إن مشيت علي شارع لا يؤدي إلي هاوية قل لمن يجمعون القمامة: شكراً!
إن رجعت إلي البيت، حياً، كما ترجع القافية بلا خللٍ، قل لنفسك: شكراً!
إن توقعت شيئاً وخانك حدسك، فاذهب غداً لتري أين كنت وقل للفراشة: شكراً!
إن صرخت بكل قواك، ورد عليك الصدى (من هناك؟) فقل للهوية: شكراً!
إن نظرت إلي وردة دون أن توجعك وفرحت بها، قل لقلبك: شكراً!
إن نهضت صباحاً، ولم تجد الآخرين معك يفركون جفونك، قل للبصيرة: شكراً!
إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك كن ولداً طيباً! ليقول لك الربُّ: شكراً!
مقهى، وأنت مع الجريدة
مقهى، وأنت مع الجريدة جالس لا، لست وحدك. نصف كأسك فارغ والشمس تملأ نصفها الثاني ...
ومن خلف الزجاج تري المشاة المسرعين ولا تُرى [إحدي صفات الغيب تلك: ترى ولكن لا تُرى] كم أنت حر أيها المنسي في المقهى! فلا أحدٌ يرى أثر الكمنجة فيك، لا أحدٌ يحملقُ في حضورك أو غيابك، أو يدقق في ضبابك إن نظرت إلى فتاة وانكسرت أمامها.. كم أنت حر في إدارة شأنك الشخصي في هذا الزحام بلا رقيب منك أو من قارئ! فاصنع بنفسك ما تشاء، إخلع قميصك أو حذاءك إن أردت، فأنت منسي وحر في خيالك، ليس لاسمك أو لوجهك ههنا عمل ضروريٌ. تكون كما تكون ... فلا صديق ولا عدو يراقب هنا ذكرياتك / فالتمس عذرا لمن تركتك في المقهى لأنك لم تلاحظ قَصَّة الشَّعر الجديدة والفراشات التي رقصت علي غمازتيها / والتمس عذراً لمن طلب اغتيالك، ذات يوم، لا لشيء... بل لأنك لم تمت يوم ارتطمت بنجمة.. وكتبت أولى الأغنيات بحبرها... مقهى، وأنت مع الجريدة جالسٌ في الركن منسيّا، فلا أحد يهين مزاجك الصافي، ولا أحدٌ يفكر باغتيالك كم انت منسيٌّ وحُرٌّ في خيالك!