إلى أين بتبرجك ؟
عجبــــــــا من امرأة خرجت من خدرها إلى الطرقات "عروسا" ؛ قد أخذت زخرفها و تزينت ... لسان حالها يقول : ألا تنظرون لهذا الجمال ؟ ... تعرض جمالها كما يعرض بائع الحلوى ما عنده مزينا ؛ ليسترعي الأنظار و يغري النفوس فيتهافت الجياع النهمون .
كيف ترضين أن تكوني سلعة رخيصة ؟ كيف خلعت حجابك و خلعت معه الحياء و الوقار ؟ يا للفضيحة ! يا للعار !
أما تبصرين أن جمالك المزور هذا يخفي ما حباك الله به من جمال فطري و يشذ عن الطبيعة و يخالف الذوق السليم ؟ فإن الله لم يخلق جفونا زرقاء لامعة و لا سوداء قاتمة إلا للقردة و الكلاب , و لم يخلق سبحانـــه حواجب هلالية تذكر من يراها بأساطير تصف الشياطين , و لا أظافر مدببة كأنها مخالب حيوان .
قل للجميلــــــــــة أرسلت أظفارها
إني لخوف كدت أمضي هاربــــــــــــا
بالأمس أنت قصصت شعرك غيلة
و نقلت عن وضع الطبيعـــــــــة حاجبا
و غدا نراك نقلت ثغــــرك للقفـــــا
و أزحت أنفك رغــــم أنفك جانبــــــــــا
من علم الحسنـــــاء أن جمالهـــــا
في أن تخالف خلقهـــــا و تجانبـــــــــــا ؟
أما علمت أن "الرأس الفارغة تحتاج إلى الزينة" ؟ و أن تبرجك يدل على جهلك ؟ أتفسقين مع من فسق ؟ أتخجلين من استلفات الأنظار لحيائك و تفخرين بجهلك و نظرات الازدراء و الاحتقار ؟ بمن اقتديت ؟ (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم و ختم على سمعه و قلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) الجاثية : 33 .
إن الشعوب المتوحشة أبرز ما تميزت به العرى و الإباحية في العادات و التزين بالريش و العظام و القواقع و تغيير لون الشفاه و الخدود و العيون و إطالة الأظافر و الرقص العنيف , و هذا ما تقهقرت إليه الشعوب الغربية التي تجرف معها من غفل و قلد و فقد شخصيته , فلا تخدعي نفسك ، لا تتبعي الحضارة الخرقاء و القلوب العمياء .
تعقلي فتبرجك خطر عظيم فصل الزوج من زوجه و حسر قلوب النساء و الرجال و دعا إلى الحرام و الزنا , و لا تبيعي الجنة بثمن بخس لأجل متعة وقتية ، أطيعي الله فما حرم الله أمرا إلا لأن فيه ضرا ، و لا تظلمي نفسك بعد أن عرفت الحق (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها و ليضربن بخمرهن على جيوبهن ) النور :30 . ليس لك أن تختاري برأيك و إلا كنت عاصية ضالة (و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب : 36 .
إن النائم إذا لم يستيقظ بلمسة حنون وهزة لطيفة ههززناه بقوة و لكزناه و ما ذلك إلا خوفا و حرصا عليه من الخطر ؛ و لذلك قسونا في الكلام . اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك أبدا حتى نلقاك، وأسعدنا بتقواك ولا تشقنا بمعصيتك .
المرجع : كتاب التبرج للكاتبة نعمت صدقي بتصرف