السؤال: ما نوع التشبيه في الحديثين الآتيين {لله أفرح بتوبة عبده إذا تاب من رجل أضل راحلته في فلاة } الحديث المعروف فقام فقال: {اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح }، والحديث الذي ذكرناه الآن هو أحد رواية الحديث المعروف {إن الله أشد انتقاماً } أو {إني لأثار لأوليائي كما يثأر الليث الحرب }؟
الجواب: هذا للتقريب، ليس فيه شيء من التشبيه المذموم الذي لا يليق بصفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذا الذي فقد دابته، وعليها زاده، وماؤه، في فلاة منقطعة، يفرح إذا قام وهي واقفة عند رأسه، فالله تعالى أشد فرحاً بتوبة العبد منه.
ففرح الله أشد فرحاً منه، وهذا لا يقتضي أن يكون فرح الله تعالى كفرح المخلوقين، ولا غضب الله تعالى كغضب المخلوقين، ولا شيء من صفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كصفات المخلوقين.
وإنما المقصود أن يفهم الناس ذلك، ولذلك عبرَّ بهذا المثال الذي هو غاية ما يتصور الإنسان من الفرح بنيل المطلوب، وإدراك الشيء الذي هو غاية ما يرجوه الإنسان، وقد يحسب أنه فات، وأنه قد ذهب عنه.
فهذا لتقريب هذا المعنى في أذهان الناس، وإلا فإن الله ليس كمثله شيء، فلا اليد كاليد، ولا العين كالعين، ولا الوجود كالوجود، ولا الوجه كالوجه، ولا الفرح كالفرح، ولا الغضب كالغضب، ولا أي شيء من صفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كصفات المخلوقين.
وكذلك في الانتقام.. فالمقصود أن الناس يعلمون إذا غضب الليث كيف ينتقم، وكيف يثور؟ وكيف يبطش بالفريسة؟
فليخافوا من بطش الله، وانتقامه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنه يثأر لأوليائه مثل هذا.
فهذا مثل حسي، ليعلم الناس كيف يكون انتقام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.. ولله المثل الأعلى.