من هذه الفوائد :
1 - أن العمل الصالح سببٌ لتفريج الكربات :
فإذا وقعت في ضيق ففتش عن هذه الأعمال الصالحات وادعوا الله بها
فتش عن صدقةِ سرّ قمت بها بحيث لم تدر شمالك ما أنفقت يمينُك
فتش عن أخ ساعدته لله وآخر أطعمته لله وثالث كسوته لله
فتش عن ركعتين قمت بهما في جوف الليل لم يرك فيهما أحد
فتش عن سير إلى صلاة الفجر والناس نيام
فتش عن صيام يوم لا تريد به إلا وجه الله سبحانه وتذكر قول الله تعالى :
{18} وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى{20} وَلَسَوْفَ يَرْضَى{21}
واعلم أنك لو فعلت هذه الأمور وغيرها ثم دعوت الله بها فإن الله سبحانه وتعالى سوف يرضيك ولا يسوؤك
2 - أن الإنسان كما يدخر النقود لأيامه القادمات فإنه كذلك يدخر العمل الصالح لكرباته الآتيات فمن تعرف على الله في الرخاء تعرف عليه في الشدة
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيِّمُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ " فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ :
" احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ " أحمد
3- أن مجال العمل الصالح واسع بشكل كبير لا يقتصر على صلاة وصدقة وصيام.
إنما يشمل كل نواحي الحياة..
فالبرّ عمل صالح والعفّة عمل صالح وأداء الأمانات عمل صالح وترك المحرمات عمل صالح وغض البصر عمل صالح وستر المسلمين عمل صالح وهذا من رحمة الله بهذه الأمة إذ ما من إنسان إلا ويوافق هواه نوعا من هذا السيل العارم من الأعمال الصالحة فقد يكون قيام الليل صعبا على بعض الأشخاص لكن خدمة المسلمين سهلة عنده وقد يكون صيام النّفل صعبا عند البعض لكن الصدقة سهلة عندهم وهكذا فلا تجد إنسانا إلا وقد وافق هواه نوعا من العمل الصالح وهذا من فضل الله ومّنته فإن الله سبحانه وتعالى لم يحصر العمل الصالح في نوع أو جهة أو زمان أو مكان حتى يوسع على هذه الأمة ويُكثّر المقبلين عليه سبحانه و إن سر النجاح أن يعرف المسلم أي الأعمال الصالحة هو قادر عليها متقن لها فيتمسك بها ويؤديها حتى تأتيه يوم القيامة منافحة عنه ومحاجة له .
لكن الكمال أن يمر المسلم من أمام كل عمل صالح فيوقع بقربه ليأتي يوم القيامة شاهدا له معترفا بأن فلانا قد مر من هنا
يمر أمام قيام الليل فيكتب اسمه ويمر من أمام الصدقات وقضاء الحوائج وستر العورات وحسن الخلق وصلاة الفجر في المسجد فيوقع بقرب كل عمل صالح أن فلانا قد مر من هنا وهو يطمع أن ينادى يوم القيامة من أبواب الجنان المختلفة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ: " نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ " متفق عليه
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى :
( اعلم أنه لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله ولا ينبغي أن يتركه مطلقا بل يأتي بما تيسر منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أمرتكم بشيء فأتوا من ما استطعتم " متفق عليه ) الأذكار للإمام النووي
ومن فوائد العمل الصالح الأخرى أن الله سبحانه وتعالى اشترطه للحياة الطيبة والهنية والسعيدة ولم يشترط لها أي شرط آخر سوى الإيمان
{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } النحل97
فإن كنت راغبا في الحياة السعيدة متشوقا لها فقدم العمل الصالح على راحة الرضا تأتيك الحياة الطيبة على طبق السعادة
ومن فوائد العمل الصالح أيضا أن الله جعله جسرا للتمكين في الأرض وجعله سببا للحصول على الأمن في الدنيا قبل الآخرة {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55