عزيزتي.. يا مَنْ كنتِ عروساً الأمس وأمّاً اليوم ليَّ معك حديث من القلب إلى القلب، فأنا مثلكِ.. وقد ننهج الأسلوب نفسه في التفكير أحياناً، فمنذ سنوات مضت عندما تفتحت زهور أنوثتنا، وأدركنا جمال المرحلة التي سنقبل عليها، تسارعت الأحلام تغزو مخيلتنا، وتنوعت الأمنيات، وانصبت في كثير منها على التميّز في الدراسة وصورة المستقبل الرائع، وكذلك على من سيشاركنا فيه (شريك المستقبل) بآماله ومسؤولياته، وقد منّ الله علينا، وتحقق ما كنّا نتمنّى.
والآن سيدتي، تتربعين اليوم على عرش مملكتك (بيتك)، وتشاهدين ثمرات الحياة الزوجية تتفتّح بين يديك، وتنبهتِ على قدر المسؤولية التي في كثير من الأحيان لم تكوني على تهيؤٍ لتحمُّلها، ولم تتشربي الخبرة والنصح الكافي لتحمّل مهام الأمومة، بقدر التهيؤ والإستعداد لمهام الزوجية.
- آمال وأهداف:
فلكل مرحلة في حياتنا آمال وأهداف.. فهل حدّدنا الهدف من إنجاب أولادنا؟ وهل هي أهداف على المستوى الدُنيوي فقط؟ أم أهداف تحقّق لهم السعادة في الدنيا والآخرة؟ حتى يسعدوا ونسعد بهم ويكونوا لنا قرة عينٍ..! فبقدر آمالنا في أبنائنا بقدر ما سنجتهد في إعدادهم، وكلّما حدّدنا الهدف من تربيتهم اتضحت أمامنا سبُل التربية الصحيحة، وكلّما تلألأ في الأفق عِظَم النتيجة التي نسعى إلى تحقيقها، هان علينا عظم المشقة التي نلاقيها في تربيتهم.
- أمل المستقبل:
وكما كنّا – نحن – نمثل أملاً في الماضي القريب.. وأصبحنا حاضر اليوم.. كذلك أولادنا، فهم ثمرات اليوم، وأمل المستقبل، ولكي يكونوا لنا قرة أعين، ونجني الخير منهم، ويكونوا نافعين لأُمّتهم، علينا التزام دعاء عباد الرحمن.. في سورة الفرقان؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان/ 74). كما علينا مع الدعاء بذل الكثير من الجهد في تربيتهم، حتى يكونوا للمتّقين إماماً.. ومن الذين يصحلون في الأرض..
ومن أهداف الإنجاب – أيضاً – إضافة ما سبق:
1- إشباع غريزة فطرية عند كلُّ من الزوج والزوجة.
2- المحافظة على الجنس البشري.
3- التمتّع بزينة من أجمل زينات الدنيا، كما وصفها الله سبحانه وتعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (الكهف/ 46).
- ارتقاء في الأمنيات:
ولكن هيا بنا نرتقي في الأمنيات، ونعمل لما بعد الموت حتى يكون أولادنا " باقيات صالحات" و"قرة عين".
- استمرار عملنا الصالح كما قال الرسول (ص): "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، وهذه الأمور تتوافر في الولد الصالح؛ حيث تعتبر التربية السليمة للأولاد "علماً ينتفع به"، والنفقة التي ينفقها الوالدان على أبنائهما تعتبر "صدقة جارية"، كما قال الرسول (ص): "إنّ من الصدقة... ودينار أنفقته على أهلك..".
وأخيراً لو أحسن الوالدان تربية أبنائههما فلن يبخلا على والديهم بالدعاء الطيِّب، وقد بشر الرسول (ص) بثواب دعاء الولد لأبيه حيث قال: "إنّ العبد لترفع له الدرجة فيقول: أي رب أنى لي هذا؟ فيقول: بإستغفار ولدك لك من بعدك".
فلنجعل من تربية أولادنا متعة، تسبقها نية، وتصاحبها همة.