أوقفتني نفسي مع واقع أحاول أن أجمله في عين نفسي ولكنها تأبى علي إلا أن أفيق, ألحت علي وألحت حتى ترامى همس الحوار فكان: أنعيش واقعا أو ترهات أم مجرد حلم ؟ سؤال أطرحه على كل من يسمعني والجواب مختلف كل حسب, فلكل منا فكر له بصمة وصيغة معينة للفهم والتحليل ولا حاجة في مثل تلك التساؤلات لمحلل سياسي أو مفكر إنما لإنسان يعيش ويسمع في عالمنا المتناقض والذي يعد ساكنه إحدى اثنتين إما متخلف عاقل أو متحضر جاهل, فمن أنت منهم؟... هناك ثلاث نوعيات للبشر الذين يشكلون النسيج العام لمجتمعاتنا العربية الإسلامية الحالية اثنان منهما غير مشرّف وواحد فقط الأصلح ولكن للأسف هذا الواحد مدفون بقوانين وتشريعات دنيوية ومحارب ممن طمس الله على قلوبهم فمن أنت منهم؟ مليارات من الأموال التي تنفق بغير وجه حق تحت مسمى الحضارة والتطور متناسيين أن الحضارة لا تكون إلا بحضارة الشعوب النفسية والفكرية الداخلية والاستقرار الأمني بالمنطقة وليست بالهياكل والمباني" قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ" سورة التوبة (53). ولكن التحضر الجاهل الذي يسعى لمجاراة التطور العالمي يأخذ جانبا واحدا وترك الجوانب الأخرى متداعية ينهش فيها من يعيث الفساد فيوضع خلالها الدمار الداخلي, فما الأحداث التي وقعت ولا زالت بفلسطين والعراق وغيرها من بلاد المسلمين من قمع وقتل وفرقة إلا مثالا واحدا وتلك البلاد التي شهدت احتلالا أو غزوا أو حتى حصارا ولن نسمو على الجميع فنحن من يعيش في ظل الاستقرار الأمني ولله الحمد لسنا بمعزل عما يخطط له الأعداء فان لم يكن بمهاجمة علنية فإنها هجوم صارخ خفي يغزو الفكر قبل العقيدة وهو سلاح مسموم يجعلنا أنفسنا أعداء إلا من رحم ربي,والأمثلة أكثر لو أردنا وضعها على طاولة الحوار والمساءلة القانونية وقبلها المساءلة الضميرية التي باتت أشبه بالعدم للبعض متخذين مبدأ "اللهم نفسي" قال تعالى" وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ" سورة التوبة (56) ومما يزيد بالأمر سوءا ألا وهو من يملكون الأموال وأصحاب القرار يحاولون بكل جهد إحباط الروح المعنوية والتعبوية وبكل الطرق للنوع الثاني من البشر المشرّف الشريف الذي يسعى لمحاربة ذلك الفساد وتأبى قلوبهم إلا إعلان الحق وإزهاق الباطل ولو على أنفسهم قال تعالى" يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون" سورة التوبة(32), وإبقاء الإنسان العربي المسلم الشريف تحت أنقاض قاذورات الغرب المتخذة شكليا مظهر التحضر وباطنيا هدفها استعمار المنطقة العربية واستعباد أهلها والعمل على إعادتها إلى زمن الرق والعبودية ". هذا الصنف بالرغم من ادعائه الإسلام فهو خارج عن ملة الإسلام ومطرود من رحمة الله ولا يعد إلا من صنف شياطين الإنس " وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ "سورة الأنفال (47). ما رأيك الآن لو أنك خضت بحرا هائجا, وحاولت أن تصول وتناضل حتى أصبحت رأساً من الرؤوس تنحني لها الجباه فما أنت فاعل؟ أتكون من الأشخاص الذين يعيشون لدنياهم "اللّهم نفسي" وما بعدي الطوفان أم تحاول وبكل ما تستطيعه من جهد أن تقوم بالتغيير, وأي نوع من التغيير؟ أيكون سلبا أم إيجابا. سؤال لك أيها العربي الشريف هل سيكون له إجابة لديك لعلنا استطعنا الخروج من دائرة نسير فيها كما تدور الماشية "أجلكم الله" حول الساقية بالرغم من أنها مفيدة للبعض وتؤتي بنتيجة ولكنها تضل محلك سر تحت وطأة العبودية– أما آن الأوان للخروج من حيز الأمنيات إلى سعة الأولويات – والله أحق أن يتبع وتكون الأولوية له.قال تعالى" قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" سورة