لا شك أن الحب هو أجمل إحساس يبحث عنه الإنسان منذ بدء الخليقة، وحتى نهايتها، وكثيرا ما تكلم العظماء والمشاهير فى وصف هذا الشعور الرائع، فقال عنه كامل الشناوى: "الحب جحيم يُطاق.. والحياة بدون حب نعيم لا يطُاق"، وقال تشيسون: "خير لنا أن نحب فنخفق، من أن لا نحب أبدا"ً، بينما وصف شكسبير الحب بقولة: "ما أقوى الحب، فهو يجعل من الوحش إنساناً، وحيناً يجعل الإنسان وحشاً"، وقال: "الحب أعمى، والمحبون لا يرون الحماقة التى يقترفونها".
ويحدث الحب عندما يتقابل قلبين معا يبحث كل منهما عن الونيس والصديق والرفيق فى الآخر، وبينما كان فى الماضى اللقاء يحدث فى الواقع بالجسد وهنا يحدث الحب بالحواس المتاحة من نظرة وكلمة أو همسة.
وقد وصف ذلك بولونى بقولة: "الحب يدخل الرجل عبر العينين، ويدخل المرأة عبر الأذنين"، ولكن مع التقدم التكنولوجى الرهيب فى وسائل الاتصال ظهرت الآن وسائل أخرى مثل النت والشات والفيس بوك، وقديما كان الشاب قد يعرف بنتا واحدة، أو اثنين، ولكنه الآن يعرف آلاف البنات، وأيضا كانت البنت إذا عرفت ولدا لكانت تهاجم بسوء الخلق، ولكنها الآن تتعامل فى مخفى عن الأعين مع العديد من الأولاد.
ويمكن سرد أسباب الجلوس على النت والشت مع الجنس الآخر كالتالى، أولا: الحاجة الشديدة للحب، وتبادل المشاعر، وفقدان الحنان، وللإحساس بالذات، وأحياناً للتجربــة، وطبعا هذه المشاعر تجد كثير من الضغوط والرفض لها فى المجتمعات الشرقية فلا تستطيع أن تتحقق على أرض الواقع، ولذا يبحث الشاب تحقيقها متخفيا على النت.
ثانيا: الحالـة النفسيــة، مثل الفشل فى علاقة عاطفية والرغبة فى نسيانها بالبدء بعلاقة أخرى.
ثالثا: الاعتقاد أن الآخر لا يعرفنى، ولن يستطيع أن يكتشف الحقيقة مما يسهل البوح عن المشاعر بدون قيود، أو الخروج للتسليـــة، وغالبا ما يكون هدف أساسى لاستغلال وقت الفراغ بكلام معسول وجميل ولذيذ وخفيف على القلب.
وتبداء القصة بأن يدخل الولد والبنت بداية بنية التسلية وقضاء وقت الفراغ والتعبير عن أحاسيسه ومشاعره بطلاقة بدون قيود، لأن الطرف الآخر لا يعرفك، ولا يستطيع أن يضرك، ولزيادة السرية يقوم كل طرف منهما باختيار اسم وهمى لنفسه ووظيفة وهمية، وكذلك حالة اجتماعية "متزوج أو أعزب" مخالفة عن الواقع، وغالبا هذه الصفات هى فى كثير من الأحوال هى صفات خيالية كان يتمنى أن يكون عليها، وتمثل له راحة نفسية، وأن يكون فى أفضل الصور وأكثرها جاذبيةً واستحسانًا كما يتوقع.
كما أنه يحاول أن يكون أكثر عاطفية وحنية ورومانسية، وكذالك أكثر صراحة جنسيا، فيتكلم بحرية وبصراحة، وغالبا أكثر بكثير مما يتكلم به مع زوجته أو زوجها.
فكثير من الأحيان يحدث ممارسة للجنس والكلام الإيباحى بصراحة، كونهما لا يمكن أن يعرفا بعضهما البعض، ولكن مع استمرار العلاقة وزيادة لهيب حرارة الحب يبدأ الطرفان فى البحث عن لقاء عادى أو حتى جنسى.
وهنا تتحول العلاقة إلى كارثة، ويحدث الانهيار فى الحياة، وإذا حدث القاء بين الطرفين يفاجا كل طرف بكذب الآخر وعدم صحة المعلومات لديه عنه، والتى بنى عليه صوراته عن الآخر، وعدم رؤية كل طرف للآخر فى بداية العلاقة يجعل كل طرف يتخيل الآخر فى الصورة التى يتمنها هو، مما يذيد من المفاجأة، وهنا تنتهى الصداقة تماما، وكما قال بيرون: قد تنمو الصداقة لتصبح حباً، ولكن الحب لا يتراجع ليصبح صداقة.
لذا فوجب التحذير والتنبية على بدء علاقة على النت بين الجنسين، خوفا من تحولها كما سردنا سابقا، ولخطورة عواقبها.