يقول تعالى في سورة البقرة " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" البقرة / 245 .
ويقول تعالى في سورة الحديد " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ... الحديد / 11 – 12 .
* من أكثر أساليب القرآن تأثيرا في الدعوة للصدقة أن يجعلها القرآن الكريم قرضا لله تعالى , وأن الله تعالى يرد ذلك القرض مضاعفا , وقد تكرر هذا الأسلوب كثيرا في القرآن ، كقوله تعالى في سورة التغابن " إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ.التغابن 17 " وفي سورة الحديد " إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ: الحديد / 18 " وغير ذلك في سورتي المائدة والمزمل . ونقتصر من الأمثلة السابقة بالمقارنة بين آيات سورتي البقرة والحديد ..
* ففي السورتين اتفقت الآيتين في بدايتهما ,فقالتا " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَه" ولكن كيفية مضاعفة الآجر اختلفت فيهما , ففي سورة البقرة " فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً.. إلى آخر الآية " وفي سورة الحديد " فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ.. " .
والمعروف أن الله تعالى يضاعف الأجر على الصدقة في الدنيا قبل الآخرة , يقول تعالى " وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ: سبأ : 39 " والله يضاعف الرزق ويخلفه ليس فقط في المال ولكن في الصحة والسعادة والأولاد والطمأنينة النفسية والاجتماعية . وهكذا فإن حساب الثواب الدنيوي لا يقتصر على الرزق الظاهر ولكن الأهم منه هو الرزق الخفي الذي لا ينتبه له الكثيرون. وعن مضاعفة الأجر في الدنيا لمن يتصدق ويقرض الله تعالى قرضا حسنا, يقول تعالى "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" فهذه الآية في سورة البقرة تتحدث عن مضاعفة الأجر في الدنيا .
أما الآية الأخرى في سورة الحديد فهي تتحدث عن مضاعفة الأجر للمتصدق في يوم الدين , اليوم الآخر بالإضافة إلى الدنيا , يقول تعالى " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَه" أي في الدنيا , " وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ" أي في الآخرة وفي هذا اليوم يسعى نورهم بين أيديهم وأيمانهم ويتلقون البشرى بالخلود في الجنة .. " يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.. " .
وهذا هو الفارق بين الآيتين المتشابهتين وأجر المتصدق فيهما بين الدنيا والآخرة .