تعد الطفولة أولى المراحل العمرية المكونة لنفسية الإنسان وهي من أكثر المراحل تأثراً بالبيئة المحيطة كما أنها النواة الأولى لتكوين الشخصية وتحديد اهتماماتها وإظهار ملامحها في مراحل مقبلة كمرحلة المراهقة التي تكون شخصية الإنسان فيما بعد . بالتالي فالأطفال أكثر تأثراً من غيرهم ، وفي عصر كعصرنا الحالي والذي أطلق عليه اصطلاحا عصر تكنولوجيا المعلومات
والذي جعل العالم قرية صغيرة يمكن تتبع أطرافها دون أدنى عناء أو مشقة من خلال الفضائيات التي تنقل أخباره إلى كل أنحائه لحظة بلحظة ، في ظل هذا العصر الذي أثر على مختلف شرائح المجتمعات وطبقاتها وأعمارها أيضاً، بات من الضروري التنبه لشيء هام وخطير تكمن خطورته في تحديد شخصية الفرد منا خصوصا الأطفال الأكثر تأثرا بما حولهم ولعل برامجهم الخاصة لها الأثر الأكبر في تلك ، وخصوصاً أفلام ومسلسلات الكارتون ومسلسلات التشخيص الأخرى .
ففي ظل تزايد أعداد الفضائيات ودخولها دون استئذان إلى كل بيت وفي مجتمعات كمجتمعاتنا المحافظة تعظم مسؤولية القائمين على برامج الطفل في تلك الفضائيات من خلال انتقاء الجيد والمناسب الذي يثري شخصية الطفل وينمي مواهبه ويغرس فيه المبادئ والأخلاق بحيث يكون ذلك رديفاً مكملاً لما يتعلمه الطفل في المدرسة وما يستنبط من أخلاقيات في المنزل .
ولعله جدير التنبيه إلى أثر التعامل مع الطفل في برامجه خصوصاً الممثلين لأدوار تلك الشخصيات التي قد تؤثر بطريقة غير مباشرة لكنها عميقة الأثر على نفسية الطفل ينبغي على مثل هؤلاء انتقاء أدوارهم خصوصاً في مسلسلات الفئات العمرية الأكبر وكذا الأفلام بحيث لا يتعارض مع أدوارهم في مسلسلات الأطفال لم لذلك من أثر عكسي على نفسية الطفل فقد يخلق ذلك التعارض صراعاً نفسياً لدى الأطفال . بل لعل من الأفضل التخصيص في أداء تلك الأدوار حتى لا يحدث التعارض الذي يؤدي إلى ذلك الصراع النفسي لدى الطفل فمن يشاهده في المسلسلات خيراً هو ذاته شرير في مسلسلات الفئات العمرية الأكبر مما يولد إحساساً بأن الخير والشر يتعلقان بالمرحلة العمرية دون الدواعي والأسباب من وجهة نظر الطفل طبعاً.
كما أن الطفل مخلوق قابل للتشكيل والاكتساب وهناك العديد من المواهب والإبداعات التي يمكن اكتسابها من خلال التشجيع والممارسة حتى التشبع ومن ثم الإنتاج وما من دليل على ذلك أصدق من أن القاص في كثير من الأحيان يتجنب قاصاً قد يتفوق عليه وكذا الموسيقى والرسام وكثير من مجالات الإبداع المختلفة التي تعود تعزي خطاء إلى الوراثة التي لا دخل لها في ذلك.
أما عن كيفية ذلك فيتمثل في إعجاب الطفل بشخص ما يعد محط أنظار الآخرين خصوصاً داخل الأسرة فيحاول التقليد والمحاكاة ، وذلك في حد ذاته نواة الإبداع الأولى والتي إذا ما روعيت أنشأت مبدعاً موهوباً في ذات المجال وهناك العديد من المشاهير الذين واصلو للشهرة بنفس الطريقة وذات الأسلوب الموسيقي (موزارت) الذي ألف مقطوعات موسيقية انتشرت في كافة أنحاء أوروبا والعالم وهو لم يتعد السابعة من عمره وما كان له ذلك لولا أن كان أبوه موسيقياً وكذا بيكاسو الذي ظهر نبوغه في الرسم وهو في الثاني عشرة من عمره والذي كان قد تأثر بلا شك بأبية أستاذ فن الرسم ، وهذان المثلان يؤكدان أن الموهبة يمكن اكتسابها خصوصا من الأبوان أو إحداهما كما أن للعب ونوعه أثر في ذلك كما تقول (دوروني كروس ) من كلية بر وكلين : يستطيع الطفل من خلال اللعب أن يتصل بما حوله بطريقته الفريدة والخاصة به ، إنه ليس مجرد لعب إنما هو أعظم عمل يقوم به الطفل .