اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 تاملات في سورة قريش

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
خالد الرواضيه

avatar



تاملات  في سورة قريش Empty
مُساهمةموضوع: تاملات في سورة قريش   تاملات  في سورة قريش Icon-new-badge9/5/2011, 10:53

{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.

أتدري إلامَ يُشير مطلع هذه السورة الكريمة أيها الإنسان؟ وهل تعلم ماذا يريد أن يُثبت في نفسك من معانٍ؟

إنه يشير إلى عظمة خالق الكون ومربِّيه، إلى تدبيره تعالى وتنظيمه الحكيم، إلى تلك الإرادة العليا التي جعلت من هذا الكون وحدة مؤتلفة منتظمة منسجمة إلى القدرة الإلهية العظمى التي تنقل الكرة الأرضية جارية في هذا الفضاء الواسع اللاَّمتناهي، وأنت محمول على ظهرها ترحل بك من شتاء إلى صيف، ومن صيف إلى شتاء، إلى ضعفك وصغر جرمك، إلى جلال ربِّك وعظمة مسيِّرك، إلى لطفه تعالى في تسيير هذا الكون وتدبير شؤونه، إلى الملك والتربية، إلى العلم والحكمة، إلى عدد عديد من الأسماء الحسنى، وما ذلك إلاَّ طرف يسير مما انطوى عليه قوله تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}.

والواقع أن فواتح السور ومطالعها مفاتيح لما انطوت عليه السورة بجملتها، فإن أنت آمنت بالله ورسوله حقَّ الإيمان وأعطيت هذه المطالع حقها من التفكير والتدبُّر، هداك الله تعالى وأراك وهنالك تدرك بعض ما تشير إليه من معنى عميق وسر دقيق، فتعظِّم خالقك وتُكْبِرهُ وتدرك أين أنت ومن أنت في هذا الكون العظيم.

من عرف ربَّه، عرف نفسه، ومن نسي ربَّه نسي نفسه... وأولئك هم الفاسقون. {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} سورة الحشر (19).

ففي الكون كله وفي كل مخلوق من مخلوقاته آلاف الدلائل والآيات، وفي القرآن، لا بل في كل سورة من سوره فواتح ومطالع وفصول ومقاطع تشير دوماً إلى تلك الآيات الكونية الدالة على الله تعالى والمعرِّفة بأسمائه، والسمع والبصر والفؤاد وما وهبك الله من حواس وكذلك الفكر: وهو من أعظم ما تفضَّل به عليك ربك، كل ذلك خير معين لك على رؤية ما في الكون من عظمة، وما فيه من قدرة وحكمة، وما يشير إليه من حنان إلهي ورحمة، فما عليك وقد يسَّر الله لك السبيل، سبيل الهدى إلاَّ أن تنظر في الكون مفكِّراً وتتدبَّر ما في القرآن الكريم من إرشادات وآيات، وهنالك ترى ما في الكون من عظمة، وما في القرآن الكريم من علم وحكمة وتفقه طرفاً من قوله تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}.

وإن شئت تفصيلاً لمعنى هاتين الآيتين الكريمتين فاستمع إلى ما سنبيِّنه لك في مطلع هذه السورة الكريمة.

يريد الله تعالى أن يبيِّن ذلك النظام البديع الذي قام عليه الكون، ثم يلفت تعالى نظر عباده ويذكِّرهم بذلك الترتيب الحكيم الذي جعل المخلوقات متآلفة مع تبدُّلات الفصول، فلعلَّهم إن فكَّروا في هذا النظام، توصَّلوا منه إلى الرب المنظِّم، وتعرَّفوا إلى الخالق العظيم الحكيم المبدع، والقرآن الكريم، إذا أنت وصلت إلى الإيمان الصحيح وعرجت في معارج التقوى يبدو لك عربياً مفصَّلاً، لكننا نعرِّفك ببعض ما انطوت عليه هذه السورة فنقول:

الإيلاف: مأخوذة في أصلها من أَلِفَ، يقال: ألِفَ الحيوان الإنسان، أي: أنس به، وألف المسافر البلد والمكان إيلافاً، أي: تعوَّده، وألف الشيء الشيء، والمخلوق المخلوق، أي: كان بينهما ائتلاف وتجاذب، وآلف الله تعالى البشر رحلة الشتاء والصيف إيلافاً، أي: جعل الله تعالى لهذه الكرة الأرضية وهي تجري بهذا الإنسان في هذا الفضاء، من القوانين والأنظمة ما يؤمِّن لهم كل راحة واطمئنان، فإذا هم قد أَلِفُوا هذه الرحلة إيلافاً لا يجدون أي مشقة ولا يشعرون بأدنى انزعاج واضطراب.

أما كلمة (قريش)، فمأخوذة من كلمة (قَرَشَ) بمعنى: جمع، يقال: قرش الشيء، أي: جمعه وضمَّ بعضه إلى بعض، وتقرَّش القوم، أي: تجمَّعوا، ومن ذلك سُمِّيت القبيلة التي سكنت مكة من قبل بقريش، لأن أفرادها إذ ذاك اجتمعوا عند الكعبة حول المسجد الحرام متعاونين على سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام.

وعلى ضوء ما قدَّمناه من شرح لهذه الكلمة نقول: تشمل كلمة (قريش) كل ما تراه عينك في ترابطه وتماسك أجزائه، وجميع ما تدركه مشاعرك في تجمُّعه وتجاذب ذرَّاته، فالكون كله بجميع ما فيه من مخلوقات، إذا أنت نظرت إلى ما بين أجزائه من إيلاف ومؤالفة، تجده منطوياً تحت هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}.

وزيادة في الإيضاح وعلى وجه التعميم نقول:

الكون كله وحدة منسجمة تجمَّعت أجزاؤها إلى بعضها وتجاذبت وتآلفت ذرَّاتها، فالنجوم في تجاذبها وتماسكها، والشمس مقرونة إلى الأرض طائفة بها، والقمر مرتبطاً بالأرض منجذباً إليها في دورانه حولها، والأشجار في ترابط أوراقها وثمارها وسيْر الماء في أوعيتها، ودورة الماء في جميع أجزائها، والإنسان في انتظام أعضائه وتناسقها وقيام كل جهاز من أجهزته بوظائفه وافتقار هذه الأجهزة إلى بعضها، هذه الأغذية التي نتناولها في إيلافها مع أجسامنا وتحولها بعد الهضم إلى مواد نافعة لنا وتمثُّلها إلى أنسجة وحجيرات عصبية ولحمية على حسب الأعضاء التي تُساق إليها، ثم الحيوانات في اجتماع أنواعها وحنينها إلى بعضها، وأخيراً لا آخراً، الناس في روابطهم الإجتماعية كلها، الأم مع أطفالها، والزوجة مع زوجها، وأرباب الحرف والأموال في عدم استغنائهم عن بعضهم بعضاً... كل ما ذكرناه وجميع ما تراه في هذا الكون من انسجام وترابط وانتظام، هو ما تراه تحت هذه الآية الكريمة في قوله تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} والتي تقول:

هل نظر عبادي لإيلاف هذا الكون وما بينهما من تجاذب وارتباط؟

هل شاهدوا ما هو عليه من تنظيم بديع وتنسيق حكيم وائتلاف؟

هل فكَّروا فيما بين مخلوقاته المترابطة المتجاذبة من إيلاف؟

أي: عبادي انظروا إلى الترابط الموجود في هذا العالم، ودقِّقوا في إيلاف الأشياء الموجودة في هذا الكون.

والآن بعد أن لفت تعالى نظرنا إلى الكون كله في ترابطه وتماسك أجزائه وإيلاف مخلوقاته وتجاذبها، أراد تعالى أن يعرِّفنا بناحية من النواحي الكونية إلى إيلاف الأشياء مع تبدُّلات الفصول بصورة خاصة، لننتقل من المخلوق إلى معرفة الخالق، ومن تعظيم سير الكون إلى تعظيم الإله المسيِّر فقال تعالى: {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}.

والإيلاف: كما رأينا من قبل هو تعوُّد الشيء والأنس به وعدم الإستيحاش منه، وهو انسجام الأشياء ومؤالفتها، والضمير في كلمة (إيلافهم)، وتطلق ضمير (هم) على العاقل إنما يعني بني الإنسان.

كلمة (إيلافهم) جاءت تقول: وهل نظر عبادي لإيلافهم تلك الرحلة، رحلة الشتاء والصيف؟

والرحلة: هي الانتقال، ولا يقتصر المعنى في رحلة الشتاء والصيف على هذين الفصلين المذكورين، بل يشمل ضمناً الفصول الأربعة كلها، إذ الرحلة هي الارتحال. والارتحال من فصل الشتاء إلى الصيف وبالعكس، يتضمَّن المرور بفصلَي الخريف والربيع ويشملهما، هذه الآية تشير إلى إيلاف الأشياء وانسجامها مع تبدُّلات الفصول. فالنباتات والحيوانات وكذلك الإنسان، بل سائر الموجودات جميعها أيضاً لها انسجام وإيلاف مع الفصول الأربعة، وما يحدث فيها من تغيُّرات، وعلى سبيل المثال نقول:

من الأشجار ما تتساقط أوراقها شتاءً كالمشمش والتفاح، فهذه الأشجار مع رقَّة أوراقها ولطافة نسجها، لولا نومها وتساقط أوراقها ولولا تقبُّض أوعيتها وجمود حركتها في الشتاء، أقول لولا ذلك: لانجمد الماء عند اشتداد البرد في أنسجة أوراقها وهنالك تتفجر ‎أنابيب أوعيتها فلا تقوى على البقاء وتموت، أَفليس استسلامها للنوم وسقوط أوراقها في فصل الشتاء إيلاف مع هذا الفصل وما يحصل فيه من صقيع وبرد وانجماد.

ولننظر الآن إلى الأشجار التي لا تسقط أوراقها شتاءً، بل تظلُّ دورتها النسغيَّة جارية، وتبقى حياتها وحركة الماء فيها مستمرة كالزيتون والليمون وغيرها من الحمضيات، فنضج ثمار هذه الأشجار شتاءً يقضي بدوام حياتها، وبقاء جريان النسغ فيها. لذلك تجد أوراقها مستورة بطبقةٍ شمعية، أو ليفية الأوعية، وبذا تكون أكثر تحمُّلاً وأشد مقاومة.

أفلا يدلُّ تركيبها الذي هي عليه على إيلافها مع رحلة الشتاء والصيف، أولا تدلُّ تبدُّلات هذين النوعين المذكورين على قوة خفية تزوي الحياة عن النوع الأول شتاءً، وتمدُّ النوع الثاني امداداً متواصلاً، أفلا يدل إيلاف هذه الأشجار مع رحلة الشتاء والصيف على وجود ربٍّ عظيمٍ وخالق قديرٍ وحكيمٍ قائم مشرف عليها!

أقول: وما ذكرناه عن إيلاف الأشجار ينطبق على الإنسان، فللإنسان إيلاف مع الفصول حرِّها وبردها، ثمارها وفواكهها، وكذلك الحيوانات والمخلوقات جميعها لها إيلاف مع تغيُّرات الفصول، وما ضربناه فإنما هو مثل من الأمثال، وآية من الآيات. {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ} سورة العنكبوت (43).

فالله سبحانه بما ذكره لنا من إيلاف المخلوقات مع تبدُّلات الفصول يريد توجيهنا إلى التفكير والتأمُّل في هذا الكون، فلعلنا إن فكَّرنا التفكير الدقيق، توصلنا إلى معرفة ربِّنا العظيم، وخالقنا الكريم ومسيِّرنا الرحيم!

كذلك فإن هذه الآية تريد أن تعرِّفنا بالعظمة الإلهية في التسيير، إنها تريد أن تلفت نظرنا إلى الفُلك المشحون، وأعني به الكرة الأرضية التي تسبح بنا في هذا الفضاء الواسع متنقِّلة، مرتحلة من صيف لشتاء، ومن شتاء لصيف.

إنها تريد أن تعرِّفنا بذلك التنقُّل وذلك النظام الذي تتولَّد معه الفصول الأربعة، بذلك اللطف للتسيير الإلهي الذي لا نشعر معه بما يقلقنا في سفرنا، ولا نشعر معه بما يتعبنا في رحلتنا، فإذا الأرض على ثقل وزنها وكبير حجمها وهائل سرعتها تمرُّ بنا مرَّ السحاب بلطف وهدوء، وإذا البشر المحمولون على ظهرها يروحون ويغدون إلى أعمالهم براحة واطمئنان.

إنها تعرِّف الإنسان بضعفه وصغر حجمه، إنها تعرِّفه بعناية ربِّه وعظمة خالقه وبالغ قدرته تعالى ولطفه في تسييره، وما ذاك كله إلاَّ ناحية من النواحي التي اشتملت عليها آية: {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}.

فهلاَّ نظرت أيها الإنسان إلى هذا مُفكِّراً فيه بعض التفكير؟

هلاَّ تساءلت قائلاً: من الذي يسيِّر هذا الفلك المشحون الذي أنا محمول عليه ينقله في ذلك الخضم الواسع، وبتلك السرعة الهائلة، وبذلك النظام الدقيق من الصيف إلى الشتاء، ومن الشتاء إلى الصيف؟

هلاَّ قلت لنفسك: من الذي جعل الأرض على هذا الوضع المعيَّن، وبهذا الميل المقدَّر بصورة تتولَّد معها الفصول الأربعة، فينتقل الناس من خريف لشتاء ومن ربيع لصيف؟

هلاَّ سَمِعتْ نفسك قول الملَك يناديك من الذي جعل لهذه الأرض تلك السنن والقوانين، هلاَّ فكَّرت أيها الإنسان بهذا ونظرت إليه؟

هلاَّ كنت أرقى من ذلك المخلوق الذي لا يعرف سوى مطعمه ومشربه فقلت لنفسك أين أنا في هذا الوجود، ومن أنا في هذا الكون، وما هذه اليد العظيمة التي خلقتني وأوجدتني، وهي تُعنى بي هذه العناية وتُربِّيني هذه التربية وتُسيِّر مركبي هذا التسيير اللطيف؟

هلاَّ نظرت أيها الإنسان... لإيلاف أجزاء هذا الكون مع بعضها بعضاً، ولإيلاف هذا النوع البشري المحمول على وجه الأرض مع رحلة الشتاء والصيف.

ألا يا عبادي انظروا إلى إيلاف المخلوقات مع تبدُّلات الفصول، تجدوا أن لهذا الكون ربّاً عظيماً ومسيِّراً حكيماً يقبض ويبسط، ويعطي ويمنع، وقد سيَّرَ هذا الكون كله ضمن الحكمة والرحمة وبما يعود على الكون وعليك بالخير والمنفعة.

إذا أنت نظرت إلى هذا وعرفت خالقك ومُربِّيك وآمنت بهذه اليد العظيمة التي تُسيِّر هذا الكون العظيم من بعد أن بيَّن تعالى لك ما يدلُّك على وجوده وعظيم حكمته أراد أن يدعوك إلى عبادته أي طاعته والسير ضمن هدايته ودلالته فإن شئت الهداية والسعادة فاستمع إلى ما يأمرك به وما يُمليه عليك به في قوله الكريم: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.

وممَّا يؤكِّد ما قدَّمناه من شرح وما أسلفناه من بيان أن ترد الفاء في كلمة (فليعبدوا) رابطة للجواب على حد تعبير النُّحاة، ويكون مجمل ما نفهمه من هذه الآية الكريمة مقرونة إلى ما قبلها:

إن نظر عبادي لإيلاف المخلوقات في هذا الكون، وتعرَّفوا من وراء ذلك إلى علمي وحكمتي، وإن هم نظروا إلى هذه الأرض التي ترحل بهم في الفضاء وأدَّى بهم ذلك إلى رؤية طرف من كبير قدرتي وعظيم تسييري ولطيف رحمتي.

وبكلمة وجيزة: إذا نظر عبادي لإيلاف قريش وإن هم نظروا لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف وتوصَّلوا من ذلك إلى معرفة عظمتي ومشاهدة تسييري لهذا الكون وبالغ عظمتي {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.

نعم لقد جاءت هذه الفاء لتربط مفتاح السورة الكريمة بما بعدها، ولتُبيِّن لك أن المراد بالآيتين الأوَّليتين دعوة الإنسان إلى التأمُّل والتفكُّر، فلعلَّه إن نظر وفكَّر يُشاهد طرفاً من الجلال والعظمة الإلهية، ولعلَّه إن نظر وفكَّر يرى التسيير الإلهي، وقد خالطه الحنان واللطف ومازجته الرأفة والرحمة.

ولعلَّه إن نظر وفكَّر يتوصَّل إلى الإيمان بكلمة (لا إله إلا الله) فيرى تلك اليد العليمة الحكيمة التي تُسيِّر هذا الكون كله بما فيه من مخلوقات، تسييراً لطيفاً وتُشرف عليه إشرافاً دقيقاً وهنالك تخضع النفس لله تعالى طائعة فتعبده حقّ العبادة.

والحقيقة أن النفس البشرية مفطورة على تقدير الكمال، مطبوعة على الخضوع لصاحب العظمة والجلال، مجبولة على حب من ترى منه العطف واللطف والإحسان كائناً من كان، تلك هي فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لهذا القانون ولا تغيير.

فإن أنت أردت لنفسك سلوكاً في طريق الإيمان بالله، وإن رمت لها سمواً وتقدُّماً في هذا المضمار، فما عليك إلاَّ أن تدعوها إلى التأمُّل والتفكير، وتُبصِّرها آناً بعد آن فيما يقع عليه نظرها من مخلوقات وما في هذا الكون من آيات.

عليك دوماً أن تُثير خامد تفكيرها... وتبعث جامد نظرها... وتُحرِّك ساكن تأمُّلِها.

عليك أن تقول لنفسك: ألا تنظرين، ألا تفكِّرين، ألا تتأمَّلين، ألا تُدقِّقين، ألا تقولين: من الذي أوجد هذا العالم وجعله على هذا النظام المحكم؟ ألا تعجبين لإيلاف ما في الكون من مخلوقات، ألا تُعظِّمين هذه اليد التي تُسيِّر الكرة الأرضية على هذا النظام الدقيق في هذا الفضاء العظيم، تسييراً لطيفاً هادئاً لا يُعكِّر صفوه مُعكِّر ولا يكاد يشعر به إنسان، ألا تقولين مُتسائلة من أنا؟ وأين أنا؟ وكيف صرت أنا وما كنت من قبل شيئاً مذكوراً؟

عليك أن تُطيل النظرات، وتُواصل التأمُّلات، وتُري نفسك كم في هذا الكون من آيات، كم فيه من لطائف الحكمة ودلائل القدرة، وشواهد الرأفة والرحمة وعجائب الخلق المشيرة إلى دقة الصنع وبالغ العلم والخبرة، فإن استطعت أن تُريها وتُبصِّرها، وإن أنت توصَّلت إلى الأخذ بيدها إلى مشاهدة العظمة الإلهية، ورؤية الحكمة والعلم والقدرة، والتحقُّق بالإمداد الدائم والتربية، والتعظيم لذلك الإمداد الإلهي الدقيق الذي تقصر العقول عن إدراك حد له أو نهاية.

أقول: إن أنت توصَّلت إلى إراءتها طرفاً من هذا، فهنالك تُطأطئ خاضعة لله تعالى ساجدة، وتُذعن لربِّها مُستسلمة، وما إسلام النفس الحق إلاَّ من بعد رؤيتها وشهودها، فإن هي رأت وشاهدت خضعت وأذعنت، وما هي بمُذعنة ولا خاضعة إلاَّ إذا رأتْ وشاهدت، ذلك كله إنما يُعرِّفنا بالحكمة الإلهية التي جعلت مطالع السور وفواتحها تُشير إلى آيات الكون وعظمتها، وذلك كله إنما توحي به آية: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مثنى سيف

مثنى سيف



تاملات  في سورة قريش Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاملات في سورة قريش   تاملات  في سورة قريش Icon-new-badge9/5/2011, 13:27

جزاك الله خير ورزقك الجنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد الرواضيه

avatar



تاملات  في سورة قريش Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاملات في سورة قريش   تاملات  في سورة قريش Icon-new-badge10/5/2011, 02:57

==
أإسـ عٍ ـد الله أإأوٍقـآتَكُـم بكُـل خَ ـيرٍ

دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بمروركم

أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ

للكم الشكر من كل قلبي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاملات في سورة قريش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: منتدى الاسرة :: المنتدى الاسلامي :: اسلاميات-
انتقل الى: