراءات المسح الأثري قبل الشروع في عملية البناء، مضيفاً أن قلة الإمكانيات قد لا تسمح للمصلحة بمتابعة المستجدات المتلاحقة، سوى بعض الزيارات إلى مواقع الشركات، مشيراً إلى اكتشاف أكثر من 5 مواقع أثرية ضمن أراضي مشاريع تنموية، يجري تنفيذها في مدينة طرابلس وضواحيها، مايستدعي ضرورة تدارك الأمر واتخاذ التدابير اللازمة، لأن عكس ذلك يعد استباحة متمادية للقوانين، وانتهاكاّ لروحه، وتثبيتاً للمخالفات وشرعنتها.