اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 سلسلة الفتنة الكبرى -18

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علي عليان

علي عليان



سلسلة الفتنة الكبرى -18 Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة الفتنة الكبرى -18   سلسلة الفتنة الكبرى -18 Icon-new-badge31/5/2011, 19:16

الطريق إلى موقعة الجمل

بدأت أحداث هذه الفتنة الكبرى قبل وفاة عثمان بن عفان رضي الله عنه، بعد أن افترى أهل الفتنة المطاعن عليه رضي الله عنه، وعلى ولاته، وقد أتى أهل الفتنة بأنفسهم إليه رضي الله عنه، وجادلوه، وغلبهم رضي الله عنه، وعلا عليهم في المجادلة، وبعد أن اتفقوا على الصلح، وتوجهوا إلى بلادهم، رجعوا مرةً أخرى بعد أن وصلتهم الخطابات المزورة، وحاصروا بيت عثمان رضي الله عنه، وقتلوه، وذكرنا ملابسات هذا الأمر، وموقف الصحابة رضي الله عنهم منه.

وقفة مهمة

هذه بعض النقاط المهمة التي تشير إلى هذا الأمر بشيء من التفصيل:
ربما نرى الآن الأمور واضحة، والحق مع فلان، وفلان على خطأ، وربما نتساءل: لماذا لم يأخذ فلان بهذا الرأي مع وضوحه في نظرنا أنه الصواب؟
لكن ما ينبغي أن يُقال في هذا المقام أن كلًّا من الصحابة كان له ثِقَلُهُ، ومكانته، وقدره في الإسلام، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أفقه أهل الأرض في ذلك الوقت، والزبير بن العوّام حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلحة بن عبيد الله الذي كان يُسمى طلحة الخير له قدره، ومكانته في الإسلام، والسيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين كان لها مكانتها، ولها أيضًا رأيها، وهكذا نجد أن مجموعة من أعلم أهل الأرض، وفقهائها في كل العصور يقول كل منهم رأيه حسب اجتهاده، وما من شك أن هؤلاء رضي الله عنهم هم أتقى أهل الأرض في زمانهم.
ومع العلم، والفقه، والتقوى، وهذه الصفات الحميدة التي كانوا عليها، إلا أن رأي كل منهم بعد اجتهاده، وتدقيقه، وفقهه، وتقواه يختلف عن رأي صاحبه الذي يعاصره، فما بالنا نحن الذين نريد أن نحكم على الأحداث بعد ألف وأربعمائة عام من وقوعها مع الأخذ في الاعتبار أن الكثير من الحقائق قد شُوّهت إما عمدًا أو جهلًا.
وقد ذكرنا الكثير من كتب التاريخ التي تطعن في الصحابة رضي الله عنهم إما عمدًا، وإما جهلًا.
وقد بُني داخل الكثير منا، من خلال دراستنا للتاريخ في مدارسنا وجامعاتنا بصورة مشوهة وغير صحيحة، بُنيت بعض الأمور التي نظنّ أنها هي الحقيقة، بل نجادل من يقول بخلافها، وما نودّ أن نقوله هو:
لو حدث أنك لم تقتنع بشكل كافٍ بأمر من الأمور، فافترض أن بعض الأمور قد غابت عنك، ولكن لا تظن على الإطلاق أن أحد هؤلاء الأخيار قد تعمّد قيام مثل هذه الفتنة، وأن يقاتل هؤلاء رغبة في الملك، أو الإمارة، أو المال، أو أي أمر من أمور الدنيا، فهؤلاء قد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو راض عنهم ورضي الله عنهم، ويشير إلى ذلك الكثير من الآيات، والأحاديث، وهذا من عقائدنا، فلا يخالف أحد العقيدة بظنٍ قد يظنه بأحد هؤلاء الأخيار رضي الله عنهم جميعًا.
مما ينبغي الإشارة إليه أيضًا ضعف الاتصالات بين الصحابة، وبين كثير من الناس ممن يسكن الأمصار النائية، ويتأثرون بما يشيعه أهل الفتنة من افتراءات، وكذب، ورسائل مزورة ينسبونها إلى الصحابة رضي الله عنهم، ولو قدّر لهذا الأمر أن يحدث في العصر الحديث مع توافر وسائل الاتصال المختلفة من هاتف وتلفاز، ما كان للأمور أن تتفاقم بهذا الحجم، وذلك أن الأمور كان تسير بسوء من مدبري الفتنة دون أن يعلم الأمراء، ودون أن يعلم عثمان رضي الله عنه إلا بعد أيام، بل شهور، وتصحيح فكر الناس يحتاج إلى وقت كبير ذهابًا وإيابًا، فضُلّل كثير من الناس.
وكان ما حدثَ من أمور إنما هو من قضاء الله عز وجل ومن ابتلائه لهم رضي الله عنهم جميعًا [وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا] {الأحزاب:38}.
ربما يتساءل البعض أيضًا: لماذا لم يسمح عثمان رضي الله عنه للصحابة رضوان الله عليهم أن يدافعوا عنه في هذه الأزمة؟
نقول: إن القاعدة الشرعية تقول:
إن على المرء أن يدفع أعظم الضررين، وأن يجلب أكبر المنفعتين قدر ما يستطيع، فإذا كان هناك ضرران من المحتّم أن يحدث أحدهم،فيتم اختيار أخفهما ضررًا منعًا لحدوث أكبرهما، وكذلك في المنافع ينبغي اختيار المنفعة الأكبر دون الأقل، وكذلك في قضية تغيير المنكر لا يصح أن يُغيّر بمنكرٍ أكبر منه.
وانطلاقًا من هذه القاعدة كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقيس المنافع والأضرار، فرأى رضي الله عنه- ومعه الحق في ذلك- أنه إذا وصل الأمر إلى قتله في مقابل أن لا يُقتل جميع الصحابة، فهذا أفضل للإسلام وللمسلمين، فقرر رضي الله عنه أن يضحي بنفسه، وهي شجاعة نادرة، وليست سلبية، أو جنبًا، أو عجزًا عن أخذ الرأي، فقد ضحّى بنفسه رضي الله عنه لئلا يجعل الصحابة رضوان الله عليهم يدخلون في قتال مع هؤلاء الخوارج، فيُقتل الصحابة في هذه الفتنة، وكان عدد أهل الفتنة- كما نعرف- أكبر بكثير من عدد الصحابة.
وأمر عثمان رضي الله عنه، بل أقسم على من له حق عليه أن يضع سيفه في غمده، فلو دافعوا عنه لعَصَوه رضي الله عنه، وعنهم جميعًا كما قال ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما سأله أحد الناس بعد ذلك:
كيف وسِعَك أن تدع عثمان يُقتل؟
فقال رضي الله عنه: لو دافعنا عنه عصيناه، لأنه قال: من سلّ السيف فليس مني.
وقد قال عثمان رضي الله عنه لغلمانه: من أغمد سيفه فهو حرّ.
فهو رضي الله عنه يريد بذلك ألا تقع الفتنة بأي صورة من الصور.
ربما يقول البعض: ولكن الفتنة حدثت وسُفكت الدماء بعد ذلك في موقعة الجمل وصفين؟
نقول: إن كل هذا لم يكن في الحسبان، وإن التقدير المادي البشري الذي اتبعه عثمان رضي الله عنه كان يشير إلى أن ما أقدم عليه من رأي يقمع الفتنة في بدايتها، ولكن الأمر تطور بعد ذلك على غير ما توقع الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا [وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا] {الأحزاب:38}.
وينبغي عند الحكم في مثل هذه القضايا أن يكون للعقل دوره، وألا تتحكم العاطفة وحدها في الأمر كله، فموقف قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه بهذه البشاعة، وبهذا الجرم الذي لم يحدث من قبل، تأخذ الحميّة البعض وينسون القاعدة الشرعية التي هي الأخذ بأخف الضررين، ودفع أكبرهما، ويطالبون بالثأر له قبل أي شيء، ولا شك أن هذه الأمور كلها كانت واضحة تمامًا عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم أن قرر أن يسكت عن قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه بصفة مؤقتة، فلم يكن قد مُكّن الأمر له في البلاد بعد، وعلينا أن نتخيل ما الذي كان من المتوقع أن يحدث لو فعل ما تمليه العاطفة، ونقدّر التوابع المترتبة على هذا الأمر، هل هي أكبر أم أقل منه، وعندها نستطيع أن نصدر الحكم الصحيح، مع الأخذ في الاعتبار أن عليًا رضي الله عنه من أفقه أهل الأرض في هذا الوقت إن لم يكن أفقههم جميعًا رضي الله عنه.
ربما قال البعض: لِمَ لَمْ يترك عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة درءًا للفتنة؟
ذكرنا الحديث الصحيح عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ، يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ، يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ.
وكرّر صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات، وفي هذا دلالة واضحة على أن على عثمان رضي الله عنه أن يتمسك بهذا الأمر، وتركه الأمر لهؤلاء المنافقين حينئذٍ إنما هو مخالفة واضحة لنصّ حديث رسول صلى الله عليه وسلم، والذي رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم.
ومن الأمور المهمة التي يجب الإشارة إليها في هذا الموضوع أن من عقيدة المسلمين الإيمان بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، وثبتت صحة نسبته إليه، حتى ولو لم يكن هناك دليل مادي على الأمور الغيبية التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن بين ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث الذي يؤكد على عثمان بن عفان رضي الله عنه التمسك بالخلافة حال حدوث الفتنة، وعدم تركها للمنافقين.
فعثمان رضي الله عنه على يقين أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق، وهو ما ينبغي أن يُتّبع، هو أمر صريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتباع عثمان رضي الله عنه لهذا الأمر إنما هو دليل على صدق إيمانه.
ربما لا يقتنع الماديون بالأمور الغيبية، ولكننا نخاطب المؤمنين الذين ذُكر من صفاتهم في القرآن الكريم: [الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ] {البقرة:3}.
لا بد إذن من الإيمان اليقيني بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الفتنة سوف تحدث في عهد عثمان رضي الله عنه إلا أن يكون وحيًا من الله تعالى [إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى] {النَّجم:4}.
ذكرنا أيضًا أنه بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه اجتمع كل الناس بمن فيهم الصحابة على عليٍّ رضي الله عنه، فرفض هذا الأمر رفضًا تامًا، وبعد ضغوط كثيرة اضطر رضي الله عنه أن يقبل الخلافة، وكان ذلك بعد خمسة أيام من مقتل عثمان رضي الله عنه، وبايعه أيضًا طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما على خلاف في الروايات التي تقول: إنهما بايعا مكَرَهِين.
ثم بايعه بقية الناس، وتأخر بعض الناس في البيعة، لكنهم بايعوا بعد ذلك، وتأخر بعض الناس في البيعة، لكنهم بايعوا بعد ذلك أيضًا، وأرسل علي رضي الله عنه إلى كل الأمصار يخبرهم بهذا الأمر، وكان الواجب على كل الأمصار أن ترسل مبايعتها لعلي رضي الله عنه بهذه الخلافة.
كان أهل الفتنة في هذا الوقت يسيطرون على الأمور في المدينة بصفة عامة، ولهم من القوة والسلاح ما يؤهلهم لذلك، ولم يكن بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا الوقت من القوة ما يستطيع من خلاله أن يقتل قتلة عثمان رضي الله عنه دون أن تحدث فتنة عظيمة في الأمصار المختلفة، والتي سوف تثور لهؤلاء القتلة بدافع الحمية، والعصبية، فآثر رضي الله عنه أن يؤجل محاكمة هؤلاء القتلة إلى حين تثْبت أركان الدولة، ثم يتصرف رضي الله عنه التصرف الذي يراه مناسبًا مع كل من شارك في هذه الفتنة، فمنهم من يُقتل كرءوس الفتنة، والمحرّضين عليها، ومن شارك في القتل بيده، ومنهم من يُعزّر كالجهّال الذين يظنون أنهم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر بهذا الفعل الشنيع، فكلٌ له حكمه، وكانت إقامة هذه المحاكمة في هذا التوقيت من الأمور الصعبة للغاية نظرًا لأن كثيرًا من الأمور لا زالت بأيدي هؤلاء المتمردين، وهناك الكثير من القبائل الملتفة حول هذه الرءوس التي أحدثت الفتنة، وهذه القبائل قد دخلت في الإسلام حديثًا، ولم يتعمق الإيمان في قلوبهم كما تعمق في قلوب الصحابة رضوان الله عليهم، فقد ظل الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عامًا يربي المؤمنين في مكة، ولم ينزل التشريع إلا في المدينة بعد أن تمكن الإيمان من قلوب المهاجرين، والأنصار، وأعطاهم الله تعالى الملك، والإمارة بعد ذلك بسنين عديدة، ومن ثَمّ لم تحدث مخالفات، أما من لم يمر بهذه المرحلة من التربية، ثم كانت له الإمارة، أو الخلافة، فلا شك أنه سوف تنشأ من جهته أمور عظيمة، وفتن كثيرة، فهذه القبائل الملتفّة حول أهل الفتنة كان لديهم شيء من القبلية، ومن العصبية، ومن حب الدنيا، ومن حب الإمارة، ولم يكن علي رضي الله عنه يدري ما سوف تفعله تلك القبائل حال قتله لأهل الفتنة، فربما قاموا بتجميع الجيوش، وقاموا بالثورات في مختلف الأمصار في مصر، والكوفة، والبصرة، واليمن، ويستقل كل أمير بإمارته، وتتفتت الدولة الإسلامية، وهذا كله بسبب قتل قتلة عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
فأيهما أشد في ميزان الإسلام؟!
أن تتفكك الدولة الإسلامية ويصبح كل أمير على مصر من الأمصار، كما هو حالنا اليوم، أم يصبر على قتل عثمان رضي الله عنه- والذي قُتل بالفعل- إلى أن تدين له كل أطراف الدولة الإسلامية، ويستقر الحكم، وتهدأ الفتن، ثم يعاقب كلًا بما يستحق.
وهذه الأمور كلها من الأمور الاجتهادية، والحق فيها ليس واضحًا لأيٍّ من الأطراف تمام الوضوح، وعلي رضي الله عنه عندما يأخذ قرارًا من القرارات يفكر كثيرًا قبل أن يصدره، ويستشير، ثم يخرج بالقرار في النهاية، وكانت الأمور في منتهى الغموض كما يقول من يصف الفتنة أنها "يبيت فيها الحليم حيرانًا" وقد تحيّر الصحابة رضوان الله عليهم كثيرًا في هذه الأمور، ولم يأخذوا قرارتهم إلا بعد تفكير عميق، وفكر ثاقب، واجتهدوا قدر استطاعتهم، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر، وهم ليسوا بمعصومين، وهم جميعًا من أهل الاجتهاد حتى لا يقول أحد:
ولِمَ اجتهدوا في وجود علي رضي الله عنه، وهو أفقههم وأعلمهم؟
إنهم جميعًا رضي الله عنهم من أهل الاجتهاد، فالسيدة عائشة رضي الله عنها من أهل الاجتهاد، والزبير بن العوّام رضي الله عنه من أهل الاجتهاد، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه من أهل الاجتهاد، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، والذي ترك الأمور واعتزل من أهل الاجتهاد، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من أهل الاجتهاد.
إذن فعليٌ رضي الله عنه وأرضاه، ومن حاربوه جميعًا مجتهدون، والمجتهد يحق له أن يجمع بين الأمور، وأن يأخذ ما يراه مناسبًا منها، وعلينا ألا نلّوث ألستنا، أو عقولنا بظنٍ سيئٍ فيهم، والأحداث لا تتضح إلا بعد انتهائها.
أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عثمان بن حنيف رضي الله عنه أميرًا على البصرة، فذهب إليها، واعتلى المنبر، وأخبرهم بأنه الأمير عليهم من قِبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أما أميرهم الأول عبد الله بن عامر، فقد كان ممن يطالبون بدم عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، وذهب إلى مكة.
وولّي على مصر قيس بن سعد، ودان له أغلب أهلها، إلا فئة قليلة آثرت الاعتزال في إحدى القرى دون أن تبايع، ودون أن تقاتل مَنْ بايع عليًا رضي الله عنه.
وأقرّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري على إمارة الكوفة.
أما الشام فذكرنا أن عليًا رضي الله عنه أرسل ثلاث رسائل إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يطالبه فيها بمبايعته، ولكن معاوية رضي الله عنه قال: دم عثمان قبل المبايعة.
ولم يطلب معاوية رضي الله عنه وأرضاه خلافة، ولا إمارة، ولا سيطرة على الدولة الإسلامية، وإنما يريد أن يُؤخذ بثأر عثمان مِن قَتَلتِهِ سواءً أخذ هذا الثأر علي رضي الله عنه، أو أخذه هو بنفسه، المهم أن يتم أخذ الثأر من هؤلاء القتلة، وبعدها يبايع رضي الله عنه عليًا رضي الله عنه.
أما قبل أخذ الثأر من القتلة، فلن يبايع، وكان معه سبعون ألف رجل يبكون ليلًا ونهارًا تحت قميص عثمان بن عفان رضي الله عنه المعلّق على منبر المسجد بدمشق، ومع القميص أصابع السيدة نائلة بنت الفرافصة، وكفّها التي قُطعت، وهي تدافع عن زوجها رضي الله عنهما.
وفي آخر الأمر أرسل معاوية رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه رسالة فارغة، حتى إذا فتحها أهل الفتنة في الطريق لا يقتلون حاملها، ودخل حامل الرسالة على علي رضي الله عنه مشيرًا بيده أنه رافض للبيعة، فقال لعلي رضي الله عنه:
أعندك أمان؟
فأمّنه عليٌّ رضي الله عنه.
فقال له: إن معاوية يقول لك: إنه لن يبايع إلا بعد أخذ الثأر من قتلة عثمان، تأخذه أنت، وإن لم تستطع أخذناه نحن.
وكاد أهل الفتنة أن يقتلوا الرسول، كما كان يخشى معاوية رضي الله عنه، لكن عليًا رضي الله عنه قام بحمايته، حتى أوصله إلى خارج المدينة، ورجع الرسول إلى دمشق.
إذن فمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يرفض أن يبايع عليًا رضي الله عنه بعد أن تمت له البيعة الصحيحة، وبعد أن اجتمع أهل الحِلّ والعقد، وأهل بدر على اختيار علي بن أبي طالب رضي الله عنه خليفة للمسلمين، إذن فقد أصبح معاوية رضي الله عنه خارجًا على الخليفة، فقرّر الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يجمع الجيوش، ويذهب إليه حتى يردّه عن هذا الخروج بالسِلْم وإلا قاتله، فأرسل علي رضي الله عنه لأمرائه بالأمصار أن يعدّوا الجيوش للذهاب إلى الشام لأجل هذا الأمر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد الرواضيه

avatar



سلسلة الفتنة الكبرى -18 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة الفتنة الكبرى -18   سلسلة الفتنة الكبرى -18 Icon-new-badge1/6/2011, 05:29

ماأجمل تلك المشاعر التي
خطها لنا قلمكِ الجميل هنا
لقد كتبتِ وابدعتِ
كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها
فكم استمتعت بموضوعك الجميل
بين سحر حروفكِ التي
ليس لها مثيل





دمت بألف خير

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سلسلة الفتنة الكبرى -18
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: منتدى الاسرة :: المنتدى الاسلامي :: اسلاميات-
انتقل الى: