بفضل وفرة المعلومات والتكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات فلقد أصبح العالم قرية صغيرة وتقاربت المسافات ! ومن هذا المنطلق ومن هنا تحديدا فلقد اختلطت الأمور وانفلتت المرجعيات أو غابت وتعددت وتشعبت الرؤى والأفكار حيث بات من الصعوبة بمكان تحديد معيار موحد للحقوق العامة للإنسان ومدى موائمتها للتطبيق على رقعة الشطرنج السكانية على سطح الأرض ..
وأصبح من العسير على أي ناشط في مجال حقوق الإنسان أن يتلمس معايير محددة في منطقة ما من العالم حتى تكون منهاجا ونبراسا ومرجعا يجب عليه أن يكون ! فميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المرجع الوحيد المعتمد عالميا ! وضع عام 1948 في غيبة حقيقية عن الشعوب العربية الإسلامية ! ومن هنا كانت العديد من نصوص هذا الميثاق قد لا تتلاءم مع العادات والتقاليد المعمول بها في المنطقة العربية ذات الثقافة الإسلامية النشأة ! وتلك واحدة من خلاف وصراع الثقافات و الحضارات !
ولكن على الرغم من كل هذا لابد من توافر مرجعية محددة لأي ناشط في مجال حقوق الإنسان تشكل سندا له ولنحافظ على الالتزام بها على الإنترنت والفضائيات معا ! وأزعم وقد أكون مخطئا أنني لم أجد في ديننا الحنيف المعنى القوى الصادق الشجاع والصريح تعبيرا عن حقوق الإنسان أنسب بلاغة شكلا وموضوعا ويتناسب ويتوافق إلى درجة محترمة مع المعمول به عالميا أكثر من مقولة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ! تلك هي المرجعية التي أتصور صلاحيتها لأن تكون مرجعا لنا جميعا في المنطقة العربية لحماية الحقوق العامة للإنسان !
فالاستعباد والحرية وجهان لعملة واحدة مختلفان في تناسب عكسي تمثل الحقوق العامة للإنسان ! فالاتجاه إلى طريق الحرية يعنى تقليص الاستعباد! و كبت الحريات العامة يمثل ارتفاع وتيرة ومعدل الاستعباد ! فكلما بعدنا عن الاستعباد لصالح الحرية كانت في صالح حقوق الإنسان ! وكلما بعدنا عن الحرية لصالح الاستعباد لم تكن في صالح حقوق الإنسان !
والاستعباد يحمل معنى واحد مفهوم للكافة هو العبودية والرق وقهر إرادة الإنسان ! أما عندما نتحدث عن الحرية فيجب أن يكون مفهوما أنه لا توجد حرية مطلقة على وجه الإطلاق وإلا كان التسيب والانفلات ! وتقييد الحريات العامة حتى لا يتحول إلى استعباد لابد وأن يكون له مرجعية وبنص ! والنص هنا واضح وضوح الشمس فالذي يحدد ويقيد الحريات هو مرجعية وانتماء صاحب عنوان هذا البحث ! ولأنه رضوان الله عليه أمير المؤمنين والمبشر بالجنة ومن أكثر الصحابة غيرة على حدود الله ! فيكون النص الإسلامي المأخوذ من الكتاب والسنة هو المقيد للحريات العامة ! وعلى كل الدارسين استنباط كل المواد والنصوص التي ترتبط بحماية الحقوق العامة للإنسان من الكتاب والسنة وإعادة صياغتها في قالب عصري يحاكى تلك التي جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة ! وتقديمها إلى الناشط في مجال حقوق الإنسان في بلادنا العربية الإسلامية لتكون مرجعا هاديا ونبراسا منيرا !