إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلِل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراَ.
أما بعد:
قال البخاري رحمه الله تعالى: (باب) ما يجوز من اللو.. وقوله تعالى: ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً)).
فهو رحمه الله يريد أن يقول: هل يجوز لك أن تقول: لو فعلت كذا لكان كذا وكذا؟
مثلاً تمرض فتقول: لو أني ذهبت إلى الطبيب قبل مرضي لما مرضت.
يرسب ابنك فتقول: لو أني ذاكرت له لما رسب.
فهل هذا جائز أم لا؟
ذلك ما سوف يجيب عليه الإمام البخاري، وسوف يحلق بنا مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديثه لندخل رياضه اليانعة، ولنستمع لأقوال أهل العلم وهم يحللون هذه الألفاظ.
قال: وقوله تعالى: ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً))، القائل هو لوط عليه السلام لما هجم عليه المجرمون يريدون ضيوفه من الملائكة، وكان قوم لوط قوم سوء وأهل فاحشة.
فلما رآهم خرج إليهم وقال: ((وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ))، أما عندكم إيمان؟
أما عندكم عقول؟
ثم تأسف وتحسَّر وقال من شدة الغضب: ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً))، أي: لو أستطيع أن أجادلكم وأغالبكم هذا اليوم لفعلت.
ثم قال: ((أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ))، أي آوي إلى الأسرة القوية والعشيرة المؤيدة لأخمدكم هذا اليوم.
قال صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآيات: (رحم الله لوطاً ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد) (1) ، لأن الله عزَّ وجل هو الركن الشديد.
فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم تعجب كيف يقول: ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ))، فكأنه نسي من الغضبِ الله، لأنه لا أقوى من الله ولا أجل من الله ولا أعظم من الله.
لكن هكذا مع الغضب قالها.
ثم قال البخاري : (باب) ما يجوز من اللو.
لأنه ورد عند مسلم وعند ابن ماجة وعند أبي داود وعند أحمد بألفاظ متباينة قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي أحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلِّ خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) وفي رواية: (قدَرُ الله وما شاء فعل) (1) .
ثم ذكر البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت راجماً امرأة من غير بيِّنة).
وقد قال صلى الله عليه وسلم هذا في قصة الرجل الذي اتهم امرأته بالزنا -نسأل الله العافية- فقال له صلى الله عليه وسلم: (البينة أو حد في ظهرك) فأنزل الله آيات اللعان في سورة النور: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)) الآية.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (انظروا إن أتت به بصفة كذا وكذا فهو ليس لزوجها).
فجاءت به بتلكم الصفات فقال صلى الله عليه وسلم: (لو كنت راجماً امرأة من غير بينة لفعلت) (1) ، أي لابد من البينة ولو شابه الولد ذلك الرجل المرمي بالزنا.
الشاهد: أن البخاري أتى بالحديث ليبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخدمها في عباراته وألفاظه.
إذ يجوز استخدامها في مواطن بشرط: أن لا تعارض مشيئة الله تبارك وتعالى، فإذا عارضت القضاء والقدر حَرُم استخدامها.
فمثلاً: لا يقع إنسان في حادث ومصيبة فيقول: لو فعلت كذا وكذا لما وقعت عليّ المصيبة، لأن هذا معارضة للقضاء والقدر.
وهكذا التحسر على أمر فات فتقول مثلاً: لو استقبلت من شبابي ما استدبرت لفعلت كذا وكذا، إلا إذا كان التحسُّر على العمل الصالح كأن تقول: لو كنت شاباً لتبت إلى الله عز وجل، فهذا جوزه بعض أهل العلم.
وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي) (1) ، فالرسول صلى الله عليه وسلم تحسر على أمر قد فات ومضى.
ثم قال البخاري : قال عطاء : (أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء فخرج عمر رضي الله عنه فقال: الصلاة يا رسول ّالله، رقد النساء والصبيان.
فخرج ورأسه يقطر وهو يقول: لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة) (1) .
فـ (لو) أداة امتناع لامتناع، تقول: لو أتاني الضيف لأكرمته، فامتنع مجيء الضيف فما أكرمته.
لو ذاكر الطالب لنجح، فامتنع نجاح الطالب لامتناع مذاكرته.
(لو) تأتي بمعانٍ:
1- تأتي بمعنى (إن) الشرطية كقوله سبحانه وتعالى: ((وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ))، أي: إن أعجبتكم.
2- وتأتي للتقليل كقوله صلى الله عليه وسلم: (التمس ولو خاتماً من حديد) (1) .
وأحد العرب المشهورين في نجران اسمه ( الحارث ) تخاصم مع امرأة فضربته على وجهه لأنه قتل ابنها.
فقال: لو غير ذات معصم لطمتني.
فهي لتقليل شأنها واحتقارها.
3- وتستخدم للعرض، تقول: لو تنزل عندنا أكرمناك.. لو تأتينا أتحفناك.. لو تسعدنا شرفناك.
4- وتستخدم للحضِّ: لو فعلت كذا لكان أحسن.. لو ذاكرت كان أفيد.. لو صليت كان أنفع.. لو ذكرت الله كان أعظم لأجرك.
5- وتستخدم بمعنى (هلا)، كقوله تعالى: ((لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا))، أي: هلا أخذت الأجر.
6- وتستخدم للتمني، كقوله تعالى: ((فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ))، أي: ليت لنا عودة إلى الدنيا.. ولكن هيهات.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) (1) ، وعند البخاري معلقاً: (عند كل وضوء) (1) ، وهذا الأمر يقتضي الحث والندب على السواك.
وبهذا يُعلم أنه ليس بواجب على الناس لقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشقَ على أمتي لأمرتهم) فانتفى الوجوب لانتفاء المشقة.
وعن أنس رضي الله عنه وأرضاه قال: (واصل النبي صلى الله عليه وسلم آخر الشهر وواصل أناس معه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: لو مُدّ بي الشهر لواصلت وصالاً حتى يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) (1) .
معنى الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم صام أياماً من الأيام ثم واصل، أي أنه واصل الليل بالنهار، فقلده أناس من الصحابة يريدون المواصلة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنني لست كهيئتكم، أنا يطعمني ربي ويسقيني)، فواصلوا فقال صلى الله عليه وسلم: (لو مدّ بي الشهر لواصلت بكم)، أي: ليظهر لهم أنهم لا يستطيعون ذلك لو طال عليهم، فعليهم بالرفق والقصد.
ومعنى قوله: (أبيتُ يطعمني ربي ويسقيني)، ليس معناه أنه يطعمه الطعام ويسقيه الشراب، لكن معناه أنه يطعمه سبحانه وتعالى من المعارف ومن الإشراقات ومن الوحي ومن النور ومن الحكمة ما يشبع به.
فروح الروح أقوات المعاني وليس بأن طعمتَ ولا شربتَ
قال ابن القيم : هذا مما يفيض الله عليه من المعارف والحِكَم، ثم أتى بأبيات لأحد العرب يقول فيها:
لها أحاديث من ذكراك تشغلها عن الطعام وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به ومن حديثك في أعقابها حادي
إذا تشكت كلال السير أسعفها شوق القدوم فتحيا عند ميعاد
وشاهد البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: (لو مد بي الشهر).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجَدْرِ، أمِنَ البيت هو؟
قال: نعم.
قالت: ما بالهم لم يدخلوه في البيت؟
قال: إن قومك قَصُرت بهم النفقة.
قالت: فما شأن بابه مرتفعاً؟
قال: فعل ذلك قومك ليُذخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض) (1) .
وفي هذا الحديث قضايا:
أولها: مخاطبة الناس على قدر عقولهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يخاف من الكفار يوم أسلموا للتو أن يُبَدِّل شيئاً من الكعبة فيقولون: انظروا حتى الكعبة ما تركها، فترتد قلوبهم وتنكر، فتركها لأجل ذلك.
ولذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: [إنك لست محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنة].
ولذلك حق على الداعية والمتكلِّم أن يقدر قدر المجتمع والبيئة التي يعيش فيها ويتكلم فيها بما يناسب أهلها.
ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم: (فأخاف أن تنكر قلوبهم) يفيد أن على الداعية أن يلتمس المنافذ في الدخول إلى القلوب لكي لا تنكر دعوته وطريقته، فلا يأتي مثلاً ويتحدث عن الغيبيات الدقيقة التي ما سمعوا بها، فتنكر قلوبهم فيصابون بشك، نسأل الله العافية.
ولما حدثت عائشة رضي الله عنها ابن الزبير بهذا الحديث غير البيت وأدخل الجدار في الكعبة.
فجاء عبد الملك بن مروان فأعادها على ما كانت عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
والمصيب ابن الزبير رضي الله عنه وأرضاه، لأن الفتنة انتهت والناس ما عادوا حديثي عهد بالجاهلية.
ولما سمع عبد الملك بالحديث قال: لو سمعت هذا ما حولت الكعبة عن مكانها.
فلما أتى هارون الرشيد أراد أن يعيدها على ما كانت عليه أيام ابن الزبير !!
فاستشار الإمام مالك فكتب له الإمام مالك قائلاً: يا أمير المؤمنين لا تفعل ذلك، فإنك إن فعلت ذلك أصبحت الكعبة لعبة للملوك، أي: كل ما أتى ملك أو خليفة وغضب على الذي قبله قال: بسم الله تهدم الكعبة وتبنى من جديد!!
فتوقف هارون الرشيد عن ذلك الرأي الذي اختاره.
قال البخاري : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وسلك الأنصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار) (1) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحبّذ الهجرة ويقدمها على النصرة.
فالمهاجرون أفضل بلا شك من الأنصار، يقول الله سبحانه وتعالى: ((لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ))، فقدم المهاجرين على الأنصار.
إذن، فـ (لو) ليست مكروهة على الإطلاق وقد استخدمت في القرآن، قال سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ((قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ الله وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ)).
فأمره أن يقول: (ولو)، وهذا لا ينافي القضاء والقدر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمن بمشيئة الله.
فمن آمن بمشيئة الله وأن تصاريف الأمور بيد الله فلا بأس عليه أن يقولها.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي)، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجِّه ساق الهدي فما حلَّ من إحرامه صلى الله عليه وسلم وقال للصحابة: (حلوا من إحرامكم واجعلوها عمرة).
قالوا: كيف يا رسول الله؟
لأنهم ما يستسيغون أن يحلوا وهو صلى الله عليه وسلم مُحرِم.
فأخبرهم أنه قد ساق الهدي، والذي يسوق الهدي من بلده يبقى في إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محله.
فقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سُقت الهدي)، ففيه جواز التحسر على أمر فاضل.
ويقول صلى الله عليه وسلم عند الترمذي من حديث أبي كبشة في حديث أقسام الناس: (ورجل يقول: لو أن الله آتاني مثل ما آتى فلاناً لعملت مثل ما عمل) (1) ، فهو مأجور وهما في الأجر سواء.
وكذلك الذي تمنى المعاصي فهو مع صاحبه في الإثم سواء.
وقال الله عن المنافقين أنهم قالوا: ((لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا)).
فرد الله عليهم: ((قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)).
وجلس فريق من المنافقين وقالوا لإخوانهم من المنافقين: لا نخرج إلى أحد ، ولو كنا ندري أن هناك نصراً أو أن هناك فائدة لخرجنا.
فلما قتلوا قالوا: ((لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا))، فيه معارضة للقضاء والقدر الذي وقع.
فقال سبحانه وتعالى رداً عليهم: ((قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ))، فأخبر سبحانه وتعالى أن القضاء والقدر يغلب كل غلاب.
وقال المنافقون: ((لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ))، لأنهم كذبوا وعارضوا القضاء والقدر.
وقال سبحانه وتعالى: ((وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ))، والبروج: هي الحصون أو القصور.
والمشيدة التي طليت بالشيد من حصانتها.
وقال سبحانه: ((وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ)).
إذاً.. (لو) تجوز في ثلاثة مواطن:
أولها: إذا لم تعارض قدر الله ومشيئة الله سبحانه وتعالى.
الثاني: إذا كانت للاستقباك.
الثالث: إذا كانت لمصلحة دينية وفائدة شرعية فاتت العبد كالصلاة والجهاد ونحوها.
أما استخدامها بعد العجز وعدم بذل الأسباب فهي محرمة.
فطالب لا يذاكر ثم يقول: لو أني ذاكرت لنجحت، فهذا عارض القضاء والقدر.
قوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا أصابك شيء فلا تقل لو كان كذا لكان كذا وكذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
السؤال: كيف تفتح (لو) عمل الشيطان؟
قال القاضي عياض و ابن حجر : لأن لو إذا جاءت وسوس العبد وقال: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، فشك في قضاء الله وقدره فدخل في الارتياب وهو فعل الشيطان.
ولذلك تجد الناس يتسخطون القضاء والقدر لأنهم عجزة لا يقومون بما طلب الله منهم.
أما المؤمن الصادق فموقفه من القضاء والقدر يدور حول مقامات:
الأول: أن يؤمن أنه -أي المقدَّر- من عند الله عز وجل.
والثاني: أن يشكر الله عز وجل على النعمة.
الثالث: أن يحمد الله أن لم يجعل المصيبة في دينه وفي استقامته.
هذا عن استخدام (لو).. أما (ليت) وهي الدالة على التمني فقد استخدمها صلى الله عليه وسلم وأجازها كما ذكر البخاري عندما قال صلى الله عليه وسلم في ليلة من الليالي: (ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة) (1) ، فقام بذلك سعد رضي الله عنه.
وقال بلال رضي الله عنه:
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة بواد وحولي إذخر وجليل
وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك (1) .
فليت للتمني وهي جائزة بشرط أن لا يستخدمها الإنسان في المحرمات بأن يقول أحد: يا ليتني أزني أو أسرق أو أفعل محرماً. فعند ذلك لا يجوز استخدامها بل قد يحاسب العبد على أمنيته تلك.
وإنما تستخدم في الطاعات: يا ليتني أصوم كل شهر ثلاثة أيام..
يا ليتني أجاهد.. يا ليتني أنفق.. وهكذا.
وفي المباحات جائزة: يا ليت عندي بيتاً أو سيارة وهكذا.
هذا ما تيسر في هذا الدرس.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.