اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 عقود رابحه

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
خالد الرواضيه

avatar



عقود رابحه   Empty
مُساهمةموضوع: عقود رابحه    عقود رابحه   Icon-new-badge30/4/2011, 02:29

سم الله الرحمن الرحيم

عــــقـــودٌ رابــحـــةٌ .. وتـــجـــارةٌ لن تــــبــــور ..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هذه وقفات مع كتاب الله عز وجل ، ينبغي لكل من أراد لنفسه الفوز والنجاة أن يقف أمامها ويتدبرها ويعقل معانيها ..
يقول الله تبارك وتعالى (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) (111التوبة )
إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين .. الله سبحانه وتعالى فيها هو المشتري ، والمؤمن فيها هو البائع ، فهي بيعة مع الله لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولا في ماله يحتجزه دون الله سبحانه وتعالى ودون الجهاد في سبيله لتكون كلمة الله هي العليا ، وليكون الدين كله لله ، فقد باع المؤمن لله في تلك الصفقة نفسه وماله مقابل ثمن محدد معلوم ، هو الجنة

وهو ثمن لا تعدله السلعة .. ولكنه فضل الله ومَنَّه

والذين باعوا هذه البيعة وعقدوا هذه الصفقة هم صفوة مختارة ، ذات صفات مميزة .. منها ما يختص بذوات أنفسهم في تعاملها المباشر مع الله في الشعور والشعائر ، ومنها ما يختص بتكاليف هذه البيعة في أعناقهم من العمل خارج ذواتهم لتحقيق دين الله في الأرض من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام على حدود الله في أنفسهم وفي سواهم .

(( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ... ))

إنه نص رهيب ! .. يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين بالله ، وعن حقيقة البيعة التي أعطوها بإسلامهم طوال الحياة ، فمن بايع ووفى بها فهو المؤمن الحق الذي ينطبق عليه وصف المؤمن ، وتتمثل فيه حقيقة الإيمان ، وإلا فهي دعوى تحتاج إلى التصديق والتحقيق !

حقيقة هذه البيعة أو هذه المبايعة كما سماها الله كرمًا منه وفضلاً وسماحة ، أن الله سبحانه قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم ، فلم يعد لهم منها شيء .

لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله

لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا ..

كلا إنها صفقة مشتراة ، لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء ، وفق ما يفرض ووفق ما يحدد ... وليس للبائع فيها منشيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم ، لا يلتفت ولا يتخير ، ولا يناقش ولا يجادل ، ولا يقول إلا الطاعة والعمل والاستسلام

والثمن : هو الجنة .

والطريق : هو الجهاد والقتل والقتال .

والنهاية : هي النصر أو الاستشهاد .

(( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ))
من بايع على هذا .. من أمضى هذه الصفقة .. من ارتضى الثمن ووفى .. فهو المؤمن
فالمؤمنون : هم الذين اشترى الله منهم فباعوا .. ومن رحمة الله أن جعل للصفقة ثمنًا ، وإلا فهو واهب الأنفس والأموال ، وهو مالك الأنفس والأموال ، ولكنه كرم هذا الإنسان فجعله مريدًا ، وكرمه فجعل له أن يعقد العقود ويمضيها حتى مع الله تعالى ، وكرمه فقيده بعقوده وعهوده ، وجعل وفاءه بها مقياس إنسانيته الكريمة ، ونقضه لما هو مقياس ارتكاسه إلى عالم البهيمة .. شر البهيمة ((إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ، الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون)) ... كما جعل مناط الحساب والجزاء هو النقض أو الوفاء .

وإنها لبيعة رهيبة بلا شك .. ولكنها في عنق كل مؤمن قادر عليها ، لا تسقط عنه إلا بسقوط إيمانه .. ومن هنا تلك الرهبة التي استشعرها اللحظة وأنا أخط هذه الكلمات ..
(( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ))
عونك اللهم .. فإن العقد رهيب .. وهؤلاء الذين يزعمون أنفسهم مسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قاعدون ، لا يجاهدون لتقرير ألوهية الله في الأرض ، وطر الطواغيت الغاصبة لحقوق الربوبية وخصائصها في حياة العباد ، ولا يقتلون ولا يقتلون ، ولا يجاهدون جهادًا ما دون القتل والقتال !
ولقد كانت هذه الكلمات تطرق في قلوب مستمعيها الأولين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتحول من فورها في القلوب المؤمنة إلى واقع من واقع حياتهم ، ولم تكن مجرد معان يتملونها بأذهانهم ، أو يحسونها مجردة في مشاعرهم ، كانوا يتلقونها للعمل المباشر بها ، لتحويلها إلى حركة منظورة ، لا إلى صورة متأملة .. هكذا أدركها عبدالله بن رواحة رضي الله عنه في بيعة العقبة الثانية
عن محمد بن كعب القرظي وغيره, قالوا: قال عبد الله بن رواحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اشترط لربك ونفسك ما شئت ! قال: "أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا, وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم" قالوا: فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال: "الجنة" قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل ! فنزلت: (إن الله اشترى من المؤمنين)... الآية.

هكذا .. (ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل) .. لقد أخذوها صفقة ماضية نافذة بين متبايعين .. انتهى أمرها ، وأمضى عقدها ، ولم يعد إلى مرد من سبيل
(لا نقيل ولا نستقيل) فالصفقة ماضية لا رجعة فيها ولا خيار ، والجنة : ثمن مقبوض لا موعود !
أليس الوعد من الله ؟ أليس الله هو المشتري ؟ أليس هو الذي وعد الثمن وعدًا قديما في كل كتبه
((وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن))
((ومن أوفي بعهده من الله))
أجل ومن أوفى بعهده من الله ..
إن الجهاد في سبيل الله بيعة معقودة بعنق كل مؤمن .. كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت الرسل ومنذ كان دين الله .. إنها السنة الجارية التي لا تستقيم الحياة بدونها ولا تصلح الحياة بتركها ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)) .. ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا))
إن الحق لا بد أن ينطلق في طريقه .. ولا بد أن يقف له الباطل في الطريق .. بل لا بد أن يأخذ عليه الطريق .. إن دين الله لا بد أن ينطلق لتحرير البشر من العبودية للعباد وردهم إلى العبودية لله وحده ، ولا بد أن يقف له الطاغوت في الطريق .. بل لا بد أن يقطع عليه الطريق .. ولا بد لدين الله أن ينطلق في الأرض كلها لتحرير الإنسان كله ، ولا بد للحق أن يمضي في طريقه ولا ينثني عنه ليدع للباطل طريقًا .. وما دام في الأرض كفر ، وما دام في الأرض باطل ، وما دامت في الأرض عبودية لغير الله تذل كرامة الإنسان فالجهاد ماض في سبيل الله ، والبيعة في عنق كل مؤمن تطالبه بالوفاء ، وإلا فليس بالإيمان و((من مات ولم يغز ، ولم يحدث نقسه بغزو ، مات على شعبة من النفاق)) رواه أحمد ومسلم وغيرهما .

(( فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ))
استبشروا بإخلاص أنفسكم وأموالكم لله ، وأخذ الجنة عوضًا وثمنًا كما وعد الله ..
وما الذي فات ؟
ما الذي فات المؤمن الذي يسلم نفسه وماله ويستعيض الجنة ؟
والله ما فاته شيء .. فالنفس إلى موت ، والمال إلى فوت .. سواء أنفقهما صاحبه في سبيل الله أم في سبيل سواه .
والجنة كسب .. كسب بلا مقابل في حقيقة الأمر ولا بضاعة ! .. فالمقابل زائل في هذا الطريق أو ذاك .
ودع عنك رفعة الإنسان وهو يعيش لله .. ينتصر إذا انتصر لإعلاء كلمته ، وتقرير دينه ، وتحرير عباده من العبودية المذلة لسواه .. ويستشهد إذا استشهد في سبيله ـ ليؤدي لدينه شهادة بأنه خير عنده من الحياة ، ويستشعر في كل حركة وفي كل خطوة أنه أقوى من قيود الأرض وأنه أرفع من ثقلة الأرض ، والإيمان ينتصر فيه على الألم ، والعقيدة تنتصر فيه على الحياة .
إن هذا وحده كسب .. كسب بتحقيق إنسانية الإنسان التي لا تتأكد كما تتأكد بانطلاقه من أوهاق الضرورة ، وانتصار الإيمان فيه على الألم ، وانتصار العقيدة فيه على الحياة ، فإذا أضيف إلى ذلك كله .. الجنة .. فهو بيع يدعو إلى الاستبشار ، وهو فوز لا ريب فيه ولا جدال ((فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ))

عن قتادة أنه تلا هذه الآية: قال: ثامنهم الله فأغلى لهم الثمن.

وعن الحسن أنه تلا هذه الآية: قال: بايعهم فأغلى لهم الثمن.

الجود بالماء جود فيه مكرمة والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وأنشد الأصمعي لجعفر الصادق رضي الله عنه:
أثامن بالنفس النفيسة ربهــــا وليس لها في الخلق كلهم ثمن
بها تشتري الجنات إن أنا بعتها بشيء سواها إن ذلكم غبــــن
لئن ذهبت نفسي بدنيا أصبتهـــا لقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن

قال الحسن: ومر أعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم" فقال: كلام من هذا؟ قال: (كلام الله) قال: بيع والله مربح لا نقيله ولا نستقيله. فخرج إلى الغزو واستشهد. ا.هـ

وقال شمر بن عطية ما من مسلم إلا وللّه عز وجل في عنقه بيعة وفي بها أو مات عليها ثم تلا هذه الآية. ولهذا يقال من حمل في سبيل الله بايع الله أي قبل هذا العقد ووفى به.

قال ابن كثير:وقوله " يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " أي سواء قتلوا أو قتلوا أو اجتمع لهم هذا وهذا فقد وجبت لهم الجنة.
ولهذا جاء في الصحيحين " وتكفل الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وتصديق برسلي بأن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة "

ويقول الله عز وجل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )) (الصف 10-13)

هذه الآية الكريمة ينادي فيها الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين بأحب وأعظم نداء ((يا أيها الذين آمنوا)) .. يناديهم ليدلهم على التجارة الرابحة .. المضمونة الربح .. وربحها لا يعدله شيء .. إنه النجاة من عذاب الله تعالى ، ونيل رضوانه وجنته ..
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على الأعمال الصالحة التي تقربهم من الله وتباعد بينهم وبين غضبه وعذابه .. وهذا كان شغلهم الشاغل ..

روى الإمام أحمد وغيره عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال : تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله ؟ فلم يقم أحد منا .
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا رجلاً رجلاً فجمعنا فقرأ علينا هذه السورة يعني سورة الصف كلها ))

فالصحابة رضي الله عنهم عندما أرادوا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ليفعلوه فأنزل الله تعالى هذه السورة ومن جملتها هذه الآية (( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ))
ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور والتي هي محصلة للمقصود ومزيلة للمحذور..
فقال تعالى (( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) أي من تجارة الدنيا والكد لها والتصدي لها وحدها.
ثم قال تعالى يغفر لكم ذنوبكم أي إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه غفرت لكم الزلات وأدخلتكم الجنات والمساكن الطيبات والدرجات العاليات ولهذا قال تعالى ((ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم)) .
ثم قال تعالى وأخرى تحبونها أي وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها وهي (( نصر من الله وفتح قريب )) أي إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه تكفل الله بنصركم قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " وقال تعالى " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " وقوله تعالى " وفتح قريب " أي عاجل فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة لمن أطاع الله ورسوله ونصر الله ودينه ولهذا قال تعالى وبشر المؤمنين.

يقول الأستاذ سيد رحمه الله :
".. وصيغة التعبير بما فيها من فصل ووصل ، واستفهام وجواب ، وتقديم وتأخير ، صيغة ظاهر فيها القصد إلى إقرار هذا الهتاف في القلوب بكل وسائل التأثير التعبيرية .
يبدأ النداء باسم الإيمان ((يا أيها الذين آمنوا)) ، يليه الاستفهام الموحي ، فالله سبحانه هو الذي يسألهم ويشوقهم إلى الجواب ((هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم))
ومن الذي لا يشتاق لأن يدله الله على هذه التجارة ؟ .. وهنا تنتهي الآية ، وتنفصل الجملتان للتشويق بانتظار الجواب المرموق .. ثم يجيء الجواب وقد ترقبته القلوب والأسماع : ((تؤمنون بالله ورسوله)) .. وهم مؤمنون بالله ورسوله .. فتشرق قلوبهم عند سماع شطر الجواب هذا المتحقق فيهم .. ((وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم)) .. وهو الموضوع الرئيسي الذي تعالجه الصورة .. يجيء في هذا الأسلوب ، ويكرر هذا التكرار ، ويساق في هذا السياق ، فقد علم الله أن النفس البشرية في حاجة إلى هذا التكرار ، وهذا التنويع ، وهذه الموحيات ، لتنهض بهذا التكليف الشاق الضروري الذي لا مفر منه لإقامة هذا المنهج وحراسته في الأرض ، ثم يعقب على عرض هذه التجارة التي دلهم عليها بالتحسين والتزيين ((ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)) .. فعلم الحقيقة يقود من يعلم إلى ذلك الخير الأكيد .
ثم يفصل هذا الخير في آية تالية مستقلة ، لأن التفصيل بعد الإجمال يشوق القلب إليه ، ويقره في الحس ويمكن له ..
((يغفر لكم ذنوبكم)) .. وهذه وحدها تكفي ... فمن ذا الذي يضمن أن يغفر له ذنبه ثم يتطلع بعدها إلى شيء ؟ أو يدخر في سبيلها شيئًا ؟ ولكن فضل الله ليست له حدود ((ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ، ومساكن طيبة في جنات عدن))

وإنها لأربح تجارة أن يجاهد المؤمن في حياته القصيرة ـ حتى حين يفقد هذه الحياة كلها ـ ثم يعوض عنها تلك الجنات وهذه المساكن في نعيم مقيم .. وحقًا .. ((ذلك الفوز العظيم))

وكأنما ينتهي هنا حساب التجارة الرابحة ..وإنه لربح ضخم هائل أن يعطى المؤمن الدنيا ويأخذ الآخرة ..فالذي يتجر بالدرهم فيكسب عشرة يغبطه كل من في السوق .. فكيف بمن بتجر في أيام قليلة معدودة في هذه الأرض ، ومتاع محدود في هذه الحياة الدنيا ، فيكسب به خلودًا لا يعلم له نهاية إلا ما شاء الله ، ومتاعًا غير مقطوع ولا ممنوع .ا.هـ (الظلال6/3559)

ولقد تم في عهد الإيمان الحقيقي .. العديد من هذه الصفقات الرابحة .. بل إن حياة الصحابة الكرام رضي الله عنهم ما كانت إلا عبارة عن سلاسل متتالية من هذه الصفقات .. فقد امتلأت قلوبهم بالإيمان واليقين .. فالنفوس المؤمنة فقط هي التي توقن وتثق بموعود الله تعالى .. والنفوس المؤمنة حقًا .. هي التي تبذل أموالها وأرواحها في هذه التجارة الرابحة التي لا يعرف سوقها الكساد ..
والأمثلة التي ضربها السلف الصالح على ذلك كثيرة .. ونفرد لها بابًا مستقلاً إن شاء الله تعالى .


والذي ينبغي على كل مسلم ومسلمة هو الدخول في هذه التجارة وفي هذا العقد ، لا بد لكل من أراد النجاة أن يبيع نفسه وماله لله تعالى .. وهذا الأمر ليس بالشاق أو العسير على أهل الإيمان وأهل القرآن .. لأن الإيمان والقرآن يدفعان صاحبهما دفعًا لهذه البيعة المباركة ..
يقول الله تبارك وتعالى :
(( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ )) (29)فاطر
يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به ويعملون بما فيه من إقام الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله تعالى في الأوقات المشروعة ليلا ونهارا سرا وعلانية "يرجون تجارة لن تبور" أي يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله.
فدراهم معدودة تتاجر بها مع الله جل وعلا .. تنال بها عز الدنيا وشرف الآخرة ..
وكيف لا تفعل وأنت تدخل في تجارة مع الله تعالى ، وهو الله العظيم العلي الكبير الخالق سبحانه وتعالى .. مالك الملك .. الله جل وعلا .. ذو الجلال والإكرام .. صاحب الكبرياء والعظمة .. الذي بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير ..
ولو لم يكن هناك شيء في هذا العمل إلا أنك أيها العبد الضعيف الصغير الفقير تدخل في تجارة مع الله تبارك وتعالى .. لكفى بها نعمة .. ولكفى بها عزًا وشرفًا وكرامة ..
فهذه فرصة العمر .. فلا تضيعها .. فتندم حين لا ينفع الندم .. لذلك يدعو الله تعالى عباده المؤمنين .. لأن يبيعوا أموالهم وأنفسهم في زمن البيع (وهو الدنيا) .. من قبل أن ينتهي السوق وتنتهي التجارة .. فتجد نفسك من الخاسرين .. وحين يقبض البائعون أموالهم وأنفسهم الثمن من الله تعالى .. تجد نفسك مع الخاسرين .. لا نصيب لك في الربح .. والعياذ بالله
وتأمل هذا النداء الرباني الرحيم ..
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) (254)البقرة
قال ابن كثير رحمه الله : يأمر تعالى عباده بالإنفاق مما رزقهم في سبيله سبيل الخير ليدخروا ثواب ذلك عند ربهم ومليكهم وليبادروا إلى ذلك في هذه الحياة الدنيا "من قبل أن يأتي يوم" يعني يوم القيامة "لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة" أي لا يباع أحد من نفسه ولا يفادى بمال لو بذله ولو جاء بملء الأرض ذهبا .ا.هـ
ويقول سيد قطب رحمه الله : ".. وهي الدعوة إلى الفرصة التي لو أفلتت منهم فلن تعود ((من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ..)) فهي الفرصة التي ليس بعدها ـ لو فوتوها على أنفسهم ـ بيع تربح فيه الأموال وتنمو ، وليس بعده صداقة أو شفاعة ترد عنهم عاقبة النكول والتقصير .
ويشير إلى الموضوع الذي يدعوهم إلى الإنفاق من أجله .. فهم الإنفاق للجهاد لدفع الكفر ، ودفع الظلم المتمثل في هذا الكفر ((والكافرون هم الظالمون)) .
ظلموا الحق فأنكروه
وظلموا أنفسهم فأوردوها موارد الهلاك
وظلموا الناس فصدوهم عن الهدى وفتنوهم عن الإيمان ، وموهوا عليهم الطريق ، وحرموهم الخير الذي لا خير مثله .. خير السلم والرحمة والطمأنينة والصلاح واليقين .
إن الذين يحاربون حقيقة الإيمان أن تستقر في القلوب ، ويحاربون منهج الإيمان أن يستقر في الحياة ، ويحاربون شريعة الإيمان أن تستقر في المجتمع .. إنما هم أعدى أعداء البشرية وأظلم الظالمين لها ، ومن واجب البشرية ـ لو رشدت ـ أن تطاردهم حتى يصبحوا عاجزين عن هذا الظلم الذي يزاولونه ، وأن ترصد لحربهم كل ما تملك من الأنفس والأموال .. وهذا واجب الجماعة المسلمة التي يندبها إليه ربها ويدعوها من أجله بصفتها تلك ((يا أيها الذين آمنوا)) ويناديها ذلك النداء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
KLIM

KLIM



عقود رابحه   Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقود رابحه    عقود رابحه   Icon-new-badge30/4/2011, 04:47

في ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد الرواضيه

avatar



عقود رابحه   Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقود رابحه    عقود رابحه   Icon-new-badge1/5/2011, 03:15

دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بمروركم

أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ

لك الشكر من كل قلبي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عقود رابحه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: منتدى الاسرة :: المنتدى الاسلامي :: اسلاميات-
انتقل الى: