التأمل التجاوزي، أو Transcendental Meditation
من منكم سمع به؟ وهل تعرفون ما هو؟
هذا الموضوع يكاد يكود شبه غائب عن ساحتنا العربية، وأقلية قليلة منا قد تكون سمعت به. وحتى من سمع به قد لا يعلم عنه سوى القليل، وربما يحتفظ بمعلومات خاطئة أو مشوشة عنه. لذا سأحاول أن أكون مباشراً ومفيداً قدر الإمكان، لتقديم أفضل صورة ممكنة عن هذا الموضوع.
باختصار، التأمل التجاوزي هو تقنية أو ممارسة صحية وطبيعية يقوم بها صاحبها بشكل يومي لمدة 15 إلى 20 دقيقة يومياً، من خلال الجلوس في وضعية عادية مريحة، وفي مكان هادىء وبدون مقاطعة. ومع المواظبة على هذه الممارسة اليومية يتحرر العقل البشري من كافة الضغوطات والمتاعب النفسية والفكرية، ويصبح الإنسان أكثر حيوية ووعياً واتزاناً، فيكتسب قدرة أفضل على التركيز والحفظ والاستيعاب والتنظيم، وغيرها من المهارات العقلية والذهنية الأخرى. كما تصبح نظرته للحياة من حوله أكثر إيجابية وسلاماً وسعادة، ويواجه ضغوطات الحياة اليومية بكفائة وبلا مشاكل، ويترافق ذلك مع تحسن شامل من الناحية الجسدية، فيصبح الإنسان أكثر صحة وأقل عرضة للإصابة بالأمراض، وتقل حاجتنا لزيارة الأطباء، وينخفض العمر البيولوجي بما قد يصل لعشر سنوات وأكثر.
قبل أن يستنكر ويشكك أحدكم ما كتبته للتو دعوني أوضح ما يلي:
أولاً، هناك مئات الدراسات العلمية والطبية الحيادية التي تمت حول التأمل التجاوزي، وجميعها أجمعت على أن الفوائد الإيجابية له مؤكدة. حتى الذين يبدأون بممارسة التأمل التجاوزي عن شك وعدم اقتناع يلمسون تحسناً واضحاً في أنفسهم بعد فترة قصيرة.
ثانياً (وهي نقطة مهمة) .. هناك سوء فهم كبير لدى البعض الذين يعتقدون أن التأمل التجاوزي هو نوع من أنواع الممارسة الدينية، أو أنه قد يتعارض مع المعتقدات الدينية التي نشأنا عليها.
هذه الفكرة خاطئة تماماً.
كل من يتلقى دروساً سليمة في التأمل التجاوزي أو يقرأ عنه بشكل صحيح، سيقرأ - أول ما يقرأ - الملاحظة التي تقول بأن هذه الممارسة ليست ذات طابع ديني أبداً، ولا تتعارض مع أي معتقد ديني على سطح الأرض، بل وحتى لا تتطلب الإقتناع بأي مبدأ أو فكر معين. لذا ليس هناك أي داع لربط التأمل التجاوزي بأي ناحية دينية، بل لننظر إليه كنوع جديد من أنواع الرياضة ..
ويا لها من رياضة!
ربما سمع البعض برياضة اليوغا ووضعياتها المختلفة .. لكن من المهم هنا أن نعلم أن التأمل التجاوزي يختلف عن اليوغا.
وضعيات اليوغا المختلفة تتطلب شيئاً من الجهد الجسدي الذي لا يقدر عليه البعض، لكن التأمل التجاوزي لا يحتاج سوى للاسترخاء في مقعد مريح بشكل طبيعي، ويمكن ممارسته في أي مكان يمكن أن تجلس فيه بصمت وهدوء: في المنزل، في العمل (أشك .. إلا إذا كان لديك غرفة مستقلة لوحدك!)، في السيارة على جانب طريق، وسط الطبيعة .. الخ.
لا يمكن تعليم هذه الممارسة في الكتب أو عبر الإنترنت بشكل صحيح وسليم 100%. لا بد من دخول دورة خاصة وتحت إشراف ممارس متخصص. ولكن لحسن الحظ لا تستمر هذه الدورة سوى لساعات وعلى مدى بضع أيام فقط. وبمجرد أن يتأكد المدرب أنك تمارسها بشكل سليم، تكون الدورة قد انتهت ويتركك لتمارسها بمفردك. فالأمر ليس بهذه الصعوية أو التعقيد الذي يعتقده البعض، هذا لأن التأمل التجاوزي لا يتطلب أبداً أي مجهود جسدي أو حتى فكري.
ماذا يحدث بالضبط، أو كيف يشعر الشخص، في هذه الدقائق الصامتة التي يمارس خلالها التأمل التجاوزي؟
شخصياً لا أعرف، لأنه لم يسبق لي ممارسته، برغم اهتمامي واقتناعي به، ورغبتي بمعرفة المزيد عنه. ولكن مما قرأته عنه، واعتماداً على فهمي له، يمكنني أن أذكر ما يلي ...
أثناء التأمل التجاوزي، يتحرر العقل تماماً من جميع الأفكار، ويدخل مرحلة فريدة من أبسط أنواع الوعي والإدراك المطلق. خلال هذه الحالة يتصفّى الشخص من الإرهاق والضغط النفسي والجسدي، وليس هذا فحسب، بل ويطلق أيضاً طاقاته الفكرية والإبداعية الغير مستعملة، ويستخدم نسبة أكبر من إمكانيات عقله. كما ينسجم الإنسان مع الطبيعة من حوله بشكل أعمق ليصبح أكثر إيجابية معها، ويمتد التأثير أيضاً للمحيط من حوله.
وهناك مراحل متقدمة من التأمل التجاوزي، لا يصل لها الممارس إلا بعد سنوات طويلة، وعندما يصل لمثل هذه المراحل فإن جسده وفكره وطاقته تتحد مع الطبيعة والمادة من حوله، فيرتفع جسده في الهواء ويتحرر من الجاذبية ويطفو فوق سطح الأرض! وهنا أرجو ألا يسىء أحدكم تفسير ذلك، فالأمر ليس سوى سنتميترات قليلة ولفترات وجيزة، وليس طيراناً يسمح بالتنقل لمسافات بعيدة، كما قد يحلم البعض. وهذا الأمر حقيقي ومُثبت، وهناك عدد من المتأملين الذي يصلون لهذه الحالة بالفعل.
التأمل التجاوزي كان في الماضي مقتصراً على أفراد قلائل، وتحديداً على هؤلاء الذين كانوا يتركون ملذات الحياة وينعزلوا في الجبال والبراري، بهدف اكتشاف حقيقة الحياة الأسمى، والوصول لحالة فكرية معينة. لكن الأمر انتشر بشكل كبير خلال القرن الماضي، وصار هناك اليوم ملايين الأشخاص الذين يمارسون التأمل التجاوزي كجزء من نظام حياتهم المعتاد. حتى أنه في اليابان هناك شركات كبيرة وعريقة تُلزم موظيفيها بممارسة التأمل التجاوزي يومياً، لما في ذلك من تحسين لطاقاتهم الإنتاجية في العمل.
وصار هناك منظمة عالمية وبرامج ومعاهد متخصصة في التأمل التجاوزي حول العالم، ويرأس هذه المنظمة حالياً شخص إسمه (مهاريشي)، وهو كهل كبير السن مولود في الهند، عمره الآن يكاد يقارب التسعين عاماً، لكنه يتمتع بصحة عالية وتركيز تام، وما زال يدير مؤسساته المختصة بالتأمل التجاوزي حول العالم وبكفائة عجيبة، وهو ساهم خلال القرن الماضي في تحديث التأمل التجاوزي ونشره بين نسبة كبيرة من الناس.
من الأمور الطريفة التي يتندر بها البعض حول التأمل التجاوزي هي أن هناك بعض الأشخاص الذين ما يزالون حتى الآن مستيقظين وبدون نوم لأكثر من خمسين عاماً متواصلة، نظراً لأن ممارستهم هذه تمنحهم الراحة التامة المطلوبة وتكفيهم عن النوم! طبعاً هذه على الأرجح مجرد طرفة لا أكثر وتدل على مدى منفعة هذه الممارسة، ولكن في شتى الأحوال سيظل العقل البشري برأيي بحاجة للنوم، حتى ولو لبضع ساعات فقط يومياً.
وهناك اعتقاد واقعي بأن تجمع عدد من الأشخاص وممارستهم التأمل التجاوزي مع بعضهم بشكل جماعي يؤدي لتوحيد طاقاتهم الإيجابية والتأثير بها على المجتمع من حولهم، حتى أنه يُقال أن الحرب العالمية الثالثة، التي كانت على وشك أن تندلع بين الولايات الأمريكية والاتحاد السوفيتي خلال الثمانينات، لم تقع بسبب مجهود خاص قام به بعض المتأملين بجانب البيت الأبيض!
وسمعت من يقول أن اجتماع أربعين ألف متأمل (أو نسبة معينة من تعداد سكان العالم) يمارسون التأمل التجاوزي معاً في بقعة واحدة على سطح الأرض، سيكون كفيلاً بإيقاف الحروب حول العالم بأكمله، وأن هناك مشروعاً يتم الإعداد والتخطيط له بالفعل في أوروبا لهذا الغرض، وأن (مهاريشي) هذا هو وراء فكرة المشروع!
شخصياً لست متأكداً بعد من كل هذه الأخبار، لأنني لم أتعمق في هذا المجال، ولم أقرأ سوى القليل بشأنه. ولكن بغض النظر عن ذلك، يظل من المؤكد أن ممارسة التأمل التجاوزي يحمل منافع نفسية وجسدية كبيرة جداً للشخص الذي يمارسه.
ما رأيكم أنتم بالتأمل التجاوزي؟ هل تؤمنون به، على ضوء ما ذكرت؟
وهل لأحدكم أو أحد أصدقائكم تجربة شخصية مع هذا الموضوع؟
على أية حال، لمزيد من المعلومات عن التأمل التجاوزي يمكنكم زيارة الموقع الرسمي:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تحياتي
موضوع: التأمل التجاوزي///قلب دماغي ونقلته لكم 
11/6/2011, 16:03
