عادت سعادُ إلى حضن الثرى وأنا....قد صرت احتضن التراب حنينا
قد عشتُ مسجوناً ومكلوماً ومطعونَ الكرامة والأنا....
لم يتركوا لي إلا قلم....وأقنعوا عقلي الصغيرَ بأنه مثل السلاح..
حتى ظننت بأن في يديَ الدواء...وأنا صلاح
حتى اذا اشتد الوغى وبكت سعاد....
لقّمتُ رشاشي الصغير ...وبدأت أقتحمَ الورق...
ضربٌ هنا...ضربٌ هناك
وأنا اضمُّ وسادتي قرب الجدار....
وغرفتي في الليل تحسبها نهار....
والدفءُ يغزو جسمي المدفونَ تحت طبقات الغطاء...
وأنا أسير بساحتي الصماءَ أرتشفُ الحساء...
فبدأت أقتحمُ الصفوف والسطور....وأذيق أعدائي الثبور
فكتبت في رأس القصيدة (ويحكم)....
أحسست أني قد قتلتُ بها الفاً....يا للغرور...
وبدأت بالسطر الجديد بحرقة ممزوجة بلهفة وكذبة وكتبت فيه (يا سعاد إنا قادموووووون)
يا فرحتي ها قد نصرتُ حبيبتي....ها قد هزمت جحافل الاعداء بهمتي...ها قد اعدت كرامتي...
كل هذا قد جرى....وما بردَ الحَساء......
الآن حانت ساعة السطر الجديد.....ماذا سأكتب فيه او ماذا أريد...
قد ذُقتُ في تلك السطور مرارة الحروب ... والآن قد آن الأوان لأحتسي طعم الهدوء بلا قتال أو حروب...
سأكتبُ أن حبيبتي في شرفتي بين الزهور
وأنا أُعدُّ لها كوباً من الشاي المحلى في سرور....والمنظر الخلاب يحضننا معاً...
حتى إذا حلَّ المساء ....نظرت إليَّ على حياء....
ثم قالت: أتحبني؟؟؟
قلت: نعم وأكثر...
قالت: فأكثر...
قلت: حتى السحابَ وأكثر...
قالت: ما زلتَ في بحر الضآلة تُبحر..
قلت: حتى النجوم والقمر....
قالت: ما زلت تهذي كالبشر...
قلت: حتى الموت....وهل بعد الموت اكثر!!!
قالت: نعم...أن تحبني اليوم لا أكثر...فغداً يومٌ قد يأتي وقد يُدبر...
فلستُ أريد هوىً مسجونٌ في دفتر...
ومضت سعاد لحتفها...وتبعتها ..وتبعتها...حتى اختفت...
فرجعت نحو وسادتي وحضنتها.....وبكيت بضع دقائق ثم اكتفيت...
ومضت سعادُ لحتفها....وأنا إلى تختي مضيت....