شمس الصباح إذا أضاءت تَغْرُبُ
والبدر ما يعلو ويزهو يشحبُ
والنهر يأسن بالركود وإن صفا
والبحر ما مج الموالح يعذبُ
والقلب ينأى بالجوارح إن غوى
وإذا تصافى بالهداية يقربُ
والنفس تصلحها الهداية والتقى
وإذا استطالت في الغواية تخربُ
والنبع في بطن التراب إذا ربى
يوما بأعماق البسيطة ينضبُ
والروض ما أهملت ري زهوره
بجفافها رغم الملاحة تعطبُ
والطير بالأوكار قَرَّ بليله
وبصبحه الأرزاقَ يسعى .. يطلبُ
والنمر يفتك بالغزالة جائعا
وبشبْعه يغفو فيغفو المخلبُ
والشعر يأتي للقريحة طائعا
حينا .. وحينا من حماها يهربُ
تزكو العقول بما لها من يقظة
وإذا تراخت أو تغابت تذهبُ
إن التأمل في الحياة سعادة
فيها ابتهاجٌ واخضرارٌ معشبُ
نضرٌ جميلٌ باهرٌ ذو سندس
حلو رقيق للقلوب مُحَبَبُ
عذبٌ بهي ساطع في طيه
زهرٌ وورد للسآمة مُذْهِبُ
أما التقلُّب في الفتون فإنها
يا أيها الإنسان قفر مجدبُ
شوكٌ مقيتٌ مظلمٌ متحجرٌ
قيظٌ رهيبٌ للجوارح مُلْهِبُ
لصٌّ مكيرٌ غادرٌ متربصٌ
منها النضارةَ والحلاوةَ ينهبُ
فإذا رأيت من الفتون بريقها
وعدوُّنا فيها الْمَريدُ يؤلِّبُ
ويبث في الوجدان همس جنونه
وصفاء قلبك بالمجون يغيٍّبُ
فاحذر .. تراجع عن هواك فإنه
فيه الجهالة والهوان المسهبُ
املأ فؤادك بالضياء ولا تخف
من خصمك الملعون .. أنت ستغلبُ !
فالله أعطاك الهداية والتقى
فيها يفوز المستقيم الطيِّبُ
راقب جوارحك العديدة نابها
إن السلامة بالحياة ترَقٌّبُ
واسكن بعمرك واحة مرغوبة
فيها الكتابُ المستطابُ ومكتبُ
وبها هدوء مستطاب نَيِّرٌ
وبها حبيبٌ بالمحبة صيِّبٌ
واقرأ قصيدة شاعر متأدب
بالخير .. فالشعر الجميل تأدبُ
واحذر زهورا بالكلام تضوعت
طيبا وفيها بالفسوق تشببُ
واجه صعابك بالحياة بحكمة
ما صعْب أمر بالعزيمة يصعبُ
واعمر فؤادك باليقين فإنه
طِبٌّ لقلبك .. والحياة تطببُ
لاحق ذنوبك بالإنابة تائبا
إن الصغائر يا مُفَرِّطُ تَغْلِبُ
والرزق ما تطغى يولِّي فجأة
والخير ما تحيا بشر يُسْلَبُ
واصحب صحابا طيبين بصحبة
إن الأكارم في المعايش تصحبُ
إن الكرام المحسنين على المدى
بعبير مسك المتقين تطيبوا
ودوام حال من محال طالما
في هذه الدنيا الخلائق تنجبُ !!
يسعى الأنام بكل فج بالدنى
فيها البرايا.. والمنايا تطلبُ
لا تأمنن العيش ساعة رغده
فلرب شدته تحلُّ وتطنبُ
واختر توسطك الجميل تسامحا
طلقا يسيرا ليس فيه تعصبُ
إن كنت تغضب كالغضنفر غضبة
فاغضب إذا كان السلوك المغضبُ
فابسط مناك بخلد روضات بها
حورٌ لها للمسعدين تَحَبُّبُ
واهجر حياتك بالملاهي إنها
لذات نفس بالخطايا تخطبُ
وتقول متِّع يا غفول جوارحا
بخمور سكركما المدنس تهلبُ
بئس المفاسد والهوى والمشتهى
واللهو واللاهي .. وبئس الملعبُ
فاسلك سبيل الصالحين فإنه
نعم السبيل به المحاسن تجلبُ
وبه الطريق المستقيم بطهره
نبع .. فهيا يا رفاقي نشربُ !
سبحان من يرث البسيطة كلها
وله الخلائق والبرايا تُقْلَبُ
نرجو رضاك فجد بجودك بارئي
فيضا غزيرا باللطائف يسكبُ
ثم الصلاة على النبي المصطفى
ما لاح في الليل البهيم الكوكبُ
والآل آل البيت ما هبت صبا
فيها نسيمٌ بالأريج مُطيبُ !!