الاحتياط فرض كفاية : المكاسب الكثيرة تعني أن الخسائر ستكون أكثر إيلاماً !
وبعد : أردت فقط أن أكتب عبارة تبدو حكيمة مع أنها لا تعني شيئاً ، الأمر لا علاقة له بمن يقرأ ، إنه يعنيني فقط فأنا أحب إيهام نفسسي بالحكمة بين الحين والآخر وبالمناسبة فهذا كلام سبق أن قلته ، وهذا يعني أنني لست حكيماً بما يكفي ، أنا فقط أعيد تدوير الكلمات لتبدو لي وكأنها تقال للمرة الأولى ، وهذا يساعد أوهامي في الاستمرار دون عقبات !
والحكمة كلمة بالغة الخطورة لأنها أحد مشتقات الفعل " حكم " ، ومشتقات هذا الفعل أكثر قابلية للاشتعال من مشتقات البترول ! وللتو ألاحظ أن الحُكم ، والحِكمة كلمتان تنتميان لنفس العائلة إلا أن قطيعة رحم تسيطر على علاقتيهما ، لا يتلقيان كثيراً ومن الصعب وجود إحداهما في نفس المكان الذي تتواجد فيها الأخرى ! ولشديد الأسف فإنه لايبدو أنه هنالك أية مساع لتقريب وجهات النظر بينهما ، وكثيرون سعداء بهذا الشقاق العائلي ! . . تحذير مكتوب على سقف وطن : المواطن مادة قابلة للاشتعال ، عدم تخزينه بصورة جيدة قد يتسبب في حرائق لايمكن السيطرة عليها.. . . ويبدو أن كاتب التحذير حكيم مثلي ، فسوء التخزين جعل اشتعال مواطن في تونس يؤثر على كامل المستودع ! حين انتقلت الحرائق إلى مصر غير الرئيس حكومته ، والمحافظين وأشياء أخرى ، ولم تخمد النيران لأن الحل ببساطة يكمن في تغيير الشعب ، فمن الواضح أن هذه الشعوب لم تعد تلائم متطلبات حكامها ويجب استبدالها في اسرع قهر ممكن ! لابد من محاربة هذه الشعوب بسلاحها ، وأن ينظم هؤلاء الحكام احتجاجات كما تفعل الشعوب وسيكون جميلاً أن يحرق أحدهم نفسه ، وكم سيكون أجمل لو أحرقوا أنفسهم جميعاً ، لكنهم لن يفعلوا ذلك لأنهم ليسوا حكماء بما يكفي ..
الماء هبة السماء للأرض ، للحيلولة دون احتراق المواطنين : اتتبع المقالات التي كتبت عن جدة ، لعلي أجد اختلافاً عن ما كتب في السنة الماضية أو سنين سبقتها ، ولا أجد فرقاً يذكر ، وحين قررت أن أكتب شيئاً وجدت أني سبق أن كتبته ولم تفلح محاولاتي في إعادة تدوير الكلام .. قررت أن أخرج في مظاهرة ، لابد من الصراخ بصوت عال فالكتابة لم تعد تجدي نفعاً .. ولكن علاقتي بجيراني ليست جيدة ، وسيتأكدون حين يشاهدونني أصرخ في الشارع أني مختل عقلياً ، فهم سبق وأن قالوا مثل هذه العبارات دون مبرر منطقي ـ كما أعتقد ـ ، والأصدقاء الذين أعرفهم أنذال بما يكفي أن يتركوني بعد أن تبدأ مظاهرتي بعشر ثوان على الأكثر ! . كنت أمام خيارين إما أن أقنع أصدقائي أن نخرج في "كشتة " بريّة في منطقة بعيدة ونتظاهر هناك دون أن نزعج أحد ، ولكن هذا الخيار لم يلق استحسان الأصدقاء وتم التخلي عنه بعد اختلافات حادة بيننا على " القطّة " .. الخيار الآخر كان أن أتظاهر في حوش منزلنا .. وعزز هذه الفكرة أنها تخلو من المحاذير الشرعية ، فهذه المظاهرة لن يكون فيها اختلاط ، ولن ينشغل بنا أصحاب الفضيلة كثيراً وهم يبينون عوج تصرفتنا وأن التظاهر لايختلف كثيراً عن عمل الكاشيرات .. ولكلي نتفرغ للتظاهر ويتفرغون هم لبيان خطورة هطول الأمطار في اوقات الدوام الرسمي مما قد يفضي إلى الاختلاط المحرم ، حفظهم الله لنا شوكة في حلوق العلمانيين أو أي حلوق أخرى يرون أنه أن من المناسب أن ينبتوا فيها ، أما الفساد وغيره من مشتقات " الخصوصية السعودية " فهو أمر هين ويمكن لأي أحد أن يتحدث عنه ولا يحتاج علماً شرعياً للحديث عنه ..
جمعت أفراد أسرتي واقنعتهم بضرورة التحرك لفعل شيء ما ، لم يعد السكوت مجدياً ، سنتظاهر بأننا نتظاهر ! وشددت كثيراً على أن تكون المظاهرة سليمة إلى أبعد حد ممكن ، ولا مبرر لتخريب الممتلكات أو تحطيم الأثاث ، وأن أي محاولة لإخراج المظاهرة عن خطها السلمي سيكون مصيرها الفشل ، وأن أي مندس بيننا سيكون مصيره مزبلة التاريخ التي وضعهتا البلدية بجوار المنزل ! اتفقنا على كل شيء ، وكان العمل منظماً ومشجعاً .. كنا فقط مختلفين على نوعية العبارات التي سنستخدمها في المظاهرة ، هل نكتب يسقط أم إلى الجحيم أم تباً لك ؟ هل نستخدم عبارات أجنبية بغرض تدويل المظاهرة أم نكتفي باللغة العربية ؟ هل نكتب من الأساس أم نكتفي بالصراخ ؟ وحانت ساعة الصفر ، وخرجنا في حوشنا ، لنتظاهر ضد ما حدث ويحدث في جدة ، وفي كل مكان ، أردنا أن تصل رسالتنا للمطر .. رددنا كلنا في صوت واحد صرخة زلزلت عرش الظلم والفساد كنا نصرخ دون توقف ولمدة ساعتين : يسقط ناصر الجوهر ، يسقط ناصر الجوهر ! كنا متحمسين أكثر مما ينبغي .. سألني طفلي الصغير الذي يبدو أنه بدأ يتململ من التظاهر بالتظاهر : من هو ناصر الجوهر ؟ قلت هو الشخص الوحيد الذي تسبب في كل ما تراه من فساد ، إنه مخترع الطاولة التي تمرر من تحتها الأشياء التي لا يراد لها أن تُرى ! قطّب حاجبيه وقال كمن يفكر في شيء لا يريد أن يتذكره : لا أعرفه ! قلت له في غضب : هو من رعى الفساد في جدة ، وفي غير جدة ، إنه مدرب المنتخب الوطني للفساد ! كرر نفس النظرات وقال : ومن هي جدة ؟ لم أجب على سؤاله ، فمن منا لا يعرف جدة ، عاصمة إعادة تأهيل الزعماء المخلوعين !
كنت سعيداً بالمظاهرة مع أني واجهت الكثير من الأسئلة الغبية من المتظاهرين ، لكنها خطوة أولى ، ومن يدري فقد نتجرأ يوماً ونخرج في مظاهرة تندد بفهد المصيبيح !
. . .
فيما عدا ذلك : قال لي وهو يتثاءب : الأحلام حق مشروع للنائمين .. كل ما يلزم للقضاء على حلمك هو أن تستيقظ ، اليقظة مشنقة الأحلام يا صديقي ! ثم نام !
أنا لست صديقه ، ولكنه يستخدم هذه الكلمة لأنها أخف وطأة على الذاكرة من حفظ الاسماء .. هو يعلم أني أقلعت عن الأحلام ، كان أمراً أسهل بكثير من الاقلاع عن التدخين .. أنا أخاف فقط ، ولكنه يحاول اغرائي بتعاطي الأحلام لأنها ـ حسب رأيه ـ أجمل من الخوف .. مع أن الأمر لا علاقة له بالجَمال ، إنه أمر تحكمه القدرة فقط ، ما الذي استطيع تحمل تبعاته وما الذي يفوق قدرتي على التحمل ! أستطيع الآن أن أخاف من كل شيء بسهولة .. كل الأشياء ترعبني .. وجوه الناس .. أعواد الثقاب .. غيمة تفكر في البكاء على سطح منزلي ! كل شيء دون استثناء لا أجد صعوبة في الخوف منه ! لكن الأحلام صعبة ، ومكلفة .. إني أخاف من أحلامي .. ولكن لم أحلم يوماً بالخوف ! . .
الاحباط فرض عين : الخسائر الكثيرة ، تعني أن الأرباح ستكون .. الخ!
ازهار القدس
موضوع: رد: الصمت بصوت مرتفع ! 31/3/2011, 17:40
الماء هبة السماء للأرض ، للحيلولة دون احتراق المواطنين :