بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله .
" و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور "
نسأل الله عز وجل أن يجعل كلماتنا هذه جلاء غمام و تنويرا لعقبات الاقتحام و دليلا لمن يطمح الى ذروة السنام لا ترضى همته أن ترتع مع السائمة في سفوح الانهزام و الاستسلام . انه سبحانه القدوس السلام . فاتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام .
طموح هذه الكلمات يمتد الى واسع الحاضر و فسيح المستقبل معا . مراقبة و استكشافا و تطلعا . لكنه يحرص منذ البداية على جلب الأنظار و توجيه الأفكار و جمع همم البصائر و الأبصار على قضية القضايا المنسية المكبوتة في الزوايا ألا و هي قضية مصير العبد الى ربه .
لا تطمح هذه الصفحة أن تصنف في خزانة التوعيات الى جانب التوعية السياسية و الثقافية و الفنية الجمالية و ما شئت من حمولات تفرغ في أوعية الأدمغة و بواطن النفوس تتفاعل أو لا تتفاعل . تتوالد و يتغذى بعضها من بعض . و الوعاء زاخر عجاج بهوام الأفكار و محشر الهوس . أفرغت التوعيات الكونية الدماغ المثقف بثقافة العصر و النفس المائجة مع حركات الدنيا من هم الاخرة و هم المصير . و أخرست الصوت الفطري السائل عن معنى وجودي و حقيقة حضوري و غاية مروري من هذه الحياة العجيبة الغريبة .
سعادة هذه الورقة أن توقظ الواسن و تحرك الساكن ليمسك المؤمن بتلابيب نفسه و هواه و يحمل فكره على المكروه الذي تهرب منه النفس الراكدة في خبثها . ألا و هو مواجهة الذات بالسؤال المليح الصريح : أي ايمان هو ايماني ؟ و ما قضيتي مع ربي ؟ ما حقيقة اندفاعي في حماس أزعم أني مهاجر الى الله ناصر لدين الله مجاهد في سبيل الله بينما قلبي هواء خواء ؟
متى انجمع همي و توحد و متى أصبحت قضيتي مع ربي أم القضايا . عندئذ تأتي القضايا الأخرى في مرتبتها حيث تخدم الوسائل الغاية و حيث يلتحق الفرع بالأصل و حيث لا تغطي الشروط على المشروط .
جذوة ايمانك أيها المؤمن ( و المؤمنة ) تخبو و تندثر ان لم تنتظم خطرات نفسك و خلجات قلبك و عبادة جوارحك في سلك نوراني ينير الحلك و يرفعك من مهاوي الدوابية الى طهر الملك . ما ايمانك الا شتات لا ينجمع في صراع مع الهوى و الشيطان . تارة يلين لهما و تارة يمتنع . حتى اذا عقدت مع الله عقدا أن تكون له عبدا مطيعا و لرضاه الطالب الأبدي و شمرت أذيال ارادتك و كففت نوازع الروغات بصدق لا يرتاب و لا يرتد و وجهت وجهك لله و فرضت على نفسك ما تكرهه من استقامة مستديمة على ما شرع ربك و فرض و سن رسوله صلى الله عليه و سلم و عرض . فعندئذ تعرف في طريق ءاخرتك نافعتك من ضارتك .
أم أن أمواج هذا الهم لا تلطم شواطئ قارتك !
اذا فنم هادئا !
و الا فتعال نتصفح باطن قلوبنا و ظواهر هذا العالم الموار على صفحات هذه السلسلة لنعلم أي جهاد يقبل منا و من أين يبدأ الجهاد و كيف ..
اللهم أنت الخليفة في الأهل و الصاحب في السفر . فاجعل سفرنا هذا سفر هداة مهديين . و اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين . ءامين !