ولدت في ظروف لن تكون أصعب مما هي عليه ، نعم لقد ولدت صماء ، عمياء وبالتالي خرساء .... إذا فأداة التواصل بينها وبين العالم هي حاسة اللمس فقط !
قصة هذه الفتاة قصة تقشعر البدن ، و تجعلنا جميعا نحمد الله على نعمه ، وننظر إلى مصائبنا مهما كانت كبيرة كأنها صغيرة ، فلن نفقد الأمل فالأمل موجود والحياة مستمرة ولن نتوقف حتى نموت !
ولدت هيلين كيلر سليمة في ولاية ألاباما في الولايات المتحدة الأميريكية ، والدها اسمه آثر كيلر ووالدتها اسمها كايت آدمز كيلير ، ظلت هيلين طبيعية إلى أن بلغت من العمر 19 شهر ، حيث أصيبت بمرض (التهاب السحايا والحمى القرمزية)والذي أدى إلى اصابتها بالعمى والصمم ، أصبحت هيلين كيلر شرسة و لا تقبل بأحد ودائما البكاء والصراخ بسبب أنها فقدت أهم حواس لها للتفاعل والتواصل مع العالم الخارجي ....
اكتشفت العائلة أن ابنة طباغ العائلة ( مارثا واشنطن ) البالغة من العمر 6 سنوات تستطيع أن تفهم ما تريد هيلين وما تشعر به ، وبهذا استطاعت مارثا أن تعلم هيلين 60 اشارة أساسية لتعبر بها عن احتياجاتها .
في عام 1886 ألهمت كايت آدمز ( والدة هيلين ) بقصة فتاة تدعى ( لورا بردجمام ) والتي كانت صماء وعمياء أيضا وبالرغم من هذا استطاعت أن تحصل على شهادة باللغة الإنجليزية ، وهذه الفتاة كانت تحت إشراف وتدريس الطبيب ( Dr. J . Julian ) فتوجهت كايت إليه ومعها هيلين في مدينة بالتمور لمقابلته وطلب مساعدته ، فنصحها بالذهاب إلى البروفيسور المشهور (جراهام بيل) والذي كان يعمل في مجال تعليم الأطفال المصابين بالصمم ، فأشار إليها جراهام بأن تتوجه إلى معهد بركينس لفاقدي البصر حيث تعلمت لورا بردجهام هنالك ، والذي كان في جنوب بوسطن ، وهنالك تم اختيار الأستاذة ( آن سولفيان ) من قبل المعهد ، والتي كان عمرها 20 سنة ، وهنا بدأت الرحلة بين الأستاذة العبقرية وبين هيلين كيلر في تعلم كيفية التواصل مع العالم !
أخذت ( آن ) الإذن من والدي هيلين بالسكن في بيت صغير خارج المدينة ، وذلك لتنفرد آن بهيلين وتستطيع أن تقوم بالتركيز على تعليم هيلين طريقة لتستطيع أن تفهم غيرها عن طريق اللمس فقط !
كانت القفزة الكبيرة ، والنقلة العظيمة في محاولات ( آن سولفيان ) لتعليم هيلين ، كانت عندما اكتشفت هيلين أن هنالك شخص يريد توصيل إليها معلومة ( آن ) حيث كانت ( آن ) تصب الماء البارد على يد هيلين وتكتب حروف وهمية في كف هيلين ! وبهذا تعلمت هيلين أن عندما نقصد (الماء) تكتب هذه الحروف .... ومن ثم بدأت ( آن ) بتعليم هيلين الأشياء الأساسية ، ومن بينها كانت لعبة هيلين الثمينة والتي كانت هدية من معلمتها.
بعد أن بدأت هيلين فهم الحياة من حولها وتعلمت كيف تعيش وكيف تتصرف ، أخبرتها ( آن ) بقصة الفتاة النرويجية (راغنهيلد كاتا) والتي كانت أيضا صماء وبكماء ولكنها تعلمت الكلام ، فهنا طلبت هيلين من معلمتها أن تقوم بتعليمها الكلام ....
وهنا بدأت ( آن ) بتعليم هيلين الكلام بطريقة الـ Tadoma والتي كانت تعتمد على لمس شفاه الاخرين وحناجرهم عند الحديث وطباعة الحرف على كفها.
بعد مدة وجيزة تعلمت هيلين طريقة برايل ، واستطاعت القراءة من كتب مكتوبة بطريقة برايل ، واستطاعت هيلين من قراءة برايل باللغة الإنجليزية والألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية !
وبعد مرحلة ، عادت هيلين لتعلم الكلام ، وذلك لأنها في المرة الأولى كانت تتكلم بصوت غير واضح ولغة غير مفهومة ، فاستعانت ( آن ) بالمعلمة القديرة (سارة فولر ) والتي كانت تعمل رئيسة لمعهد (هوارس مان) للصم في بوسطن وبدأت المعلمة الجديدة مهمة تعليمها الكلام، بوضعها يديها على فمها أثناء حديثها لتحس بدقة طريقة تأليف الكلمات باللسان والشفتين.
وانقضت فترة طويلة قبل أن يصبح باستطاعة أحد أن يفهم الأصوات التي كانت هيلين تصدرها. لم يكن الصوت مفهوماً للجميع في البداية، فبدأت هيلين صراعها من أجل تحسين النطق واللفظ، وأخذت تجهد نفسها بإعادة الكلمات والجمل طوال ساعات مستخدمة أصابعها لالتقاط اهتزازات حنجرة المدرسة وحركة لسانها وشفتيها وتعابير وجهها أثناء الحديث.
وتحسن لفظها وازداد وضوحاً عاماً بعد عام في ما يعد من أعظم الانجازات الفردية في تاريخ تريبة وتأهيل المعوقين.
ولقد أتقنت هيلين الكتابة وكان خطها جميلاً مرتباً. ثم التحقت هيلين بمعهد كامبردج للفتيات، وكانت الآنسة سوليفان ترافقها وتجلس بقربها في الصف لتنقل لها المحاضرات التي كانت تلقى وأمكنها أن تتخرج من الجامعة عام 1904م حاصلة على بكالوريوس علوم في سن الرابعة والعشرين.
ذاعت شهرة هيلين كيلر فراحت تنهال عليها الطلبات لإلقاء المحاضرات وكتابة المقالات في الصحف والمجلات. بعد تخرجها من الجامعة عزمت هيلين على تكريس كل جهودها للعمل من أجل المكفوفين، وشاركت في التعليم وكتابة الكتب ومحاولة مساعدة هؤلاء المعاقين قدر الإمكان. وفي أوقات فراغها كانت هيلين تخيط وتطرز وتقرأ كثيراً، وأمكنها أن تتعلم السباحة والغوص وقيادة العربة ذات الحصانين.
ثم دخلت في كلية (رادكليف) لدراسة العلوم العليا فدرست النحو وآداب اللغة الإنجليزية، كما درست اللغة الألمانية والفرنسية واللاتينية واليونانية. ثم قفزت قفزة هائلة بحصولها على شهادة الدكتوراة في العلوم والدكتوراة في الفلسفة ، حيث كانت أول شخص أصم وأبكم يحصل على شهادة دكتوراة !
اقتباسات هيلين كيلر : صحيح أن العالم مليء بالمصائب ، ولكنه بالمقابل مليء بتخطيها .
لا يمكن أن نتعلم كيف أن نكون صبورين وشجعان إذا لم يكن هنالك في العالم سوى الفرح والسعادة.
عندما يُغلق باب للسعادة فإنه وبنفس الوقت يفتح باب آخر ، ولكننا ننظر بشدة على الباب المغلق لذا لا نرى الباب المفتوح أمامنا .
وحدنا نستطيع عمل أشياء قليلة ، ولكن مجتمعين مع بعضنا نستطيع عمل الكثير. هذه الفتاة أثبتت للعالم أجمع أنه لا شيء اسمه مستحيل ، وأن الإنسان يجب ألا يفقد الأمل مهما كانت الظروف ، وأن يطلب العلم حتى لو كان من غير حواس للتعلم !