هناك اعتداء عملى فعلى مثل الاعتداء بالضرب والقتل . هذا أكبر من الايذاء . وهناك اعتداء بالقول على الغير مثل التوبيخ والتأنيب واللوم و المعايرة والمنّ وكلمات الاحتقار والسب والشتم والاتهام للابرياء بالكذب و البهتان . هذا هو الأذى القولى .
ونعطى أمثلة :
1 / 1 كان خاتم النبيين يتعرض لحملة تشويه من المنافقين فى المدينة ،فأمره الله جل وعلا بالاعراض عنهم وعن أذاهم وعدم طاعتهم : ( وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَك&oslasَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا )( الاحزاب 48 ). وذكر رب العزة نموذجا لأذاهم القولى لخاتم النبيين ، وهوز اتهامهم له بأنه (أذن ) أى يعطى إذنه يسمع لهذا وذاك ، ودافع رب العزة عن خاتم النبيين فقال جل وعلا :( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )( التوبة 61 ).
وشارك فى هذا الأذى القولى للنبى محمد عليه السلام بعض المؤمنين خارج نطاق المنافقين ، أى فعلوا مثلما فعله بعض بنى اسرائيل مع موسى حين اتهموا موسى بتهم شنيعة فبرأه الله تعالى من تلك التهم الباطلة. ووقع بعض الصحابة المؤمنون فى نفس الجريمة فاتهموا خاتم النبيين كذبا وبهتانا فقال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا )(الاحزاب 69)
1/ 2 : وجاء بأشدّ أنواع التأكيد السارى على كل زمان ومكان خطابا للمؤمنين المتبعين للحق أنهم سيعانون البلاء فى الأنفس والأموال ، وأنهم سيسمعون من الكافرين المعتدين من أهل الكتاب وأصحاب الديانات الأرضية الكثير من الأذى القولى ، وأن المؤمنين المتقين عليهم بالصبر فى الرد على أذى أولئك المعتدين ، يقول جل وعلا : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) ( آل عمران 186 ).
1 / 3 : وفى كل الأحوال فلو تمسك المسلمون الحقيقيون بالتقوى فلن يهزمهم المعتدون من أهل الكتاب فى أى معركة حربية ، ولن ينالوا منهم سوى الأذى القولى من السب والشتم والاتهامات الكاذبة : ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ) ( آل عمران 111 )
والواضح أن الأذى القولى جريمة يقع فيها من أدمن العدوان من المنافقين والكافرين ،وأولئك لا يتوقف أذاهم القولى على الضحايا من المؤمنين الملتزمين بل يتعداهم الى إيذاء الله جل وعلا ورسوله ، ومن هنا وجّه رب العزة لهم إنذارا بما ينتظرهم من عذاب أليم ولعنة رب العالمين فى الدنيا والآخرة إن لم يتوبوا :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا )( الاحزاب 57 : 58 ). ولو كان ضحية الايذاء القولى بريئا من اتهاماتهم الكاذبة فقد احتمل أولئك الجناة بهتانا وإثما مبينا ، فالعادة أن بعض المجرمين يحلو لهم أن يتهموا الأبرياء المؤمنين المسالمين بجرائم يدمن أولئك المجرمون انفسهم إتيانها ، فيتهمون الأبرياء ظلما وعدوانا بارتكاب تلك الجرائم . ، وجاء هذا فى قاعدة قرآنية عامة سارية المفعول فى كل زمان ومكان الى أن تقوم الساعة لذا تقول تلك القاعدة : ( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا )( النساء 112 ).
1 / 4 : ومن آداب الصدقة أن يتعفف المؤمن عن المنّ والأذى القولى ، يقول جل وعلا : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى ) ( البقرة 262 : 264 ).
2 ـ ويقع الأذى من مصدر خارجى لا شأن للانسان به ، مثل المرض ، والحيض والمطر والحشرات الضارة ، وكلها أذى.
2 / 1 فالأذى بمعنى المرض وحشرات الرأس جاء فى قوله جل وعلا : ( وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) ( البقرة 196 )
2 / 2 : والمحيض أذى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)( البقرة 222 )
2 / 3 :وكذلك المطر (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا )(النساء 102 )
3 ـ وجاء الأذى عقوبة للشواذ من الذكور ، وهو هنا يعنى اللوم والتوبيخ والتقريع دون ضرب أو أذى جسدى ، يقول جل وعلا : ( وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا )(النساء 16 )
هذه المقالة تمت قرائتها 20