حتى أواخر الثمانينات، كانت المرأة ما إن تبلغ الأربعين حتى تلجأ إلى تدليل نفسها بعملية تجميل، لا تحتاج إلى تخدير ومبضع جراح، تنصحها بها صديقاتها «المجربات»، بل أيضا مصففتها الخاصة. العملية بسيطة وتتمثل في قص شعرها قصيرا، لأن الفكرة السائدة آنذاك ان الطويل يضفي على وجهها طولا يجعلها تبدو اكبر من سنها، بينما القصير يرفعه إلى أعلى ومن ثم يضفي عليها الشباب، هذا عدا انه يجنبها المظهر المتصابي، كون الجدائل الطويلة لا تناسب سوى الصبايا وصغيرات السن.
لحسن الحظ ان الأمر تغير في التسعينات، ولم يعد الشعر القصير من الوسائل التي تحتاجها الأربعينية أو حتى الخمسينية لمحاربة زحف السنين، أو لمحاولة إقناع الآخرين بأنهن دخلن مرحلة النضج، بدليل حسناوات تجاوزن هذا العمر ويفتخرن بجدائلهن الطويلة من دون ان يبدون متصابيات، نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر العارضة السابقة جيري هول، والنجمة شارون ستون، التي تغير طول شعرها حسب مزاجها وليس حسب عمرها، وطبعا أشهر صاحبة شعر طويل، جاين سيمور، التي حصلت على عقد مع شركة «كليرول» للترويج لمنتجاتها الخاصة بالشعر، رغم سنواتها المتقدمة مقارنة، بالعارضات صغيرات السن.
وتعتبر جاين سيمور، شعرها الطويل ماركتها المسجلة إلى درجة انها صرحت في إحدى المقابلات الصحافية، أنها لا يمكن ان تقصه مهما حصل، مؤكدة: «أتمنى ان يطول شعري حتى يتعذر احتواء تابوتي له عند دفني». لكن، وعلى الرغم من فقدان نظرية أن القصير هو الأنسب لمن تعدين الأربعين، مصداقيتها بسبب تغير الثقافة الاجتماعية والجمالية، إلا ان الشعر، شئنا أم أبينا، يلعب دورا كبيرا في إضفاء الشباب على أية واحدة منا والعكس، لكن الدور الأكبر في هذا ليس في طوله أو قصره، بل في لونه ودرجة دفئه التي تنعكس على البشرة فتمنحها نضارة. معظم خبراء الشعر ينصحون بتجنب محاولة إخفاء غزو الشعر الابيض باعتماد لون واحد، لأنه لا يزيد المسألة سوى تعقيد. في المقابل ينصحون باعتماد صبغ خصلات «هايلاتس» بدرجات مختلفة، على أن يكون اللون الاساسي قريبا من لون الشعر الطبيعي، وليس بدرجة غامقة للتمويه عن الشيب. يقول مصفف الشعر المعروف دانيال غالفين: «هناك درجات تناسب بشرة المرأة الناضجة ودرجات تزيدها ذبولا وكبرا»، ويضيف: «السر يكمن في العودة إلى اللون الأصلي، أي عندما كانت المرأة ما زالت صبية وقبل لجوئها إلى أي صبغات، حتى وإن كانت هذه الصبغات نباتية مثل الحناء. اللون الطبيعي يجب ان يكون هو الأساس، ثم تضاف خصلات بألوان متضاربة معه لخلق تناغم رائع مع البشرة ومظهر شاب وعصري». ويشير إلى ان هذه الطريقة تضفي نعومة على تقاسيم الوجه، مما يخفف من منظر التجاعيد، فضلا عن أنها تصبغ عليه إطلالة طبيعية يجب ان تتوخاها أي امرأة ناضجة.
ويوضح غالفين ان الشعر الطبيعي، أي غير المصبوغ، يتمتع بدرجات ألوان مختلفة وإن لم نكن نراها بسهولة، وربما هذا هو السبب الذي يجعل الشعر الذي يصبغ بلون واحد يصبح باهتا وميتا بسرعة، ويدفع معظم المتخصصين في صالونات الشعر إلى خلط عدة درجات متعددة في الصبغة الواحدة للحصول على مظهر موفق. النقطة الإيجابية الأخرى في اللجوء إلى خصلات بألوان مختلفة ومتضاربة، أن الجذور لا تظهر بسرعة، خصوصا أن الشعر الأبيض ينمو بشكل سريع ولافت عندما يكون اللون أحاديا.
ـ للتمويه على الشعر الأبيض، يمكن استغلاله بطريقة إيجابية، بجعله واحدا من الألوان المتضاربة. الطريقة هي ان تكون الصبغة التي تستعملينها على مجموع الشعر بدرجة واحدة افتح من لون شعرك، وبهذا تضمنين أن يكتسب الشيب لونا ذهبيا دافئا يبدو وكأنه خصلات ملونة. ـ أصبح الشعر القصير موضة ساخنة في العشرينات من القرن الماضي، لكن العديد من النساء لم يتخلين عن تيجانهن، واكتفين بشده إلى الوراء في تلك الفترة. ولم تنتشر القصات القصيرة بشكل شعبي إلا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انتعشت منتجات الشعر وصالونات تصفيفه في كل حي تقريبا، مما جعل العناية به أسهل وشجع المرأة الناضجة على المغامرة بقصه.