خلال شهر ونصف فقط من افتتاح المركز الإسلامي بمدينة "خاركوف" شرق أوكرانيا نجحت الأنشطة الدعوية التي ينظمها المركز في تعريف 15 أوكرانيًّا بالإسلام ومبادئه وحضارته؛ لينتهي بهم الأمر إلى النطق بالشهادتين واعتناق الإسلام.
وفي بيان تلقت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه الثلاثاء 19-7-2005 قال "اتحاد المنظمات الاجتماعية في أوكرانيا" (الرائد): "منذ افتتاح المركز الإسلامي بخاركوف في يونيو 2005 والعديد من الأوكرانيين يقبلون على زيارته للتعرف على الإسلام ومبادئه وحضارته".
وأضاف: "كانت ثمرة هذا الإقبال خلال شهر ونصف اعتناق 15 أوكرانيًّا للإسلام"، مشيرًا إلى أن "المسلمين الجدد أغلبهم من فئة الشباب من الجنسين، 8 فتيات و7 شبان، ويدرس معظمهم تخصصات مختلفة في جامعات المدينة".
"فيتالي"
"فيتالي" طالب أوكراني بالسنة الرابعة في كلية الاقتصاد بجامعة خاركوف، وقد أصبح أحد المسلمين الجدد بنطقه الشهادتين يوم 12 يونيو 2005.
ويروي "فيتالي" وفق بيان "اتحاد المنظمات الاجتماعية بأوكرانيا" قصته مع اكتشاف الإسلام بالقول: إنه كان يتردد باستمرار على مكتبة المركز، خاصة القسم الروسي منها، حيث كان في حالة بحث عن الدين الذي يقنعه، ويشبع تعطشه للاستقرار والهداية.
وكان "فيتالي" يجلس الساعات داخل المكتبة مستغرقًا في قراءة الكتب المختلفة، مما لفت انتباه أحد الدعاة بالمركز الإسلامي فاقترب منه ليتعرف عليه، ووجد في يده كتابًا عن أذكار الصباح والمساء باللغة الروسية. وحينما سأله الموظف عن هذا الكتاب قال "فيتالي" في لهجة أدهشت السائل: إنه كتاب رائع جدًّا يجعلك في صلة دائمة بالرب في كل سكناتك وحركاتك من أول ما تستيقظ إلى أن تنام، يا له من شيء جميل. فسأله الداعية عن دينه فتردد في الجواب ثم قال: إنني أبحث عن دين منذ 5 سنوات، وأقرأ الإنجيل منذ فترة طويلة، ولم أهتدِ إلى دين محدد، ولكن منذ يومين وأنا أشعر بأنني ولأول مرة أجد الدين الذي يمكن للإنسان أن يعيش تحت ظله.
وبعد حوار دام ما يقارب الساعة مع "فيتالي"، كان يدور حول مواضيع تشغل فكره من بينها: قدرة الله وعظمته، حياة المسيح وموقعه في الإسلام والمسيحية، العلاقات في الأسرة والمجتمع ومع الأقارب والأصدقاء، كانت الدموع تترقرق في عينيه بعد كل فكرة تعرض عليه ويقتنع بها.
وفي النهاية أعلن "فيتالي" أنه يريد أن يصبح مسلمًا ونطق بالشهادتين، وأوضح البيان أنه "كان فرحًا جدًّا، وصار من يومها دائم التردد على المركز الإسلامي".
وعند سؤاله عن مشاريعه المستقبلية قال: أريد في البداية أن أتعلم أمور ديني الجديد.. أركان الإسلام والحلال والحرام، ثم أبدأ بدعوة أقرب الناس إلى ديني الجديد.
الاتحاد
وقد تأسس اتحاد المنظمات الاجتماعية في أوكرانيا (الرائد) في فبراير 1997 كمؤسسة اجتماعية خيرية مستقلة لخدمة الإسلام والمسلمين في أوكرانيا.
ويسعى الاتحاد لنشر الثقافة الإسلامية بين المسلمين من أهل البلاد وتعريف غير المسلمين بالإسلام، بالإضافة لبناء جسور التواصل الحضاري بين دول العالم الإسلامي وأوكرانيا وتقديم المساعدة المادية والمعنوية للمحتاجين من أبناء المسلمين.
ويُعَدّ المركز الإسلامي بمدينة خاركوف السادس في ترتيب المراكز التي افتتحها الاتحاد في أرجاء أوكرانيا، وقد تم افتتاحه مطلع يونيو 2005.
مسلمو أوكرانيا
وكانت أوكرانيا مركزًا للدولة السلافية -أقوى دول أوربا في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين- قبل أن تقع تحت قبضة روسيا، لكنها حظيت بفترة قصيرة من الاستقلال بين عامي 1917 - 1920، لتعود ثانية إلى الحظيرة الروسية، ولكن هذه المرة تحت مسمى جديد وهو الاتحاد السوفييتي الذي كان قد تبنى النظام الشيوعي. وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي نالت أوكرانيا استقلالها في 24 أغسطس 1991.
وينتمي المسلمون بأوكرانيا من الناحية الاجتماعية للطبقات الفقيرة، أما من الناحية العرقية فتعود أصولهم إلى جنسيات مختلفة تضم تتار القرم، وهم من أصول تركية، وتتار كازان، وهم من مناطق القوقاز الذين استوطنوا أوكرانيا منذ مئات السنين، كما أن هناك أعدادًا من الآذريين والشيشان والأو***، إضافة إلى أقلية ذات أصول عربية وأفريقية.
واستطاعت المراكز الإسلامية القليلة التي سمح بها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي أن تجتذب المسلمين. كما سمح للمسلمين بمزاولة شعائرهم الدينية وبناء المساجد وإنشاء الجمعيات الإسلامية.
ويعتبر تتار القرم أقدم المجموعات العرقية المسلمة في أوكرانيا، وهم السكان الأصليون لشبه جزيرة القرم الخلابة التي تقع جنوب البلاد، والذين كانوا ضحية لعملية إبادة وتهجير في العهد الستاليني، وهو ما تسبب في تناقص أعدادهم بشكل رهيب، ولكن تشهد أكرانيا حاليًا عودة أعداد منهم من المنفى.
وإلى جانبهم توجد أعداد من تتار الفولجا والأورال الذين لجئوا إلى أوكرانيا في مراحل تاريخية مختلفة، وهناك أيضًا أعداد من الشيشانيين والأذربيجانيين والأو***، إضافة إلى أقلية ذات أصول عربية وأفريقية.
ومن بين سكان أوكرانيا البالغ عددهم حوالي 48 مليونًا يوجد حوالي مليوني مسلم، وهو ما يعادل حوالي 5% من إجمالي السكان