يقول الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِيالْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].
الناس بعد الممات ينقسمون الى قسمين، باعتبار جريانالحسنات والسيِّئات عليهم:
القسم الأول: من يَموت وتنقطع حسناته وسيئاته علىالسَّواء، فليس له إلا ما قدَّم في حياته الدُّنيا.
القسم الثاني: من يَموت وتبقىآثارُ أعماله من حسناتٍ وسيئاتٍ تجري عليه، وهذا القسم على ثلاثة أصناف:
الأول: من يَموت وتجري عليهحسناتُه وسيئاته، فمثل هذا يتوقَّف مصيره على رجحان أيٍّ من كِفَّتَيالحسنات أو السيئات.
الثاني: من يَموت وتنقطع سيئاته، وتبقى حسناته تَجري عليه وهو فيقبره، فينال منها بقدر إخلاصه لله - تعالى - واجتهاده في الأعمال الصَّالحةفي حياته الدُّنيا،فيا طيب عيشه، ويا سعادته.
الثالث: من يموت وتنقطع حسناته،وتبقى سيئاته تجري عليه دهرًا منالزَّمان إن لم يكن الدَّهر كله، فهونائم في قبره ورصيده من السيئات يزدادُ يومًا بعد يوم،حتَّى يأتي يوم القيامةبجبال من السيئات لم تكن في حُسبانه، فيا ندامته ويا خسارته.
إنَّ الحديث عن الحسنات والسيئات أمرٌلا مفرَّ منه؛ لأنَّ الحساب يوم القيامة يكون بالموازين؛ يقول الله – تعالى -: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًاوَإِنْ كَانَ مِثْقَالَحَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
كثيرٌ من النَّاس يغفلون عن مسألة السيِّئات الجارية وخطورة شأنِها؛لأنَّ من السيئات ما إذا مات صاحبها ، فإنَّها تنتهي بموته، ولا يَمتد أثر تلك السيئات إلى غيرصاحبها، ولكنْ من السيئات ما تستمر ولا تتوقف بموت صاحبها، بل تبقى وتجريعليه، وفي ذلك يقولأبو حامد الغزالي: " طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يَموت وتبقى ذنوبه مائة سنةومائتي سنة أو أكثر يُعذَّب بها في قبره ، ويُسْأل عنها إلى آخر انقراضها "؛ (إحياء علوم الدين 2/74).
وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ محذِّرة من هذا النوع من السيئات؛منها قوله - تعالى -: {لِيَحْمِلُواأَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَة ِوَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَيُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاسَاءَ مَا يَزِرُونَ } [النحل: 25]، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تَبِعَه لاينقص ذلك من آثامهم شيئًا »؛ [صحيح مسلم، برقم (6980)]، وفي رواية: « ومن سن فيالإسلام سنة سيئة،كان عليه وزرها ووزر من عَمِلَ بها من بعده من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيء»؛ [صحيح مسلم، برقم (2398)].
وبما أنَّنا نعيش فيعصرٍ تيسَّرتْ فيه وسائلُالاتِّصالات، ونقل المعلومات، أصبح من الأهمية بمكان التَّذكير بشناعة السيِّئاتالجارية، ومدى خطورتِها على صاحبها، فكم من إنسان أهلك نفسه، وحمَّل كاهلهسيئاتٍ لم تكن محسوبة عندما نصَّب نفسه داعيًا إلى الضَّلال وناشرًا إلى المنكر من حيث يشعر أولا يشعر!
ومِنْثَمَّ؛ فإنَّه بسبب ما نشهده منتقدم وتطوُّر في سائر نواحي الحياة - لاسيما في مجال نقل المعلومات - كانتصور السيئات الجارية متعددة، لعل من أبرزها ما يلي:
القنوات الفضائية:
حيث يشاهدها الملايينُ في سائر أنحاء العالم، والأثر المتعدي لهذهالقنوات فوق مستوى الخيال، ويُمكن إجمال صور السيئات الجارية في هذه الوسيلةفيما يلي:
- إنشاءالقنوات الفاسدة التي تبثُّ الأفكار المخالفة للإسلام، وتروِّج للأخلاق المنحرفة، كقنوات أهلالبدع، وقنوات الأفلام الهابطة، والأغاني الماجنة، فأصحابُ تلك القنوات،والمساهمون فيها ماديًّا ومعنويًّا يتحمَّلون آثام هذه القنوات وآثارها السيئة، وهم فتحواعلى أنفسِهم بابً الا يكاد يُغلق من السيِّئات الجارية إلاَّ أن يتوبوا.
- إرسال الرسائل النصيَّة (sms)؛ لكي تظهر على الشاشة، فإذا كانتالرسائل تحتوي علىكلامٍ بذيءٍ أو دعوةٍ إلى الشر، فإنَّ ذلك يدخل في باب السيئات الجارية؛ لأنَّ مُرسِل تلكالرسائل قد يُسهم في نشر شرٍّ يجهله الناس،فيكون بذلك معلمًا للشر ناشرًا له.
- الإسهام فيالقنوات الفضائية الفاسدة ودعمها بأيِّ صورة من الصور، ودلالة الناس عليها - يندرج في باب السيئات الجارية.
(الإنترنت) "الشبكة العنكبوتية":
وهي لا تقل خطورة عن القنوات الفضائية إذا استخدمت في الشرِّ،وخاصةً أنَّ الإنترنتيُعدُّ مكتبة متنقلة يُمكن الاستفادة منها في أي وقت، فكل مايُنشر في هذه الشبكة يُمكناستعادته والرجوع إليه، فضلاً عن سرعة انتشارالمعلومة فيها، ولعلَّ من أبرزالاستخدامات التي تندرج في باب السيئات الجارية ما يلي:
— إنشاءالمواقع والمنتديات الفاسدة والضَّارة، كالمواقع الإباحية ومواقع أهل الفسق والضلال،وهذه المواقع ثَبَتتأضرارها وآثارها الخطيرة على المجتمعات الغربية قبل المسلمة.
— الدلالة علىتلك المواقع السيئة، ورفعها على بقيَّة المواقع عن طريق التصويت لها.
— نشر مقاطعالفيديو المخلة والمحرمة في المواقع المشهورة كاليوتيوب وغيره.
— تعليمالآخرين طريقةَ فتح المواقع المحجوبة السيئة واختراق البروكسي.
— وضع صورسيِّئة كخلفية لمنتدى، أو موقع معين، أو على هيئة توقيع عضو.
— إنشاءالمجموعات البريدية من أجل نشر المواد والمقاطع السيئة.
— الإسهام فينشر الشبه والأفكار المنحرفة عن طريق المشاركة في المنتديات.
هواتف الجوال:
وهيكذلك وسيلة تتطور يومًا بعد يومبتطوُّر تقنيات الهواتف، وأصبح من السَّهلعن طريق هذا الجوال أنْ ترسل ماتشاء إلى من تشاء، وذلك عن طريق الرَّسائل النصية (sms)، والرَّسائل المتعددة الوسائط (mms)، والبلوتوث، وغيرها من التقنيات المتقدِّمة، فكلُّ إسهامعن طريق الجوال في نشر الشرِّ والفساد يندرج في باب السيئات الجارية .
لا تقول لم اعرف ولا أدري؟؟؟؟؟ عليك الحجة ام لك؟؟؟؟
انشرها لعل احد يتوب من ورائها.............