بين يدي السطور:
حين يسعد البيت بـ" قوة " لا تستلزم " ضعف " الآخر.!!
فضلاً.. أنصت للآخرين!
نعم.. قد يحق لبعض الناس أن يقول في وصف شريكي حياة وبيت: "امرأة قوية ورجل ضعيف"!
وذلك في صور حقيقية تجافي الفطرة السوية؛ من تسلط مشين، يقابله خنوع مهين!
لكن لآخرين.. في صور مغايرة.. أن يقولوا:
"امرأة حازمة ورجل حكيم!"..
في بيت رُزق بامرأة صالحة ذات عقل راجح؛ يَكِلُ إليها زوج فاضل ذو بصر نافذ.. إدارة كثير من شؤون المال والعيال!
ولغيرهم أن يقولوا.. في صور عديدة لبيوت سعيدة:
"امرأة ناصحة وزوج رشيد..!"..
"وامرأة مربية وزوج معين..!"..
إلى غيرها من الأوصاف التي تشهد بـ"قوة محمودة" لنساء تربين في بيوت صالحة؛ فاغتنم أزواجهن ذلك لصلاح بيتهم الجديد؛ فسعدوا جميعاً؛ بقوةٍ لا تستلزم ضعف الآخر!
قدوة القوة من أم سلمة..!
ومن شمائل أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، التي تعد من أكمل النساء عقلاً وخُلُقاً، نستلهم "قدوة" – وأي قدوة!- لنساء الأمة في مفهوم "القوة": فمن قوتها في الصبر والاحتمال:
ثباتها حين فقدت زوجها أبا سلمة رضي الله عنه (وهما من السابقين إلى الإسلام والهجرة)، وتسببها للأمة كلها في الذكر المبارك الذي أوصاها به رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها" (رواه مسلم). والذي من بركاته أخلف الله به عليها: خير البشر زوجاً كريماً صلى الله عليه وسلم.
ثم كان من قوة فهمها ورجاحة عقلها: ما عمل به قائد الأمة ومعلمها صلى الله عليه وسلم في إحدى وقائع التاريخ والسيرة التي لا تُنسى؛ وذلك حين صالح أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم، فلما فرغ قال لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، فلم يقم منهم رجل، بعد أن قال ذلك ثلاث مرات! فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل مهموماً على زوجه أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت له أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فقام - صلى الله عليه وسلم - فخرج فلم يكلم أحداً منهم كلمة فنحر بدنته ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً (من سرعة المبادرة في الفعل) (رواه البخاري).
وإنه لدرس مزدوج من بيت النبوة؛ فهو من جهة: درس لنساء الأمة في مكامن القوة.. وأن من أفضلها في المرأة: قوة عقلها وحسن مشورتها ومعونتها لزوجها في الملمات.
ومن جهة أخرى: درس للرجال في حسن تقدير الزوجة، والاستفادة من مواهبها!
انتهاء الصلاحية..!
إنها إذن: قوة بنـّاءة، غير هدّامة؛ فهي لا تمس "رجولة"، ولا تنزع "قوامة"!
بل هي قوة تتجلى في تطويع صفات الحزم والحكمة والصبر والاحتمال، وغيرها من الصفات الإيجابية؛ لما فيه صلاح البيوت وعامريها!
ومن ثم.. فإن أول يوم تتحول فيه قوة المرأة الصالحة الناصحة.. إلى "تسلط جائر" بخلاف ما أثبته الشرع من حسن التبعل، وطاعة الزوج بالمعروف.. هو نفسه "آخر يوم" لصلاحية هذه القوة!!
فلا أفسد الله على النساء الحازمات ما منحهن من خير وقوة.. بالسقوط في هذه الهوّة!!
حروف الختام.. وماذا بعد؟!
أُنفضي – أختي - غبار الحسرة على زمان استُعملت فيه القوة في الصياح والمراء.. وفتشي الآن في مواطن قوتك الكامنة عما تصلحين به من حال زوجك وذريتك..!
وللزوج: أعنْها بلينٍ وقبول بالمعروف.. لتضيفَ قوتها إلى قوتك في صلاح بيتك