آداب النصيحة
قالرسولاللهصلى الله عليه وسلم :((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه))رواه مسلمم
أيهاالإخوة المؤمنون، ومع أن النصيحة من أعظم الدين ويجب القيام بها إلا أنلها آدابًا لا بد منها لتقع من المنصوح موقع القبول، فمن ذلك:
1- أن يقصد الناصح بنصيحته وجه الله؛ إذ بهذا القصد يستحق الثواب مناللهعز وجل والقبول لنصحه.
2- أن لا يقصد بالنصيحة التشهير بالمنصوح، فإن التشهير أدعى لرد النصيحة، بل يكون الأمر في السر،قال الحافظ ابن رجب: "كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوهسرًا"، ومن ذلك بيتا الشافعي المشهوران:
تعمدني بنصحك في انفرادٍوجنبني النصيحة في الجمـاعه
فإن النصح بين الناس نوعمن التوبيخ لا أرضى استماعه
3- ومن الآداب أيضًا في النصيحة أن تكون بلطف وأدب ورفق، فإن هذا مما يزين النصيحة، قال عليه الصلاة والسلام: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه))رواه مسلم. فانظر إلى من نَصَح بشدة وغلظة كم من باب للخير قد أغلق! وكم من الصدور قد أوغر!
4- ومن ذلك اختيار الوقت المناسب للنصيحة؛ لأن المنصوح قد لا يكون في كل وقت مستعدًا لقبول النصيحة، قال عبداللهبن مسعود رضي الله عنه: كان رسولاللهيتخوّلنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا. متفقٌ عليه. ولا شك أن للقلوب إقبالا وإدبارًا.
وعلى كل حال فعلى الناصح أن يجعل همه كيف يوصل الخير إلى عباداللهفيعملوا به ويناله من الأجر مثلُ أجورهم، لا أن يجعل النصيحة كأنها صخرة على كاهله يريد أن يلقيها ويستريح. فنسألاللهأن يجعلنا هادين مهديين صالحين مصلحين
لمن؟
عن تميم الداريقالصلىاللهعليه وسلم :((الدين النصيحة قلنا : لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))رواه مسلم
أنه يحمل معانيَ عظيمة في شأن النصيحة،قالالإمام الخطابي رحمهاللهفي شرح الحديث: "وأصل النصح في اللغة الخلوص،يقال: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع، فمعنى النصيحةللهصحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتابهالإيمان به والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته وبذلُ الطاعةله فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم"، وقالالإمام أبو عمرو بن الصلاح: "النصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحقّوطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبةُ الوثوب عليهم،والدعاء لهم بالتوفيق وحثّ الأغيار على ذلك" اهـ.
فما ظنكم ـ يا عباداللهـ بالمجتمع إذا سادت فيه هذه المعاني العظيمة؟! لا شك أنه سيكون مجتمعًا مرحومًا،قالتعالى: وَالْمُؤْمِنُونَوَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَبِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَوَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَسَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 71].
النصيحة
عن أبو هريرةقال: قالصلىاللهعليه وسلم :((حقالمسلم على المسلم ست . قيل : ما هن ؟ يا رسول الله ! قال : إذا لقيتهفسلم عليه . وإذا دعاك فأجبه . وإذا استنصحك فانصح له . وإذا عطس فحمدالله فشمته وإذا مرض فعده . وإذا مات فاتبعه))رواه مسلم
إن النبيقد عد النصيحة هي الدين كما جاء في حديث تميم الداري المشهور أن النبيقال: ((الدين النصيحة)). قالالإمام أبو داود رحمهاللهصاحب السنن: "إن هذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه". قالالحافظ ابن رجب رحمهالله: "فهذا يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل عليه السلام، وسمى ذلك كله دينًا" اهـ.
كما أن النبيجعل النصيحة من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، كما في حديث أبي هريرة رضياللهعنه: ((حق المسلم على المسلم ست))، وذكر منها: ((وإذا استنصحك فانصح له))رواه مسلم.
فالنصيحة واجبة لكل مسلم، فهي التي يعزاللهبهاالحق ويخذل بها الباطل وينصر بها المظلوم ويزال بها المنكر ويُدعى بها إلىالخير، فحري بنا ـ معشر المسلمين ـ أن نتمثل هذا الخلق الرفيع والهديالإسلامي العظيم في وقت قد كثر فيه الغش والخداع والنصب والاحتيال والأثرةوحب الذات على حساب الآخرين، بل لقد تطاول الأمر إلى أبعد من ذلك حتى صارالناصح الأمين يوصف بالسفاهة والحمق، وهذا يذكرنا باتّهام عاد لنبيهم هودٍعليه السلام حيثقالواله:إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَقَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّالْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌأَمِينٌ[الأعراف: 66-68].
فهذاالغش والخداع ليس من منهج الإسلام في شيء، فحق أخيك ـ أيها المسلم ـ عليكأن تمحض له النصح وتجتهد في إصابة الصواب، وكل على حسبه في النصح، فعلىالتاجر النصح لعميله ومن يتعامل معه، فلا يغشّه ولا يخدعه أو يبيعه سلعةمعيبة، كما أن على الموظف أن ينصح في التعامل مع مراجعيه، فيسهل أمورهمويرشدهم إلى ما يحتاجون لإنهاء معاملاتهم، ولا يؤثر أحدًا على حساب أحد،وهكذا المعلم عليه أن ينصح في تعليمه، فلا يدخر وسعًا في إيصال المعلوماتإلى الطلاب، وأن لا يتبرم من استشكال أو عدم فهم من بعض الطلاب، وأن يتقياللهفيما أسند إليه من منهج فلا يقصر في أدائه والقيام به على الوجه الأكمل.
{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }الأنعام160
فويل لمن غلبت سيئاته حسناته...كيف يغلب الواحد عشرة..هل تسبق الدراجة .. السياره..