إن تميّـز المسلم بلباسه - لاسيما الداعية - في مثل تلك المجتمعات يُعـدّ دعوة صامتة.
امرأة عربية سافرت إلى أوربا، وكعادة بعض نسائنا عندما يُسافرن إلى أوربا يخلعن جلباب الحياء ويتقـشّـرن من ملابسهن!
سافرت تلك المرأة إلى بلد أوربي، لبست القصير لتظهر بمظهر (حضاري)!
وبينما كانت في أحد الأسواق، إذا بها ترى منظراً غريباً في تلك البلاد ترى امرأة قد غطّـت من رأسها إلى أخمص قدميها لا يُرى منها شعر ولا ظفـر..
توجّـهـت المرأة العربية (المُقـشّـرة)! إلى الأخرى المحجبة..
خاطبتها بِـحـدّة وزجرتها: مثل هذا اللباس تلبسينه هنا؟
فضحتينا بلباسك!
فشّـلـتينـا!
المرأة المحجبة لم تفهم كلمة واحدة، لكنها فهمت أنها هي المقصودة بتلك الـنبـرة!
قالت لها بلغة أجنبية: تتكلمين الإنجليزية؟
قالت: نعم
(تغيّـرت لغـة الحوار إلى الإنجليزية)
قالت: ماذا كنت تقولين؟
قالت: ما هذا اللباس؟ هذا اللباس يُلبس في بلادنا! أنت هنا في أوربا! هذا اللباس تخلّـف!
ردّت المحجبة بكل هدوء: لكنني لست عربية!
وجاء الجواب الآخـر: أنا ألمانيـة
ونـزل الجواب الثالث نـزول الصاعقة: وأنا أسلمت منـذ ستـة أشهر فقط!
صُعقت المرأة العربية (المُقـشّـرة)..
أصابها ما يُشبه الدوار وهي تسمع تلك الكلمات..
كيف؟
وتوارد سيل من الأسئلة على ذهنها..
كيف تمسكت بلباسها وهي لم تُسلم إلا منذ ستة أشهر؟
كيف تخلّيت عن لباسي الإسلامي، وأنا التي وُلدت من أبوين مسلمين؟
كيف.. وأنا التي نشأت في بلد عربي مسلم؟
كانت تلك الكلمات أقوى من كل موعظة..
وتلك الكلمات إنما جرّهـا تمسّـك تلك المسلمة بلباسها..
واليوم بعض الرجال وبعض النساء إذا سافروا حرصوا على أن لا يتميّـزوا بلباسهم وأن يلبسوا لباس القوم..
ويقول بعضهم: أخشى من المضايقـة!
ويقول آخرون: نخشى من الاستهزاء والسخرية!
الجواب في كتاب رب الأرباب: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}
أعرف أحد الدعاة دار أقطار الدنيا!
وأظن أنه يندر أن يُسأل عن بلد إلا وقد زاره، ومع ذلك لم يلبس يوماً من الأيام اللباس الإفرنجي!