أحضرت قواميس اللغة العربية ، لأبحث جاهداً عن كلمات تناسب حال " ملك ملوك أفريقيا والزعيم الثوري لمتناولي حبوب الهلوسة ، محطم الأعداء ، وقاتل الخونة ، داعس الجرذان ، ومبيد الصراصير ، الأشعث الأغبر ، صاحب الخيمة العتيقة ، والطقم النسائي للحراسة " فاحترت ثم احترت ، عاجزاً عن إيجاد كلمة تليق بمقامه الوضيع !
عندها تمتمت ، " ليتني اشتريت " معجم الألفاظ الجنسية عند العرب " من معرض الكتاب " لكنت وجدت ضالتي سريعاً !!
- 2 -
كتابة مقال عن العقيد ، بعد شهر من إعلانه حرب دموية شاملة ، سيحمل الكثير من الدماء والضحايا والأبرياء ، كثيراً من الأشلاء ، ، كثيراً من الألم ، وأيضاً كثيراً من الضحك المبكي ، " وشر البلية ما يضحك " ! لم أجد لهذا الخائب ، وصفاً أدق ولا أروع من قول " أحمد مطر " : " لو مشى في طلب العلم إلى الصين لما أفلح في أن يصبح " جحشا " !! "
- 3 -
لقد اعتاد الأخرق القذافي ، على مخالفة كل القوانين والضوابط والعادات والتشريعات ، ابتداءاً من اصطحاب خيمته في الحضر والسفر ، وانتهاءاً بالتدخين في أورقة القمة العربية ! وهذا ما ألقى بظلاله حتى على تعامله مع الثورة ، بدءاً بالخطابات المليئة بالنكت والشتائم والمصطلحات الغريبة ، وانتهاءاً بضرب الصواريخ والمدافع على " شعبه " واستئجار المرتزقة لمساعدته على ذلك !
لقد فهم بن علي ما يريده شعبه ، في 28 يوماً ، وحسني مبارك في 22 يوم ، أما القذافي فقد حاول جاهداً كسر تلك القاعدة ليدخل موسعة جينيس بضرب رقم جديد ، كعدد أسنانه مثلاً ، أو كعدد أيام النفاس لإحدى الحارسات الشخصيات ، أو ربما كعدد كلمات خطابه الشهير " خطاب المظلة " ! من يدري ! وهذا ما دفع أحد الأحرار المصريين أن يصرخ : يخرب بيتك يا قذافي ، الثورات بدأت وانتهت ، وانتا لسا قاعد !
- 4 -
لعل الشيء الوحيد الذي أفلح فيه الأخرق وابنه ، هو تحديث " قاموس الشتائم الرئاسية " ، بإدخال مصطلحات جديدة " جرذان ، كلاب ، حبوب هلوسة ، زنقة زنقة ، طز طز " !!
- 5 -
أشهر كلمة سمعت في خطاباته على الإطلاق ، الجملة الشهيرة " سنلاحقهم ، زنقة زنقة ، حارة حارة ، شارع شارع " وقد اجتمع علماء اللغة العربية ، والمحللون النفسيون ، ومنظري الأحزاب ، والاقتصاديون ، وأطباء الأطفال ، ليتباحثوا في " بشو عمحس العقيد ؟! " عند قوله " زنقة زنقة " ! بحث سريع في جوجل ، عن معنى هذه الرائعة ، وجدت الآتي : " الزّنقة (بضم الزاي وفتحها، وتنطق بالقاف في تونس والجزائر والمغرب أو بالجيم المصرية كما ينطقها أهل ليبيا) هي الشارع الصغير أو الضيق، وتستعمل الكلمة في كل دول المغرب العربي ومصر، وأشهر زنق مصر "زنقة الستات" بالإسكندرية. ولها مثيلاتها في بلاد المغرب العربي، لكن تسمى هنالك " سوق النساء!
ولا علاقة لها بكلمة المصريين "زنقة" بفتح الزاي، والتي تعني: الورطة ! وإنما استعمل القذافي عبارة "زنقة زنقة" لتأكيد الإصرار على متابعة الثوار حتى لو فرّوا إلى الشوارع الضيقة التي عادة ما يتجنبها رجال الأمن !! "
- 6 -
ألقت زنقات القذافي بظلالها على الخطابات الشعبية ، والفيديوهات ، والقصائد الثورية ، وحتى على دعوات الأفراح ، وعلى ألقاب الحيوانات الأليفة ! وهنا يستخدمها الشاعر " سلطان التميمي " حاكياً عن لسان حال " أبو زنقة " : خَذلتموني أنا حَامي مصالحكم تركتمُوني لهذا الشَّعب يا رِفْقَهْ !