يظل اسمه في السجلات الرسمية "شارع الشهيد وصفي التل" لكن اللسان الشعبي يتعامل معه باعتباره "الجاردنز" نسبة لذلك "المحل" الذي كان قائماً فيه منذ سنوات بعيدة يحمل الاسم نفسه ، وفي تعامل المواطنين اليومي فان هذا الشارع الممتد من قبالة السيفوي الى دوار الواحة ، وربما ابعد ، هو شارع بوظائف متعددة ، قد يحتوي على كل ما يحتاجه مرتادوه.
مطاعم ومقاه ومحلات تجارية ومكاتب عقارية وعيادات ومحلات صرافة ، ومقرات صحف ومواقع الكترونية ، وشقق سكنية ومكاتب تجارية وغيرها ، كل ذلك في شارع لا تتوقف فيه الحركة ، وهو يرخي بهدوء ارصفته لاقدام العابرين ، مثلما يفتح مساحته كاملة لحركة السيارات جيئة وذهابا .
في السنوات القليلة الماضية انتشرت المقاهي في الشارع الذي كان يبدو منغلقا في ظاهره ، وصارت مقاهي الجاردنز من اكثر مقاهي العاصمة ازدحاما على مدار ساعات النهار وجزء كبير من ساعات الليل ، ربما تبدأ بمقهى حمدان وتنتهي بمقهى الفوانيس وبينهما الشلال والرايق وبيت القمح وغيرها من المقاهي التي تكتظ بزبائنها من ابناء المدينة وضيوفها المقيمين.
الكلية العربية ، احدى اقدم كليات المجتمع في العاصمة ، ونادي الجزيرة بما يحمله من عراقة السنين والانجازات الرياضية ، ومطعم جبري ، فيما تستريح وزارة الثقافة ودائرة قاضي القضاه على اطراف الشارع الذي يتمسك بحداثته ، رغم ميله الخجول الى الطابع الشعبي في بعض طقوسه وممارسات رواده .
عمارات شاهقة ، تمتلئ مساحاتها بحركة الناس ، في وقت يربض فيه السيرك الروسي منذ سنوات على مساحة ما تزال بعيدة عن تزاوج الحديد بالاسمنت.
واحد من ابرز معالم حي تلاع العلي ، ان لم يكن ابرزها على الاطلاق ، في وقت يتعامل معه عشاقه على انه واحد من ابرز شوارع العاصمة التجارية.
لافتات كثيرة تنتشر على جانبي الشارع تشير الى ان اسمه "وصفي التل" لكن اللسان الشعبي سرق من الشارع اسمه الرسمي ، تماما مثلما سرق من شوارع ودواوير اخرى اسماءها الرسمية.
مطاعم متفاوتة في عدد نجومها ، وفنادق لا ترتقي الى صف النجوم العالية ، لكن عشاق الشارع ومرتاديه يعرفون ان الحياة ممكنة بكل صيغها في هذا الشارع الممتد كنهر لا يتوقف جريان الناس والسيارت فيه ، وصارت مقاهيه المتعددة امكنة جذب للفنانين والمثقفين ورجال الاعمال والعشاق القادمين جهات العاصمة الاربع ، فهي مقاه لا يبدو الاختلاط فيها غريباً ، وصار طبيعيا رؤية الفتيات وحدهن ، او رؤيتهن برفقة رجال وسط ضجيج لا يتوقف.
في شارع الجاردنز تأخذ المدينة صورتها العامرة بالحركة والحياة ، ويبدو الشارع خليطا بين الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، غير ان التآلف الذي يعيشه الشارع يشير الى اشتباك المراحل والاتجاهات في عاصمة منحازة للحياة ، ليظل هذا الشارع الانيق واحداً من صور عمان الزاهية بضحكتها ، وعبورها الواثق نحو غدها الاكثر جمالا .