فهذا يعني أنها فقدت هويتها أوفي طريقها لذلك.. والمتابع لما يجري يتأكد أننا أمام أزمة حقيقية اسمها «التعليم الأجنبي»- الذي ارتبط عبر تاريخه بفترات الاستعمار
أزمة من شأنها تهميش الثقافة القومية والوصول بنا في النهاية للهيمنة الغربية أو بالأحري الأمريكية.. وما يزيد الأمور تعقيدا أن التعليم الأجنبي يرتبط- الآن- بالوجاهة الاجتماعية. والسؤال: لماذا التعليم باللغات الأجنبية؟ ولماذا تكثف المدارس الأمريكية من تواجدها في مصر والوطن العربي؟ وكيف نواجه هذه الهجمة التي تستهدف هويتنا؟! هذه الأسئلة وغيرها طفت علي سطح مؤتمر علم اللغة الثالثة بكلية دار العلوم في إطار مواجهة الهجمة الغربية ومحاولات النهوض باللغة العربية والحفاظ علي ثقافتنا وهويتنا. د. بثينة عبدالرءوف رمضان قالت في بحثها الذي حمل عنوان «المدارس الأمريكية في مصر وأثرها علي النسق القيمي في مرحلة التعليم الأساسي» إن «المدارس الخاصة التي تقوم بتطبيق نظام تعليمي أجنبي انجليزي أو أمريكي أو فرنسي أو كندي تقوم بتدريس مناهج تختلف حسب البلد التابعة له وتحقق الأهداف التربوية للبلد الأصل، ومعظم هذه المدارس ارتبط دخوله إلي مصر في الماضي بفترات الاستعمار، والمدارس التي تقوم بتدريس المنهج الأمريكي هي الأكثر انتشارا في مصر.. وخلصت الدراسة التي قمت بها إلي الاختلاف بين كل من نظام التعليم الأمريكي والتعليم المصري من حيث مرجعية الأهداف وهذا يعني أن هناك اختلافا في النتائج، والتي يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط، أولا، دخول الأطفال في سن مبكرة إلي المدارس الأمريكية يؤدي إلي صراع داخل الفرد لتشكيل الهوية. ثانيا: تسهم المناهج الأمريكية في نقل القيم الأمريكية بما يؤدي إلي ضعف الولاء والانتماء للمجتمع المصري. ثالثا: تعلم المدارس الأمريكية علي تهميش الثقافة الوطنية واللغة القومية. وأضاف د. خليفة أحمد العتبري أستاذ كلية الآداب بجامعة السابع من أبريل بليبيا أن «اللغة هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيع بها الإنسان إدراك هويته، فإذا فقدت الأمة لغتها فقدت هويتها. من حق الشعوب تعلم اللغات الأجنبية بما لا يؤثر علي اللغة الأم وينعكس سلبا علي الهوية القومية. إن عصر العولمة يتطلب معرفة بمختلف للغات مع ضرورة الاحتراس من أضرارها. إن تعلم التلاميذ اللغات الأجنبية في سن مبكرة لا ينبغي أن يكون علي حساب اللغة الأساسية لتلك الجماعات والأمم. إن اللغة الأساسية هي التي تؤثر في وجدان الشخص أما اللغات الأجنبية علي أهميتها فلا تؤثر في وجدانه. إن اللغة تمثل حلقة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل». وفي «رؤية نقدية للسياسة الراهنة لتعليم اللغة العربية واللغات الأجنبية في مصر لخص د. السيد الشرقاوي أستاذ كلية الآداب بجامعة المنوفية الأمر في ثلاث نقاط، أولا: وجود «جهل» أو «تجاهل» أو «تجهيل» بالفعل الحضاري الحاسم للغة العربية بوصفها وعاء ثقافيا والأداة الأولي لتربية أجيالنا علي القيم التي نحيا بها حضاريا وأنها الحبل الذي يربطنا بأمتنا العربية وأن النهضة والتقدم الحقيقيين لا يتحققان عند التجاهل أو التغييب لهذا الفعل الحضاري للغة القومية أو عند تهميش هذا الفعل لصالح اللغة الأجنبية في العملية التعليمية. ثانيا: التناقض بين السياسة التعليمية المعلنة والواقع الفعلي في تعليم اللغة العربية واللغات الأجنبية. ثالثا: وضوح تأثير المخططات والتهديدات والترغيبات والتدخلات الخارجية المتربصة بأمتنا في السياسة التعليمية التنفيذية عموما وفي شأن تعليم اللغة العربية واللغات الأجنبية خصوصا». وحول «تجربة التعليم باللغة العربية في الجامعات السودانية» توصل د. عبدالنور محمد الماحي إلي عدد من النتائج أهمها «التأكيد من قبل الأساتذة والطلاب علي قدرة اللغة العربية علي التعبير عن العلوم العصرية نظرية كانت أم تطبيقية، كما يؤثر التعليم باللغة الأجنبية علي تحصيل الطلاب سلبا مقارنة بتعليمهم باللغة العربية». وأشار د. علي خلف إلي «دور مجمع اللغة العربية في تعريب العلوم المعاصرة» قائلا: «أصبحت اللغة مؤسسة رسمية لها هياكلها الإدارية ومناهجها في البحث وهذا ما دعا إلي إنشاء مجمع اللغة العربية بالأردن في العقد الثالث من القرن العشرين وتمثلت أهداف المجمع في عدة عناصر أساسية منها: الحفاظ علي سلامة اللغة العربية وجعلها تواكب متطلبات العلوم والآداب وتوحيد مصطلحات العلوم والآداب والفنون ووضع المعاجم العربية العامة والمتخصصة وتعريب العلوم، والعنصر الأخير- تعريب العلوم- أهم القضايا التي يهتم بها المجمع إذ أن تعريب العلوم يؤدي إلي وحدة فكرية وثقافية ويضع حدودا فاصلة للمصطلحات العلمية». وتساءل د. عمر عبدالمعطي أبوالعينين أستاذ اللغة العربية بكلية التربية بجامعة المنصورة «لماذا التعليم باللغات الأجنبية في الوطن العربي؟ ما حقيقته؟ ما ضرورته؟ ما أهدافه الحقيقية؟ وما هو دور اللغة العربية إذن في منظومة المجتمع العربي إن أبعدناها ونفيناها من منظومة التعليم؟ وهل يبقي بعد ذلك أي شيء؟ لا شك أن التعليم باللغات الأجنبية في الوطن العربي يمثل تحديا خيرا لمقدرات هذا الوطن حاضرا ومستقبلا فهو يمثل احدي حلقات الالتفاف حول اللغة العربية للقضاء عليها إن عاجلا أو آجلا. ولا يخفي أن قضية التعليم باللغات الأجنبية أصبحت ذات صخب وضجيج وحضور مفروض في كافة أرجاء الوطن العربي لأنها تتمثل بدعاوي تخلب وتخدع وهي أبعد ما تكون عن حقيقة ما تمثله وما تهدف إليه». وأكد د. عوض بن حمد القوزي أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك سعود بالرياض أن «تعلم اللغات أصبح أمرا حتميا في زمن لا مكان فيه للجاهل ولا مكان أيضا فيه للضعيف لأن اكتساب الثقافات صار أحد ميادين التسابق بين الشعوب وهو دليل علي حيويتها وتقدمها؛ إلا أن تلك الثقافات ينبغي أن تؤخذ بوعي وحذر وألا تكون علي حساب ثقافتنا وهويتنا اللغوية وإلا كانت مدمرة». وأوضح د. محمد عبدالعال «أثر التعليم باللغات الأجنبية علي اللغة العربية» قائلا: «لا يكون الأدب عربيا إلا إذا صيغ باللغة العربية وكانت أداته ووسيلته إلي القارئ والمستمع. إننا نجد بعض من وجدوا أنفسهم من خلال اللغات الأجنبية والثقافات الغربية يدعون أن العربية عاجزة عن استيعاب الثقافات الأخري وهذه مقولة من يجهل قدر العربية.ويرجع ذلك إلي تلاشي سلطات العربية داخليا ومن ثم خارجيا لأسباب منها ربط التدريس المرموق باللغات الأجنبية وشيوع ما يسمي بالمدارس الأجنبية وفقدان اللغة العربية البيئة المناسبة للنمو والتطور. وقد ترتب علي شيوع الألفاظ الأجنبية الكثير من الأضرار السلبية التي تؤثر علي الفرد والمجتمع. وتعلم اللغة الأصلية يعني النمو والنضج العقلي والنفسي وذلك لأن العربية لم تصب بالجمود كما يدعي البعض، ولا يعني اندثار بعض ألفاظها الجمود إذ ان كثيرا من الشعوب تسعي لإحياء لغاتها القديمة. وفي بحث بعنوان «اللغة العربية ومواكبة روح العصر» قالت د. نادية مضان النجار أستاذ العلوم اللغوية المساعد بآداب حلوان: «لا شك أن اللغة العربية تواجه أزمة حقيقية في الوقت الحاضر، وذلك لكونها لا تفي بمتطلبات العصر وتقصر عن مواجهة الطوفان الحضاري السريع. والحقيقة أن هذا الضعف لا يرجع إلي اللغة العربية ذاتها وإنما يرجع إلي المستعملين لها فمنهم من يفضل اللغات الأجنبية عليها بل إن منهم من يدعو إلي ترك الفصحي وإحلال العامية محلها!! وبالرغم من أن التاريخ أثبت قدرة اللغة العربية العلمية قديما إلا أن هناك عوامل متعددة عملت علي إضعاف العربية منها الحصار الثقافي الذي فرضه العثمانيون علي العرب والاستعمار وإخضاعه للعربية وتدريس العلوم باللغات الأجنبية». وأضافت د. نعيمة سالم الزليطني في بحث بعنوان «اقتراض الألفاظ الأجنبية في اللغة العربية» قائلة: «لقد أجمعت اللغات قديما وحديثا علي أنه ليس ثمة لغة تخلو من ألفاظ دخيلة عليها أجنبية عنها وهذا الأمر لم يكن موضع جدال أو مثار نقاش ولم يحتج إلي دليل لإثبات وقوعه سواء قديما أو حديثا. وهذه الألفاظ الدخيلة شأنها شأن أي غريب قوبلت من قبل مستعملي اللغة بالقبول من بعضهم وبالرفض من البعض الآخر غير أن تلك الألفاظ سواء قبلت أو رفضت هي أمر واقع في اللغة، ولغتنا العربية لم تكن بمنأي عن هذا الدخيل وذلك لأن دخول ألفاظ جديدة إلي اللغة يعتبر من طرق نمو اللغة وتطورها، ووسيلة تكتسب اللغة بواسطتها مزيدا من المفردات، ورافدا يمد اللغة بأي جديد من الألفاظ أو المعاني أو الأساليب، ولا يعيب لغتنا وجود مثل تلك الألفاظ فيها ولا يحط من قدرها ومكانتها. فحينما شرع اللغويون العرب يجمعون ويقعدون لاحظوا وجود كلمات غير عربية حتي في لغة الجاهلون وأشعارهم غير أن هؤلاء اللغويين قد نظروا إلي تلك الألفاظ العربية نظرة العرب إلي الإنسان الغريب حين يدخل في حماهم فيجيرونه ويقبلونه بينهم ويلحقونه مولي لإحدي قبائلهم فيصبح واحدا منهم وهكذا كان حال الألفاظ التي دخلت إلي لغتهم». وحول «تعريب التعليم ومنزلته في نشر المعرفة» أكد د. وليد أحمد العناني أنه «لا يمكن بناء مجتمع معرفة بغير اللغة الوطنية وتأسيسا عليه، فإن اللغة العربية ينبغي أن تكون لغة المعرفة استقبالا ونشرا وإنتاجا. ولما كان التعليم يمثل أهم وسيلة لنشر المعرفة وتعميمها ولما كان التعليم يتم باللغة لزم أن تكون العربية لغة التعليم الرئيسية». وقد خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات هي «إعادة النظر في مناهج مدارس اللغات وتنقيتها وبسط سيادة الدول العربية ممثلة في وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي علي مقررات هذه المدارس وأساليب التقويم فيها واعتماد درجاتها العلمية وأن يكون للغة العربية موقع الصدارة في هذه المدارس ولا تهمل أو تحصر في زاوية ضيقة» و«مخاطبة القادرين والغيورين علي العربية من أبناء هذا الوطن ـ وهم كثر ـ في محاولة إنشاء مدارس حديثة بمصروفات تقوم بتدريس اللغة العربية واللغات الأجنبية وأن تدخل هذه المدارس تحت منظومة التعليم الموازي ويخضع لإشراف الدولة ووزارة التربية والتعليم ويتمتع طلاب هذه المدارس بنفس الامتيازات الممنوحة للطلاب في مدارس اللغات الأجنبية» و«محاولة وضع منظومة تعليمية متكاملة ذات خطوات علمية محددة تقود كل واحدة إلي الأخري ووضع الخطوات الإجرائية والتنفيذية لهذا المشروع ثم يطبق علي بعض الدول العربية ويعمم فيما بعد و«مراعاة إسهام المجامع اللغوية في الوطن العربي والكليات المعنية بدراسة اللغة العربية وتقديمها في صورة واضحة شفافة يفيد منها الطالب» و«للتعليم رافد واحد ويترتب علي تعدد الروافد التعليمية ضياع شخصية اللغة ثم الأمة ومن ثم يتأثر الرأي العام» و«وضع ضوابط ومعايير علمية وموضوعية لاختيار النصوص وتدرجها في الفهم من مرحلة لأخري وكذلك موضوعات القراءة، وتوزع القواعد علي السنوات الدراسية ولا تتكرر من عام لآخر ويتم الاستعانة بأدوات التقنية الحديثة والحاسوب وإصلاح حال المعلم والارتقاء به نفسيا وماديا وعلميا وإلمامه بعلوم العصر وفنونه حتي ينظر إلي الطلاب بعين من يعطي لا من يأخذ و«ضرورة الاهتمام بالترجمة بوصفها أداة للتفاعل بين الثقافات ونقل معارفنا وقيمنا إلي الآخر»، و«علي وسائل الإعلام بث الوعي ونمو الشعور القومي في نفوس أبناء العربية وإقناعهم بأنها لا تقل أهمية عن غيرها من اللغات» و«زيادة مساحة عدد الساعات التي تستخدم العربية الفصحي في وسائل الإعلام لترسيخ ملكات النمو اللغوي والمهارات اللغوية والقدرة علي الإبداع لدي الطلاب
KLIM
موضوع: رد: عندما تفقد الأمة لغتها 23/3/2011, 01:13
مقالة مهمة و سائل الاعلام لها الدور الاكبر في تثقيف المواطنين و اللغة هويتهم و لا تقل العربية عن اي لغة
theredrose
موضوع: رد: عندما تفقد الأمة لغتها 23/3/2011, 03:48
هل ياتي يوم وتفقد الامة لغتها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
KLIM
موضوع: رد: عندما تفقد الأمة لغتها 23/3/2011, 03:50