أصدقاء للبيع !
--------------------------------------------------------------------------------
-
قرأت إعلاناً في أحد المواقع يبين رغبة أحدهم في شراء حساب على الفيس بوك على أن يكون فيه 5000 " صديق" أو مجموعة فيسبوكية يزيد عدد المنتمين إليها عن المدري كم !
وتلقى المُعلن عدداً لا بأس به من العروض من أولئك الذين لديهم رغبة جادة في بيع أصدقائهم وبأسعار مغرية !
أصدقاء الفيس بوك مخلوقات غريبة ، هذا ما أنا مقتنع به تماماً ، يتصرفون ككائنات هبطت من كوكب مجاور لتخبر الآخرين الذين هبطوا من كوكب مجاور آخر أنهم يقدرونهم كثيراً ويعتزون بصداقتهم ، مع أنهم لا يعرفونهم ولا يعلمون على وجه اليقين كم عدد الأعين في رؤوسهم ، هل هي ثلاث أم واحدة فقط كما تروج أفلام هوليود عن المخلوقات الفضائية، إلا أن فكرة بيع الأصدقاء فكرة راقت لي كثيراً !
هذا بالفعل ما أحتاجه !
أريد أن أبيع أصدقائي الحقيقين ، الذين أعرفهم قبل أن يفكر أحدهم على الطرف الآخر من الكرة الأرضية في اختراع الفيس بوك أو أي شيء آخر مشابه يجتمع فيه بشر لم يسبق أن التقوا ولكنهم أصدقاء ، يتحدثون عن سعادتهم واعتزازهم بهذه الصداقة ويبيعون بعضهم بعضا أيضاً ..
إنها وصفة رائعة للتخلص من الألم الذي يسببه وجود آخرين في حياتنا تحت مسميات كثيرة ومبررات عديدة كلها تؤدي إلى نهاية واحدة ، مزيد من الألم !
حين أتخلص منهم جميعاً في مزاد واحد ، سأعيش للحظة واحدة على الأقل وأنا لا أنتظر أحداً ولا أخشى رحيل أحد !
.
.
لدي أصدقاء رائعون ، ينقصهم بعض الوفاء لكن هذا قد يكون لعيب في طريقة الاستخدام وليس في المنتج ذاته ، لن يندم المشتري على صفقة كهذه !
الصديق الأول :
إن كنت ممن تجتاحهم السعادة في غير أوقاتها فلدي ما تحتاجه ..
إنه الصديق الذي قد تصلك رسالة منه وأنت في أوج سعادتك المملة ليقول لك " فجوة عميقة في القلب لم يملأها أحد " !
ثم تعجز في الوصول إليه لمعرفة ما الذي يحتاجه !
وهل هذه الفجوة أصيلة في قلبه يحلم بردمها أم أنها فجوة تسبب بها أحد الفارين من قلبه ذات معركة خاسرة !
يختفي فلا تعلم هو هو يبحث عن إنسان أم عن شركة مقاولات ، عليك أن تستنتج ذلك وحدك ..
إنه الصديق الذي قد تقضي معه ساعات تتحدثون عن أحزان أناس لا تعرفهم ولا يعرفهم ، لكن أحزانهم كانت أكثر إغراءً من أحزانكم !
الصديق الثاني :
قد تجتاحك لحظات غرور ، تشعر لوهلة أنك قادر على الفهم والاستيعاب ، لاحل للقضاء على هذا الغرور إلا بشراء هذا الصديق ..
سترحل عن هذا العالم وأنت تحاول فهمه ولن تستطيع ، سيحدثك كثيراً عن المباديء والأخلاق ، عن الصدق والوفاء ، عن الزمن الرديء ..
وثق أنك ستصدقه في كل مرة ، لن يساورك الشك في صدقه ، لكنك ستكف عن الدهشة بعد أن تعتاد على تصرفاته وأفعاله التي لا علاقة لها بكل ما حدثك عنه ، وستسمع منه وتصدقه مجدداً !
الصديق الثالث :
مع أن لدي رغبة في الاحتفاظ بهذا الصديق إلا أن الجميع للبيع ، لا استثناءات !
هذا الصديق بكل بساطه هو من " كب الشتا فوقي وشقق لحافي " !
قد تكون ممن يهوون الوقوف على الحافة ..
هل يستهويك صوت الزجاج المتكسر ؟
هل تريد أن تسمع مثل هذا الصوت بين أضلعك كلما رادوك الأمان عن نفسك !
إن كنت تستمتع بالارتفاع عن الأرض ثم العودة لمعانقتها بقوة ـ وهو ما يسميه البعض سقوطاً ـ فإن هذا الصديق هو ما تحتاجه بالفعل !
الصديق الرابع :
أحياناً تتملكنا رغبة في خداع أنفسنا وتضليلها ، و كلمة " أحياناً " هنا أشبه بقطعة سكر نضعها في شراب لا قيمة له مالم يكن مرّاً !
لأن هذه الرغبة حاضرة دائماً !
هذا الصديق يقوم بهذه المهمة نيابة عنك وبكل اقتدار ..
ستصدق لا محالة أنك أهم شخص في هذا الكون ، وستقتنع أن الأكسجين يأتي بعدك بمراحل من حيث الأهمية للكائنات الحية !
ستشعر أن الجميع يسترق النظر إليك ويتمتمون بحسرة محب يرعبه المستقبل : " وش خانة العمر والأيام من دونك "
الصديق الخامس :
من المهم الحصول على صديق كهذا ..
إنه من يترجم المعنى الحقيقي للحياة ، إنه الميزان الذي لا يعطيك إلا رقماً واحداً مهما وضعت في كفته !
لكل الأشياء ، الأشخاص ، الإحساس قيمة واحدة ، هي اللاشيء !
هذا الصديق قد تحدثه عن مخاوفك وآلامك وهمومك وإحساسك بأنك على وشك الهلاك ، وستتفاجأ في كل مرة أن جوابه سيكون " طيّب وإذا ؟ " !
ستحدثه عن الأحلام والآمال والطموح وستتفاجأ أيضاً أن جوابه لن يكون سوى " طيب وبعدين ؟ " !
إنه المرشد السياحي للـ" صِفر " .. فمهما ابتعدت عنه فإنه سيعيدك إليه دون عناء !
عزيزي المشتري هذه قائمة مبدئية فقط ، لدي كل ما تحتاجه من أصدقاء !
كاذبون وصادقون ومحبِطون ومحبَطون وتائهون وناقمون وصالحون وفاسدون ، سفهاء وأذكياء وأغبياء ، شيوخ ومتمشيخون ، دعاة على باب جهنم ، ومرشدون في طريق الجنّة ، أولياء وأتباع ، سادة وعبيد ، جميلون يبيعون القبح ، وقبيحون يصنعون الجمال .. !
كل ما تحتاجه في " صدر " واحد !
سيكون هنالك عروض وهدايا مع كل صديق حقيقي ، لدي أيضاً أصدقاء " انترنتيون " .. سأقدم أفضلهم كهدايا للزبائن الدائمين ..
وهؤلاء الانترنتيون بضاعة جميلة ، ولكنها غير حقيقة إنهم أشبه بلوحات سلفادور دالي أو دافينشي التي تشتري عشر نسخ منها من الحراج وتعلقها في في منزلك لتبين للآخرين أنك مهتم بالفن وتقتني أرقى وأندر اللوحات !
إنها هدايا قيمة ستزين بها جدران صدرك " الافتراضي " !
وإن أعجبتك البضاعة فقد تكون الزبون الأول الذي سأبيع عليه إخوتي " السبعة عشر " !
أهلا بك دائماً !